سَجّلْ أيُّها الكاتب
في دفاترِكَ
بِحبّرِكَ الأسود
بأنّي منْ رَحْمِ درويشَ وُلِدْتُ
وبأنَي منْ أُمّةٍ لمْ تعترف يوماً
بالكذبِ قانوناً لها
أُدَوّنُ كلّ أناشيدي
وأُغنيتي اليتيمة
بِحبّرِكَ السريِّ
وحَبْلِكَ السريِّ
ليسَ لأنني أخشاكَ
أو أخشى ما قالهُ بعض البُغاة
بلْ لأنّني أرفعُ رايتي
على شِغافِ قاسيونَ
وأنسُجَ في حدائقِ بابلَ
نشيداً مُطرّزاً بِدَمي
فهلَّا كَتَبْتَ أيُّها الكاتب
سَجّلْ بأولِ سطرٍ
منْ جَداوِلكَ
بأنَّ الكونَ مُلْكَ يدي
والسماء تنحني خَجلاً
أمامَ جُعبتي الملآى
بياسمينِ الشام …
سلتي تعجّ بتمورِ حِجازِكَ
وأنَني لا أحني هامتي
بِحضْرَةِ فرعونْ …
مهما قُلْتَ أيُّها الكاتب
فهامتي أنقى منْ حِجارةٍ صمّاء
في تدمر ذاكَ المساء
اِلتقيتُ بِبعضِ السادةِ
زنوبيا كانتْ هُناكَ
قبلَ لقائيْ أدّتْ سَجْدَةً لله
ورَحّبتْ بعدما عرفتْ
بأنَّني حملتُ لها
رقْصةً شرقيّة … هدية
ذَرَفتْ دِماءَها
عندما غادرتُ
وانْسَحَبتْ بِلا سبب
وهلْ يحتاجُ تبريرا السادةُ النُجُبِ
سَجّلْ أيُّها الكاتب
في بيروت شرِبتُ نَخْبَ الصخرتين
وقِمّةَ الجبلِ …
زُرتُ كلّ مَنْ هاجر
وكُلّ مَنْ سافر
أطلقتُ رصاصتي
كانتْ جعُبتي فارغة للتوِّ
وفي نَجْدٍ … جذوةُ سبأ
سَبَيتُ بلقيسَ
قَبّلتُها قَبْلَ سُليمانَ
قُبّلَةَ أخٍ عربي
ترنّحتْ بلقيسُ
قبلَ الرحيلِ … تركَتْ رِسالتَها الأخيرة
وفي الحِجازِ لُمْلّمتُ
بقايا سيوف داحسَ والغبراء
قرأتُ ترتيلةً عصماء
وارتحلتْ سجلاتي
سَجّلْ أيُّها الكاتب
في دفترٍ ثان
أعْلَمْ بِأنَّكَ كاذبْ
هويّة يافعٍ يمتطي أمانيه
في ضِرعٍ
لمْ يعرف الصمتَ
في زمنِ السكون …
وليسمَعْ مَنْ لهُ أُذنين
وليرَ مَنْ يملِكُ عينين
ولهُ في حُفرةٍ شفتين
بأنّي شامخٌ … لا يخنعْ
لا يركع … فَهلْ تسمعْ …
سَجّلْ أيُّها الكاتب
في سطرِكَ الأخرَ والأخيرْ
بأنّ هُنا تُراثُ أجدادي
ومقصلتي …
أكونُ أو لا أكون
سَجّلْ في دفاترِكَ
بِحبّرِكَ الأحمرِ السريّ
بأنّي منْ رَحمِ درويشَ وُلِدْتُ
وأنّي منْ أُمّةِ السادة
التي لا تعرِف الكَذِب
كما أنتَ
أيُّها الكاذبْ … أيُّها الكاتب