خلال تشريف الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، اليوم، لافتتاح مجمع إنتاج البنزين بشركة أسيوط لتكرير البترول بمحافظة أسيوط، وعدد من المشروعات التنموية الأخرى في نطاق إقليم الصعيد، ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمة، استهلها بالترحيب برئيس الجمهورية والوزراء والمحافظين والمسئولين الحضور، في محافظة أسيوط، التي تعد قلب صعيد مصر، في مستهل سلسلة من الفعاليات التي وجه بها الرئيس السيسي؛ لافتتاح مجموعة كبرى من المشروعات القومية، التي قامت بتنفيذها الدولة على مدار السنوات السبع الماضية.
وخلال عرضه، أكد رئيس الوزراء أن هذه المشروعات تستهدف النهوض بجودة الحياة، ورفع مستوى المعيشة للمواطنين في صعيد مصر، مشيرا إلى أن الافتتاحات التي نشهدها اليوم تعد فرصة مناسبة للغاية لإطلاق كتاب مهم كان الرئيس قد وجه الحكومة بإعداده وهو توثيق لما تم إنجازه وجهود مضنية على مدار السنوات السبع الماضية من أعمال تم تنفيذها في كل ربوع الجمهورية من مشروعات قومية وتنموية استهدفت جميع مناحي الحياة، وكل القطاعات الحيوية للدولة في هذا الشأن، مؤكدا حرصه على أن يكون برفقته في هذه الافتتاحات أول نسخة من هذه الوثيقة المهمة؛ حتى يتسنى البدء في إطلاقها بتشريف الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، عقب الانتهاء من فعاليات اليوم، لافتا إلى أنها توثق كذلك المشروعات الجاري تنفيذها خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: قمنا بجهد كبير لتوثيق كل الإنجازات وحجم المشروعات التي تحققت على مدار الفترة الماضية؛ من أجل تعريف المواطن المصري، وخاصة شبابنا، حجم العمل والإنجاز الذي تحقق في كل ربوع مصر، وليس في نطاق محدد، مضيفا أن كل بقعة من أنحاء الجمهورية تشهد الآن تنفيذ مشروعات مختلفة.
وأضاف رئيس الوزراء أننا، اليوم، نبدأ فعاليات افتتاح هذه المشروعات من قلب الصعيد، وفقا لما وجه به الرئيس، باعتبار أن محافظات الصعيد عانت كثيرا على مدى عقود من التهميش، ولم يكن هناك رؤية متكاملة للنهوض بهذه المنطقة الغنية بالثروات، وقد واجه الصعيد العديد من المشكلات والتحديات، وترتب على ذلك تدني مستويات مختلف الخدمات الأساسية، والاجتماعية، والتنموية قبل عام 2014، وهو ما تشير إليه المؤشرات من تدهور تلك الخدمات، مشيرا إلى أنه في مجال الخدمات الصحية على سبيل المثال، سجلت محافظة الفيوم أعلى معدل للإصابة بفيروس “سي”، كما كانت أعلى معدل للفقر على مستوى الجمهورية في ريف الوجه القبلي، حيث كانت تزيد عن 57%، فضلا عن تدني نصيب الفرد من مياه الشرب النقية والخدمات الأخرى.
وفي هذا السياق، أشار رئيس الوزراء إلى أن هذه الصورة العامة في صعيد مصر قبل 2014 لم تكن تختلف من محافظة إلى محافظة أخرى بالوجه القبلي، لافتا إلى أن توجيهات الرئيس في هذا الصدد كانت ضرورة الإسراع بوضع خطة متكاملة لتنمية محافظات الصعيد، وهو ما صاغته الحكومة بالفعل في صورة خطة للتنمية الشاملة بهذه المحافظات، وقال : على الرغم من ذلك، فهناك العديد من قرى الصعيد لا تزال تعاني من هذه المشكلات، إلا أن الاختلاف الآن بين الوضع الحالي والوضع السابق، أن الدولة لديها خطة واضحة من خلال المبادرة الرئاسية ” حياة كريمة” لتنمية الريف المصري، والتي تستهدف جميع قرى مصر، ولاسيما جميع قرى الصعيد التي لها الأولوية على أجندة العمل بالمبادرة، لتغيير وجه الحياة بها خلال ثلاث سنوات بدأت مع بداية العام المالي الحالي؛ حتى يتسنى لجميع أهالينا في القرى بجميع أنحاء مصر، وعلى الأخص قرى الصعيد، التمتع بجودة حياة لائقة، وبكل مستويات الخدمات المطلوبة.
