يهدف المنتدى بشكل رئيسي لتشجيع الدول الافريقي على تبني سياسات واعتماد خطط عمل وبرامج تؤدي للقضاء على الفساد وتحقيق الترابط المعرفي بين جميع أنحاء القارة حول مخاطر الفساد على جهود التنمية والتحديث.
يمثل المنتدى ملتقى مستداما للحوار بين دول القارة وتبادل المعلومات والخبرات والتوعية بشأن التدابير والتجارب الوطنية ذات الصلة بمواجهة الفساد تنفيذا للالتزامات القارة والدولية وكيفية تنمية قدرات الموارد البشرية في مختلف أوجه مكافحة الفساد، وتعزيز التنسيق الحكومي الافريقي المتبني في هذا المجال.
يبقى الفساد التحدي الأكبر للحكم الرشيد والنمو الاقتصادي المستدام والسلام والاستقرار والتنمية في أفريقيا. وبينما يعتبر الفساد ظاهرة عالمية، فإن آثاره أكبر في البلدان الفقيرة والمتخلفة، حيث يتم تحويل ووضع الموارد التنموية على نحو غير ملائم في أيدي القطاع الخاص، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الفقر. وينظر إلى أفريقيا باعتبارها المنطقة الأكثر فسادا في العالم وفقا للعديد من استطلاعات الفساد، فضلا عن أنها من أكثر المناطق تخلفا وتراجعا. وبالتالي، فإن معالجة مشكلة الفساد بطريقة استراتيجية وشاملة تعتبر أهمية قصوى لأولويات التنمية في أفريقيا.
أن القارة الافريقية تخسر حوالي خمسين مليار دولار سنويا نتيجة التدفقات المالية غير المشروعة ويقف الفساد عقبة أمام تحقيق أهداف أجندة التنمية ٢٠٦٣ حيث يستنزف موارد القارة ويهدر جهود تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة وذكرت التقديرات إلي أن اتفاقية الاتحاد الأفريقي لمنع ومكافحة الفساد الوثيقة القانونية الأساسية للقارة الافريقية اتصالا بالفساد وهي مشابهة لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد إلي حد كبير ودخلت الاتفاقية الإفريقية حيز النفاذ عام ٢٠٠٦ بإيداع وثائق تصديق ١٥ دولة في حينه، ووقع الرئيس عبدالفتاح السيسي علي اتفاقية الانضمام علي هامش قمة أديس أبابا في يناير ٢٠١٧ وصدقت مصر عليها في يوليو ٢٠١٧. ودخلت الاتفاقية الأفريقية حيز النفاذ عام 2006 بإيداع وثائق تصديق 15 دولة في حينه،
وتمثل قضية مكافحة الفساد نهجا مستداما نحو تحول أفريقيا، وبناء عليه تم إعلان 2018 العام الأفريقي لمكافحة الفساد، وجاء اختيار هذا الموضوع على ضوء مرور خمسة عشر عاما علي اعتماد اتفاقية الاتحاد الأفريقي لمنع ومكافحة الفساد في قمة مابوتو في يوليو 2003 بهدف تقييم ما تم انجازه ولتحديد الخطوات التالية لاستكمال جهود التصدي للفساد بكافة أشكاله.
أن القارة السمراء تنقصها الشفافية وتقل فيها المعلومات والإحصاءات والمصادر والأرقام الرسمية عن حجم الفساد، كما أنه لا يوجد آليات قانونية تطبق على كبار المسئولين الفاسدين أثناء وجودهم بالسلطة، إنما يتم أولا عزل الحكومة وتغييرها قبل توجيه تهم الفساد.
بالإضافة إلى أن مكافحة الفساد في أفريقيا ليس نابعًا من دافع ذاتي معبرا عن إرادة تلك القارة؛ إنما يتم الأمر من خلال ضغط خارجي وتهديدات من المنظمات العالمية والدول المانحة بقطع إمداداتها وتوقيع عقوبات على تلك الحكومات إذا استمر فيها هدر الأموال والفساد في استخدام تلك المنح المالية،
وتضغط الدول المانحة من أجل منع الفساد في استخدام أموال المنح خوفا من وصولها للجماعات الإرهابية، وخوفا من توسع نشاط الجماعات الإرهابية مستغلة حالة الفساد السائدة في تلك البلاد من أجل القيام بعمليات غسل الأموال واستثمارها وتوسيع نشاطها وعملياتها. فترضخ الدول الأفريقية وتعلن عن مكافحتها للفساد بسبب الضغوط الخارجية وليس لقناعات أو خطط أو دوافع داخلية. لان مكافحة الفساد في أفريقيا لا تتم وفق آلية منهجية وتفتقر للرؤية الشاملة التي تهدف لاقتلاع الفساد من جذوره وعلاج أسبابه، فلا يوجد وعى مجتمعي بضرورة المساهمة في القضاء على الفساد، ولا توجد خطط قانونية ومؤسسية لمحاربته، إنما يتم الأمر بغرض الثأر والتنكيل السياسي بين المتنافسين والمعارضين السياسيين بعضهم البعض بغرض التنافس على السلطة والطمع في المناصب والامتيازات،
وما إن ينتهي التنافس وتتوافق المصالح فيما بينهما يختفي معها الحديث عن مكافحة الفساد، ويعود المتهمون بالفساد مرة أخرى للحياة السياسية من جديد كأن شيئًا لم يكن، ويتناسى الناس ما كان قد لحق بهم من تهم الفساد؛ مثلما حدث مع «باندا» التي من المتوقع أن تخرج من حالة العزلة السياسية وتنخرط في المجال العام مرة أخرى مع اقتراب الانتخابات في 2019.
