بقلم محمد عبد الله سيد الجعفرى
نتحدث بكل امانة وضمير ليس بغائب عن ماذا يحدث فى الوطن العربى اكتب اليكم بكل صدق وارتياح دون الخوف ودون التطبيل تعتبر ظاهرة الفقر ظاهرة مهمة في تحديد الملامح العامة لأي اقتصاد من الدول الهامة ، فهي ظاهرة لا تخلو أي دولة منها سواءً كانت متقدمة أو نامية ، وهي قضية مألوفة ومتناولة من حيثُ إنها ظاهرة اقتصادية واجتماعية لجميع الشعوب والحضارات .إن المعاني التي تدّل عليها كلمة الفقر، هي : النقص والحاجة ، وكلاهما يؤديان بالإنسان إلى الذل والانكسار الذي يتسلل للنفس ثم الجريمة وغيرها الكثير .فنحن هنا سنحاول في إيجاز تناول المشكلة ، وطرح بعض الحلول التي ربما ستساعد في تخفيف هذه المشكلة ، الفقر للإنسان وللشعوب كالمرض ، والغنى بالمال كالصحة ، وهما مقدران من عند الله ، فإذا أراد المؤمن الغنى يسّره الله له ، وإذا أراد الفقر يسره الله له ، وأصل القضاء عند الله لا ينافي جزيئاته ، فقد يكون العبد غنياً عند الله لكن بعد أن يمر بمراحل من فقر وعذاب ، وقد يكون فقيراً بعد أن يمر بمراحل الغنى ، والغنى ليس ممدوحاً لذاته ، والفقر ليس مذموماً لذاته .
فالبشر عموماً والمسلمين خصوصاً يعلمون أن الغنى والفقر بيد الله ، وقد يكون الفقر للإنسان خيراً بعكس الغنى الّذي ربما يكون للإنسان شراً ، لكن اليأس الذي يجثو على صدور بعض الفقراء يدفعهم إلى التفكير بأي وسيلةّ تدرّ عليهم المال ، وعند عدم القدرة على جلب المال يبدأون في التمرد وطرح الكثير من الأسئلة التي يوسوس لهم الشّيطان بها ، ويبدأون في التّخيلات والتحليلات التي لا تحل المشكلة بل تزيدها تعقيداً وصعوبة .فمن الأمثلة الكثيرة التي تتبعها أسئلة أكثر تدور في خلد أغلب الفقراء حيث الوجوه البائسة والأقدام الحافية والأطفال الذين يصرخون من شدة الجوع ، والرجال الذين بلغوا من الكِبَرِ عتياً ينتظرون من يدق أبوابهم من أجل إعطائهم لقمة العيش ليتابعوا ما تبقى لهم من حياة ، تلك المشاهد التي تتكرر كل يوم ، هل أصبح الفقر قدراً مكتوباً علينا ؟ أم أننا خلقنا فقراء ، ولا نستطيع تغيير ما خلقنا عليه ؟ لماذا ينام الغني على وسادة من ريش ؟ والفقير يحلم بكسرة خبز كل هذه التساؤلات يطرحها الفقراء الذين يبحثون عن حل لما يمرون به . ولعلنا نبدأ من تقارير المنظمات الدولية والتي تشير إلى توسع دائرة الفقر وفقاً لمعايير التنمية البشرية حتى شملت مليارا فرد من حجم سكان العالم البالغ حوالي ستة مليارات فرد ، حتى أصبح علة تنهش جسد المجتمع وتتزايد يوماً بعد يوم ، و يعد الجهل من أبرز أسباب الفقر الذي انتشر كمرض خبيث في المجتمعات ، وخاصة مجتمعات العالم الثالث مع زيادة نسبة السكان في الدول التي تعاني من نقص في التغذية، فعند انعدام التعليم يفقد المجتمع الكثير من الأيدي العاملة التي تحل مكانها العمالة الوافدة ، وبما أن هناك مليارا فرد يعانون الجوع فإن هذا الرقم مخيف جداً ، ويوجد حوالي ثلاثة عشر مليون طفل في العالم يموتون سنوياً بعد اليوم