قصة قصيرة…
متابعة رضا سليمان
كل النسور وهى تحلق وتطير لتجتمع نحو الوجبة الشهية من
الجيفة ( الرمة ) , كل النسور تجمعت حول الجيفة تأكلها ,
باستثناء هذا النسر العجيب المحلق في السماء وحيدا بعيدا ينظر
الي باقى النسور في سخرية وشفقة مما يأكلون ! ..
هو نسر ( عُقاب ) وهو أندر أنواع النسور والذى يتميز عن
أي نسر آخر بأنهُ لا يأكل الجيفة ( الرمة ) ..
وذات لاحظوا جميع النسور أن النسر ( عُقاب ) جالسا يبكى
وحيدا يبكى بكائا شديدا !..
ليسألوه باقى النسور ” لماذا تبك ياعُقاب هكذا ! ؟ وما الذى جعلك
مهموما حزينا هكذا ؟! . يُجيب العُقاب بحزن وحسرة ” لقد قابلتُ
ليلة أمس أحد النسور الغريبة عنا فعايرني وأهانني إهانة بالغة .
يدُهش النسور مما سمعوا ليسألوا في إستياء ” سحقا , من يكون هذا النسر
حتى يجرؤ على اهانة نسر عُقاب أندر وأعظم النسور , والذى
جعلوه منقوشا علي علم ( مصر ) العظيمة نظرا لعظمته ؟! .
نسر عُقاب ” وهذا العلم ونقش صورتى عليه كان السبب في
إهانتي التي وجهها ذلك النسر العجيب و( القوي ) لشخصي . ”
كيف! , كيف ! ومن يكون ذلك النسر ؟ ! . هذا ما رددوه باقي النسور في نفس واحد .. عُقاب ” انهُ نسرا منقوشا علي شعار
أحد الأندية الكبري , الحق أقول أنهُ نسرا شامخا عاليا رأيتهُ
بأم عينى مرفرفا متخذا وضعية الإنقضاض علي فريستهُ ليلتهمها
من دون رحمة , بعد أن حددها أمامهُ كهدفا يسعي للوصول إليه.
أما أنا ! . فقد قال اني منذ عام 73 العام الذي إرتفعت فيه
راية مصر عالية كنت وقتها منقوشا عليها وانا متخذ وضعية
الإستعداد للتحليق عاليا في سماء البدء لأول مراحل التطور
والنهضة والتنمية الاقتصادية وذلك , بعد أعوام كل سبل الحياة
والتطور على كل الأصعدة قد أهلكتها الحرب الخاسرة والتي
قامت بها عقولٌ متخاذلة هزيلة خاسرة أيضا , فعادتا تكن الرموز
والرسومات وبعض الالوان المنقوشة على الرايات , ترمز
للأفكار والمناهج الفكرية التي تسير عليها وعلى دربها الدولة
صاحبة العلم ( كامطرقة والسندان ), قديما علي علم الشيوعية, وقد أخبرني هذا النسر ( نسر الحرية ) بأن
ظهوري على العلم المصري وأنا متخذا وضع الاستعداد للطيران
والتحليق منطلقا الي أبعد مدي , ذلك كان يرمز للنهج
والمنهج الايديلوجي الذي يقول ( كفانا قيد ) ودعونا نحلق فى
سماء النجاح بمواكبة التطور والتحرر الفكرى والاقتصادى..
كلما تكلم نسر عُقاب كلما شعر جميع النسور من حوله
بالدهشة مما يقول ” وما المحزن في ذلك يا عُقاب , نحن
لا نرى فيما تقول , أو فيما قال لك هذا النسرُ العجيب ما
يُحزنُك ! ! .. وهنا جاء الدور علي ظهور الحقيقة الاساسية
لكل هذا الذى حدث بهذا النسر ( النسر في العلم ) ! ..
نسرعُقاب ” المحزن قد بدأ مطلع عام 83
أعادوا نقش صورتى علي العلم ليجعلوني أظهر في
( أحقر ) صورة , في وضعية متدنية وهزيلة ضعيفة
( فقيرة ) , فبعدما كنت متخذا الاستعداد لفرد الجناحين ومن ثم
التحليق الي سماء التطور البعيدة والتقدم نحو الأفضل
أصبحت في وضع هزيل منكسر , والجناحين اللذين كان
متخذان وضع الاستعداد للتحليق الي أبعد مدي , إنطويا
كأنهما مقيدان بأغلالٌ من القمع و( القهر ) وطمس الكلمة
لقد إنطوي الجناح الذي كان علي وشك التحليق إلي أعلى
وأصبح نسر النصر لا يقدر حتي علي القفذ من مكانه ..