لان الأثر السلبي للفساد على اقتصادات الدول، بسبب تدفق أموال وثروات الدول المنهوبة للخارج، من خلال حسابات سرية تعود لرؤساء تلك الدول وأعضاء حكوماتهم، يرسلونها لبنوك في الخارج كي يستثمروا فيها ويزيدوا من ثرواتهم الخاصة ويحرمون اقتصاد دولهم من الاستفادة منها،
ويضيعون عليها العديد من فرص التنمية، وذلك بسبب ارتباط أداء الاقتصاد بشخص الحاكم وغياب الرؤية والأداء المؤسسي فأي عزل يحدث للرئيس يؤدى لانتكاس الأداء الاقتصادي وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي على عكس ما يحدث في الدول ذات الاقتصاد والأداء والخطط المؤسسية،
والتي يستمر فيها الأداء الاقتصادي بمعدلاته المرتفعة برغم من تغيير الحكومات أو عزل المسئولين الفاسدين
لذلك يأتي ملتقي القارة الافريقية بشرم الشيخ لتنفيذ خطط للقضاء على الفساد وتبعياته، حيث سوف يتم تسليط الضوء على ظاهرة تدفق أموال القارة للخارج ونهب ثرواتها وحرمانها من الاستفادة منها، وتسعى لتوحيد الجهود من أجل القضاء على ظاهرة غسل الأموال، بالتنسيق مع الدول المستقبلة لتلك الأموال حتى تسد الطريق في وجه الفاسدين وتمنعهم من الاستفادة من الأموال المنهوبة وإضافتها لثرواتهم الخاصة.
مع ضرورة تحويل تلك الجهود إلى اجراءات فعلية على أرض الواقع حتى تؤتى أثرها وذلك من خلال ترجمتها إلى إجراءات وقوانين تنفيذية يسهم في تطبيقها الجميع من خلال الحكومات والمؤسسات والأفراد، حتى لا تصير كلاما مرسلا لا جدوى له ولا تلقى مصير اتفاقية مكافحة الفساد التي أبرمها الاتحاد الإفريقي عام 2003 ودخلت حيز التنفيذ في 2006، لكن كحبر على ورق دون أي إسهام حقيقي في القضاء على الفساد في أفريقيا على أرض الواقع.
من هنا تأتي اهمية أهمية محاربة الفساد الذي يتخذه الملتقي شعارا له نظرا لما لهذه المكافحة من دور في تعزيز وتطوير المنظومة الاقتصادية في القارة، باعتبار الفساد أكبر عائق في وجه التنمية، لان المعركة ضد الفساد تتطلب القيام بإصلاحات جذرية وخطوات عملية واستراتيجيات جيدة.
في عام 2014، زاد الاقتصاد في القارة نموا بنحو أربعة في المائة، حيث خلق واحدة من أطول فترات التوسع الاقتصادي الإيجابي وبدون انقطاع في تاريخ أفريقيا. ونتيجة لذلك، انضم عددا متزايدا من الأفارقة في كل عام إلى الطبقة الوسطى.
تحتل النساء حوالي من ثلث المقاعد في البرلمانات في11 بلدا أفريقيا. ففي رواندا، هناك أكبر عدد من النساء البرلمانيات في جميع أنحاء العالم. وعلى مستوى العالم، ويوجد في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أعلى معدل لأنشطة المشاريع الريادية للإناث، حيث هناك مع ما يقرب من ثلث الشركات تملكها الإناث.
أن الفساد هو العدو الأكبر في إفريقيا، ورغم أن له معان كثيرة، فإنه في القارة السمراء التي دائما ما تحتل دولها المراتب الأولى في مؤشرات عدم الشفافية العالمية يترجم هذا المصطلح بالعديد من الأزمات من فقر وجهل وجوع ومرض وحروب وتأخر في التنمية، وما تعكسه من معاناة شعوبها من ضياع وسرقة مقدراته وأحلامه نحو مستقبل أفضل، حيث يمثل تحديا هائلا أمام جهود التحول الديمقراطي وتحقيق الاستقرار وبناء دول وشعوب قوية قادرة على اختيار مقدراتها ومحاسبة المتورطين في إعاقة تقدمهم.
وهناك ستة معوقات تجعل من مكافحة الفساد في أفريقيا أمرا صعبا ، وهى انعدام الشفافية ، قلة المعلومات والإحصاءات والمصادر والأرقام الرسمية عن حجم الفساد، غياب آليات قانونية تطبق على كبار المسؤولين الفاسدين أثناء وجودهم بالسلطة، افتقار وجود آلية منهجية ورؤية شاملة لمكافحة الفساد تستهدف اقتلاعه من جذوره وعلاج أسبابه، غياب الوعى المجتمعي بضرورة المساهمة في القضاء عليه، وأخيرا عدم وجود خطط قانونية ومؤسسية لمحاربته، إنما يتم الأمر بغرض الثأر والتنكيل السياسي بين المتنافسين والمعارضين السياسيين بعضهم البعض بغرض التنافس على السلطة والطمع في المناصب والامتيازات.