الخامس من ميلادهم لسوء التغذية مع صعوبة الحياة التي يعيشونها ، كما أن ضعف الحالة الصحية وإهمالها وعدم الالتفات لها يؤثر كثيراً في الفقر وفقاً لمعايير التنمية البشرية ، ناهيك عن الاستعمار الذي يهدم المجتمعات ويفتت الدولة إلى أشلاء ، كحال الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين حيث زادت نسبة الفقر وتحديداُ في قطاع غزة ، كما أن المرض يساهم في الفقر : فالمرض يقعد الشخص عن العمل ، أو يقلل من إنتاجه مما يؤثر على دخله ، وبالتالي على مستوى معيشته بالإضافة إلى أن تكاليف العلاج ترهق ميزانيته وتأخذ كسبه القليل ، وقد يكون هناك عوامل طبيعية تؤدي للفقر ، مثل : الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها .إن الفروقات بين الأغنياء والفقراء قد أصبحت شديدة الوضوح ، والحقيقة أن المسافات بينهما قد أصبحت أكبر بحيث يزداد الغني غناً والفقير فقراً والغريب في الأمر أن ذلك لا يعني قلة السلع الاستهلاكية ، إذ لم يشهد العالم وفرة في الغذاء كما يشهدها الآن ، ويرجع ذلك إلى التقدم التكنولوجي الكبير الذي يزداد كل يوم ، و الفقر موجود في كل الشعوب ولكن بنسب متفاوتة كأنه من خصائص كل مجتمع ، إلا أن الفرق يبقى في درجة الفقر ونوعية الفقر ونسبة الفقراء من كل مجتمع ولا نستطيع التخلص منه لأنه موجود منذ زمن حتى قال عنه عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – : ‘ لو كان الفقر رجلاً لقتلته ‘ ولكن لم يعد رجلاً بل أصبح امرأةً وطفلاً لأن حالة البؤس التي وصلنا إليها قد شملت الجميع . إن القضاء على الفقر لا يمكن أن يكون بضربة عصا سحرية ، فالأمر يتطلب اتخاذ تدابير على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والأمر يتطلب من جميع الحكومات وجميع الناس أن يفكروا ويقرروا ويعملوا معاً لمكافحة الفقر المدقع .ربما لا نستطيع التخلص منه ولكن يمكن الحد منه من خلال وسائل معينة ألا وهي : أن يكون المواطن صاحب مبادرة من خلال البحث عن مصدر للعيش ولو بشيء بسيط ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ‘ لأن يحتزم أحدكم حزمة من حطب ، فيحملها على ظهره فيبيعها ، خير له من أن يسأل رجلاً ، يعطيه أو يمنعه’ . الصدقةُ : تساعد الفقراء ، تزيد الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع ، و تَجبُر ما كان فيه من نقص وخلل ، وعلى كل مواطن النظر بعين الرأفة والرحمة إلى الفقراء داخل موطنه و محاولة التكفل والاهتمام بأسرة فقيرة واحدة ، والعمل على فتح دورات التأهيل والتدريب وتنمية الخبرات وبث روح المنافسة فيهم .كما يجب على ضمائرنا الصحوة من غفلتها لأن الفقراء عندما لا يملكون دفع الثمن نقدا يضحون بصحتهم التي لا تقدر بثمن ؛ فمن بلاد الفقر أتى العظماء والى المعالي صعدوا الفقير يعيش طول الايام فقير جوع ومرض وظلم والغنى يتغير من اوقات الى اوقات ويتنقل من بلد الى بلد ويعيش اجمل الحياة لا يوجد .من يساعد الفقير بل يوجد من يسرق وينهب ويظلم الفقير