وخلال كلمته، استعرض رئيس الوزراء الأوضاع الحالية والمشكلات التي تعاني منها محافظات الصعيد (والتي تمثل ثلثي مساحة الدولة، وتشمل معها البحر الأحمر والوادي الجديد)، وذلك من حيث التركيب السكاني ومعدلات البطالة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن هناك خللا واضحا في التوزيع الديموجرافي بتلك المحافظات؛ نتيجة للهجرة الداخلية، حيث ظلت هذه المحافظات طاردة لشبابها بسبب غياب الخدمات وعدم توافر فرص العمل، حيث كان يتجه الشباب الباحث عن فرص عمل لائقة إلى المحافظات الأخرى، أو السفر إلى خارج مصر، ولذا كانت الأرقام تشير إلى تسجيل أعلى معدلات البطالة، وكانت هذه إحدى الإشكاليات التي عانى منها الصعيد، بالإضافة إلى ظهور المناطق غير الآمنة وغير المخططة، حيث 115 منطقة غير آمنة بصعيد مصر، و32 ألف فدان من المناطق غير المخططة.
وقال الدكتور مدبولي: على الرغم من كل هذه الإشكاليات والتحديات، إلا أنه كانت تتوافر عدة محفزات أساسية للانطلاق منها في تحقيق التنمية المتكاملة للصعيد، وتتمثل في المقومات الطبيعية، والسياحية الفريدة، بجانب الثروات التعدينية والمحجرية، فضلا عما تتمتع به من آثار تاريخية تمثل مختلف العصور القديمة، بالإضافة إلى أهم عنصر من تلك المقومات وهو القوى البشرية، حيث أفرزت محافظات الصعيد قامات وقيادات في كل المجالات، والتي انطلقت إلى آفاق رحبة في السياسة، والفن، والأدب، والثقافة، والاقتصاد، وهي نماذج مشرفة أثرت في تاريخ مصر والعالم أجمع على مدار العصور الماضية.
وأضاف رئيس الوزراء: انطلاقا من كل المقومات الطبيعية والبشرية، كان هناك توجيه من الرئيس في المؤتمر الوطني للشباب في 2017 ، بأن يكون الصعيد وشبابه على رأس أجندة العمل الوطني في هذه المرحلة، وعلى الرغم من أن الدولة بدأت من 2014 برامج التنمية، إلا أن الحكومة قامت بتكثيف العمل في محافظات الصعيد استجابة وتنفيذا لهذا النداء من الرئيس السيسي في 2017، لافتا إلى أنه على مدار السنوات السبع الماضية، تم وجار تنفيذ استثمارات بقيمة 1.1 تريليون جنيه، قامت الحكومة بتنفيذ 754 مليار جنيه، أي بنسبة 69% من إجمالي الاستثمارات، وجار تنفيذ النسبة المتبقية تباعا، منها 180 مليار جنيه استثمارات تخص الصعيد في المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية “حياة كريمة”، مؤكدا أن هذه المشروعات التي تم تنفيذها أسهمت ليس فقط في تحقيق جودة الحياة للمواطن المصري في الصعيد، بل في توفير حجم هائل من فرص العمل بصورة مباشرة لشبابنا في هذه المحافظات، ضاربا المثال بـ 6 وزارات وجهات مركزية في الدولة قامت بتنفيذ مشروعات في قطاع التشييد والبناء، حيث اشترك آلاف الشركات من القطاع الخاص، وبحجم عمالة كان أغلبها من محافظات الصعيد، حيث وفرت مئات الآلاف من فرص العمل لأهالينا ولأولادنا وشبابنا في هذه المحافظات، لافتا إلى أن استثمارات هذه الجهات الست بلغت قيمتها 535 مليار جنيه على مدار هذه الفترة.
وعقب استعراض رئيس الوزراء لمحاور التحرك في خطة التنمية المتكاملة لإقليم الصعيد، تفضل الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بالتوقيع على أول نسخة من إصدارات الكتاب الذي شمل رؤية وإنجاز وتوثيق جميع المشروعات القومية التي تم تنفيذها في كل ربوع مصر على مدار السنوات السبع. وأكد رئيس الوزراء أن النسخة الأولى من هذه الوثيقة المهمة، التي وقع عليها الرئيس تعد نسخة تاريخية نستطيع أن نباهي بها باعتبارها توثق مرحلة مهمة من العمل الجاد.