كما أخبرني هذا النسر العظيم وهو حقا يستحقُ هذا الوصف
أنهُ منذ أن قام ( محمد شريف صبري بك ) فى 3 نوفمبر من
عام 1917 بوضعهُ على علم النادى كشعارٌ يرمز للقوة والتحفز
وحتى يومنا هذا , لم تتغير هويته كنسرا شامخا محلقا عاليا
متحفزا للفتك بخصومه ( مثلما حدث معى ! ) كما وصفنى
ذلك النسرُ بأنهم جعلونني ( مسخٌ ) لا رمز , جعلوا مني وانا
العاظيم ( نسر الدولة والنظام ) لا نسر العلم ! ..
قال أنهُ قد تم كل الرمزيات التى كانت منقوشة على
علم النادى وهذا بكل تأكيد أمرا طبيعيا , مثل تاج الملكيىة
الذي كان مرسوم فوق رسم النسر المحلق وذلك حدث
فور الإنقلاب العسكري الذي حدث عام 52 , أما هو كنسر!
فلم تتغير وضعيتهُ ولا رسمتهُ ولا نقشتهُ ولا هويتهُ , كرمزٌ
يسيرُ الى القوة والتحفز والإصرار على الوصول للهدف الذي قم تم تحديدهُ من قبل بمنتهى الدقة ..
إنها قيمٌ وعان راسخة وليست مجرد نقوشا وشعارات واهيىة
بلا قيمة , وبما أن المعنى غير للتبديل أو التحريف أو التغيير
الذي لا محل لهُ من الأعراب كان نسر النادى ووضع التحليق
عاليا كرمز للقوة والإصرار أيضا لا يبقل بأي تبديل ولا
تعديل ولا تغيير ولا حتي توضيح قط .. انه الثبات على
المبدأ والقيمة والمعانى الراسخة ..فمنذ ذلك الحين
لم تتغير الوضعيىة الظاهر عليها الى وقتنا هذا
فلماذا إذن تتغير وضعيتي التى كنت عليها منذ عام 73؟؟
ولماذا تتغير للأحقر والأسوأ وأنا النسر العظيم ؟ ! . أخبروني أنتم لماذا ؟ !
فأجاب أحد النسور الحاضرة ” الاجابة واضحة يا عُقاب
هي ان الاهداف التى سوف تسعى الدولة من اجل تحقيقها بدءا
من عام 83 هي ( القمع وقيد الحريات والخزي والخزلان معا )
لا سيما والاعلان عن نظرية الخضوع والنخوع لمن هم
سيتحكمون في للقمة عيشك وبالتالي سيتحكمون في
قراراتك وسياستك الداخلية .. عُقاب ” إن قولك لهو
القول السديد , ولكن يبق السؤال طلاما ان رموز
والوان وشعارات الرايات تعكس النهج الذي تسير عليه
الدول , لماذا لم يقوموا بتغير او تعديل العلم المصري
عقب ثورة 25 يناير ؟ ! .. ليُجيب نفس النسر
” الاجابة علي هذا السؤال أوضح يا عزيزي عُقاب
وهي أن سياسة ونهج وأيديولوجية الدولة لم تتغير
بعد قيام الثورة ! .. وأنهُ ( لا جديد تحت الشمس ),
القيد كما هو .. الاغلال كما هي و ( لكن بصورة أخرى ).
يتدخل نسرٌ آخر ليطرح ( أهم سؤال ) ..
” والعمل ؟ ! . مالذي نستطيع أن نفعلهُ الآن ؟!
عقاب ” يجب القيام بأي عمل يرد إلينا كرامتنا وهيبتنا المهدرة
من قبل من قاموا بنقش صورتنا علي علم مصر , فنحن نسور
عُقاب أعظم وأندر النسور .. ليقول النسر الثانى ” أتركوا
لي هذا الأمر , إسمح لي يا عُقاب سوف أقوم بمعاونتك
في جمع أكبرعدد ممكنا من نسور عُقاب لنرد كيد الكائدين
الي نحرهُ .. عُقاب ” الآن قد فهمت ماذا تقصد ياعزيزي ,
سنقوم نحن نسور عُقاب بالهجوم الضاري على راية مصر
الموجودة فوق كل ساري أعلي كل مبنى مؤسسي يعلق العلم
لننقضُ عليه ( ونمزقهُ ) تمزيقا , حتى نجعلهم يحررون
( النسر في العلم ! ) .. هيا نمزقُ الرايات حتي تتغير
الدلالات وتتضح خطوط السيرُ كنا أين ! ونسيرُ نحو ماذا ! ..
معا..( لتغير علم مصر ) .. محمد العايدي ..
ملحوظة .. النسر الحر المنقوش علي شعار النادى , هو
شعار لنادي من نفس بلد النسر المهزوم المقيد بأغلال القمع
والزُل مصر .. ولكن شتان الفرق بين الاثنان ..
أطلقوا الطيور تتحرر لتُطلق أرواحكم بعد الموت .. الحكيم الهندي ( بوذا ) ..