علاقات الحب الناجحة المستمرة سببها تألف الارواح والعكس صحيح حين لم تألف الارواح بعضها او لم يحدث تلاقى فى المحطة الاولى وتأتى الظروف المادية لتجبر شخصين على الارتباط ويعيش مع الطرف الاخر ليكون مثل البنك فقط دون ان يحس به احد فأنه يعيش حياة بلا معنى فغالبا لا يحدث التألف والانسجام وقد يعيش الطرفان عبر الزواج ولحين من الدهر طويل لكن بدون الروح المتألفة للطرفين قد يكون المودة موجودة ولكن لا يوجد المشاركة بينهم فهل يحدث الفراق بسبب غياب تلك الارواح المتألفة هل المودة تكفى فقط اما الحب والحياة التى كثير منا بل أغلبنا يريد ان يعيش فى سلام وحب ومودة وتألف ارواح لما المادة تسيطر … هل نستطيع ان نبنى لانفسنا مدينة اخرى ونسميها المدينة الخضراء اصحابها من النفوس الطيبة يريدون الحياة والالفة والمودة يريدون ان يعيشوا السلام الداخلى يبحثون عن روح تنجذب اليهم …
هذا الموضوع يؤدى بنا الى مناقشة مسألة اخرى لها علاقة قوية بموضوعنا الاساسى انها مسألة محبة الاخرين وربما اكثر تفصيلا وعمقا مسألة الانجذاب بين الارواح … ان الانجذاب الذى يحدث كالمغناطيس بل اشد الارواح تتعارف على بعضها البعض ويحدث هذا الانسجام غير الطبيعى وتجد نفسك تتحدث الى توأم روحك كما لو كنت تعرفه من قبل من زمن بعيد فعندما تكون مع توأم روحك فانك تشعر كانك تنظر الى نفسك فى المرأة … الروح واحدة فتعكس فى عين توأمك حتى طريقة الكلام او بعض الافعال تتطابق شبه كبير بينك وبين توأمك تشعر ان هذا الشخص انت
فهل شعرت يوماً ما أنك انجذبت لشخص لمجرد أنك رأيته مرة واحدة ؟؟ هل جلست يوماً مع أحد الأشخاص لأول مرة و شعرت أنك تعرفه منذ زمن ؟؟ هل رأيته بموقف وأحسست أن أرواحكما تعلقت بشعور غريب؟ فالأرواح لها قدرة على التخاطر و إدراك خبايا الأنفس ، و أثرها عميق بعمق تجاذب تلك الأرواح…!! فالقلب الطيب من الناس يحنّ إلى شكله والشرير نظير ذلك يميل إلى نظيره ومن يشاكله ، كل انسان له شبيه روحي يتناسب معه ، فكما أن هناك من يحبك بلا سبب ، هناك أيضاً من يكرهك بلا سبب تُعجب روحك بروح إنسان آخر تحس بمشاعر لا تعرف له تفسيراً ولا تجد له أثراً ، فقط سوف ترتسم على جبينك ابتسامة تعجُبّ وتحس بشعور يمازج قلبك وفرح يداعب وجدانك أن جمع الله بينكما بموقف عجيب غريب ، هذه المواقف تجعل الإنسان يـتأمل ويـتفكر بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” الأرواح جـنـود مجـنـدة، ما تـعـارف منهـا ائـتلـف، ومـا تـنـافـر منهـا أخـتـلـف” رواه مسلم فيه تجد تفسير لما نتحدث عنه ، الحديث يشير إلى مسألة تآلف الأرواح التي تشابهت في الطباع والمزاج أو التركيب النفسي ، عكس تلك الأرواح المختلفة في الطباع والأمزجة أو التركيبات النفسية المعقدة أن تجاذب الأرواح من أسمى وأرقى العلاقات الإنسانيه.. لأن الوجوه والأشكال تتكرر أما الأرواح فلا تتكرر فعالم الأرواح يتعدى الشكليات والماديات حيث التجانس في الطباع الباطنة والأخلاق الخفية يورث تجاذب الأرواح وهذا ما يسمى