د. محمد الوصيفي … هل الأدوية النفسية تسبب إدمان ؟
متابعة : هناء الحديدي
توجد أفكار خاطئة عند الكثير بأن الأدوية النفسية تسبب الإدمان ؛ مما يجعل المرضى ترفض العلاج الدوائى ؛ ولذا يجب علينا في هذا المقال معرفة مايحدث في الدماغ في أشهر الإضطرابات النفسية و العقلية ، وكيفية عمل الأدوية النفسية المعالجة لها .
أولا : الإضطرابات النفسية تتعلق بحدوث خلل في كيمياء المخ ، أو ” النواقل العصبية ” في الدماغ ، و العلاج الدوائي هنا يعمل على إعادة توازنها .
هذا وتصنف الأدوية النفسية إلى ” مضادات الاكتئاب ، و مضادات الذهان ، و مثبتات المزاج ، و المهدئات ” .
أما عن ” ماذا يحدث في الدماغ و تأثير الدواء ؟
فهو يختلف من حالة إلى أخرى فمثلاً في حالة
الإكتئاب ينخفض في الدماغ تركيز كلا من :
السيروتونين Serotonine ” هرمون السعادة ” ، والنورإيبينفرين Norepinephrine ” وهو هرمون اليقظة و الانتباه ” ، بالإضافة إلى الدوبامين Dopamine ” وهو هرمون السعادة و النشاط و التحفيز ” ، وهنا نجد أن غالبية الأدوية المضادة للإكتئاب تعمل على رفع مستويات تلك المواد ” نواقل عصبية ” ؛ فيرتفع المزاج و يخف الإكتئاب .
أما في حالة اضطرابات القلق فبشكل عام تضعف فعالية مادة غابا GABA ” وهي المسؤولة عن الاسترخاء و الهدوء و الطمأنينة ” ، ولذلك تفيد الأدوية الموصوفه لها في زيادة فاعلية مستقبلات GABA في تخفيف القلق و الاسترخاء و الهدوء .
وعن حالة الوسواس القهري OCD ، نجد حدوث انخفاض في تركيز السيروتونين و تقل فعالية غاما GABA ، وكل الأدوية المعالجة للوسواس القهري تعمل على رفع السيروتونين ، و عادة ما يخفف القلق المرافق لا سيما في المرحلة الأولى من العلاج .
وعندما نتحدث عن مايحدث في حالات الفصام بأنواعه ، نجد ارتفاعاً في الدماغ بشكل كبير لمادة الدوبامين Dopamine ” المسؤولة عن المتعة و التحفيز و النشاط ” ، مسببة الفصام والذهان ، ولهذا تعمل جميع الأدوية المضادة للذهان ” القديمة و الحديثة ” على خفض فعالية الدوبامين وذلك بحصر مفعوله و إبطال فعالية الدوبامين الزائدة ، فيهدأ المريض و يرجع النوم طبيعياً ، وتزول الضلالات و الهلاوس .
هذا وفي مرضى ألزهايمر ينخفض تركيز ” الأستيل كولين ” ، مما يسبب النسيان و بقية الأعراض الخاصة بالخرف ، و تعمل الأدوية التي تعالج هذا النوع من الخرف على رفع مستويات ” الأستيل كولين ” ، مما يحسن الذاكرة و بقية أعراض ألزهايمر .
أما عن مرضى الهوس ، فيرتفع لديهم الدوبامين و السيروتونين ، ومن أفضل العلاجات ما يحصر فعالية ” الدوبامين و السيروتونين ” معاً وهي مضادات الذهان الحديثة ، وكذلك نضيف مثبت للمزاج بهدف العلاج و الوقاية .
أما بالنسبة إلى مرض باركنسون ” شلل الرعاش ” : فإنه يحدث عند كبار السن في مابعد الستين و آليته عكس الفصام ، حيث يحدث قلة إفراز مادة الدوبامين من “منطقة بالدماغ” ، مما يسبب الرجفان و الصمل و بطء الحركة و بقية أعراض هذا المرض ، و أفضل علاج لهذا المرض هو إعطاء مادة الدوبامين و لكن نعطي طليعة هذه المادة ثم تعبر الحاجز الوعائي الدماغي و تتحول في الدماغ إلى دوبامين و بذلك تخف أو تزول أعراض مرض باركنسون .
ومن كل ذلك يجب علينا أن نعلم بأن ” مضادات الاكتئاب ، و مضادات الذهان ، و مثبتات المزاج ” تعالج خللا في كيمياء المخ و أنها ليست مسكن ولا إدمان ، كما لا تسبب الإدمان ، حتى لو استخدمت لعشرة سنين ، مثلها مثل أدوية السكر و الضغط .
أما المهدئات ، فإنها قد تسبب الإدمان عند الاستخدام الخاطئ لها ، ولذا يجب أن تكون تحت اشراف الطبيب ، ويتم وصفها لفترات محدودة لحين استقرار الحالة ، كما انها مصنفة جدول ثالث ، تصرف بروشتة و ليس من السهل الحصول عليها .