بالتخاطر العاطفي أو تجاذب الأرواح ، أرواح التقت واتفقت واشتاقت ، يجمعها تجانس عجيب تساق لبعضها البعض كما تساق إلينا الأرزاق … فتعارف الأرواح يقع بحسب الطباع التي جبلت عليها من خير و شر فإذا اتفقت تعارفت ، و إذا اختلفت تناكرت ويقول جبران خليل جبران : ”ما أجهل الناس الذين يتوهمون أن المحبة تأتي بالمعاشرة الطويلة ، إن المحبة الحقيقية هي ابنة التفاهم الروحي” غالباً عندما تحب روحاً عابرة فتلك الروح تحب ما بداخلك وهذا هو مبدأ تجانس الأرواح مما يعني تدفق الحب بسهولة وانعقاده بلا تكلف أو مقدمات ، أن التوافق بين إنسان وآخر لا يكون بسبب توافق عمري ولاجنسي ولا لوني أوبطول العشرة، ولا بالرفقة المستمرة ، ولكنها سر من أسرار التوافق الروحي .. جاء في التمهيد لابن عبدالبر أن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يقول : ”لا تسألنّ أحدًا عن ودّه إياك ، ولكن انظر مافي نفسك له ، فإنّ في نفسه مثل ذلك، فإن الأرواح جنود مجنّدة” وقال أيضاً ( اعتبروا الناس بأخدانهم، فإن المرء لا يخادن إلا من يعجبه ) هذه إشارة توضح ما بين الأرواح من توافق وتفاهم،، فالأرواح جنود مجندة ، وإتحاد الأرواح وتجاذبها هو توافق وتشابه في الصفات الكريمة بين الذوات ، فعندما يتناغم الفكر ، وتتعانق الارواح تتحطم أمامها كل المفاهيم المادية ، ليخلق توافق روحاني حيث تأخذنا الأقدار لنتقابل مع ارواح تتجانس معنا نحس بما يحسون ونستشعر ما يستشعرون ، وكأن هناك رابط بين احاسيسنا ، والطبيعية شاهدة من حولنا على التوافق والتنافر ففي الكيمياء هناك أيونات تتفاعل وتتجاذب ، وفي الفيزياء عناصر تتآلف وتتنافر ، تجاذب الأرواح أقوى أنواع التجاذب لأنها الأصدق إحساساً والأكثر عمقاً ، يقول مصطفى محمود رحمه الله : ( الحب ثمرة توفيق إلهي وليس ثمرة اجتهاد شخصي ، هو نتيجة انسجام طبائع يكمل بعضها البعض الآخر ونفوس متآلفة متراحمة بالفطرة ..) ” وفي علم النفس : – ( سبب عدم قدرتك على إخراج شخص من تفكيرك هو أن الشخص ذاته يفكر بك أنه تجانس الأرواح ) التشابه الأخلاقي يولد تجاذب في الأرواح روحه تحمل نفس المشاعر ونفس الأفكار نذهل أحيانا عندما نجد انسان يشبهنا ليس بالمظهر ولكن في الروح !! ها هنا قد نتساءل : كيف يقع الحب ؟ أن الحب الذي نتحدث عنه بين شخصين ، إنما هو أشبه بطاقة كامنة موجودة من ذي قبل و يتم تأجيل المشاعر إلى حين وصول اللحظة المادية التي تجمع الروحين بلقاء حاسم فيتم تلاقي الأرواح وتناغم الفكر من هنا يمكن القول بأن علاقات الحب الناجحة المستمرة سببها تآلف الأرواح والعكس صحيح ، ولـعـل هذه الظاهـرة غـريـزة فطـريـة بعـيدة عن الحـواس الطبـيـعـية الخمس ، في حياتنا أشخاص يعنون لنا الكثير والكثير مع أننا لم نخالطهم إلا فترة وجيزة ، عليه يكون هذا التعلق ليس ذنبا لأن تجاذب الأرواح أمر لا إرادي فالأرواح جنود مجندة ، يقول مصطفى العقاد : ( نحن لا نحب حين نختار، ولا نختار حين نحب ، إننا مع القضاء والقدر حين نولد، وحين نحب وحين نموت )