كتب:رافع آدم الهاشميّ
الأُمَمُ نوعانِ: أُمَمٌ سيِّئَةٌ؛ يتَّصِفُ أَفرادُها بأَسوَءِ الصِفاتِ الأَخلاقيَّةِ الّتي تجعلُهُم بأَدنى درجةٍ مِن درجاتِ المسوخِ، وَ أُمَمٌ حَسِنَةٌ؛ يتَّصِفُ أَفرادُها بأَفضلِ الصِفاتِ الأَخلاقيَّةِ الّتي ترقى بهِم إِلى أَعلى مراتبِ الإِنسانيَّةِ في الوُجودِ.
أَن يَعرِفَ الإِنسانُ هذهِ الأُمَمَ مِن تلكَ؛ فهذا يعني: أَنَّهُ سيكونُ قادرِاً على تحديدِ مسارهِ في الارتقاءِ الإِنسانيِّ؛ سائِراً في رَكبِ الأُمَمِ الْحَسِنةِ، بدلاً مِن أَن يبقى غافِلاً أَعمى يَدورُ دُونَ دِرايةٍ في حَضيرةِ نِعاجِ الأُممِ السيِّئةِ تلك.
لذا: أَن يسأَلَ عَقلُك السؤالَ التالي:
– مَن هيَ أَسوءُ الأُمَمِ في زماننا هذا؟
فإِنَّما يَدلُّ على أَنَّ قلبك لا يزالُ ينبضُ بالإِنسانيَّةِ الّتي تُنيرُ لك الطريقَ للاهتداءِ بنورِ الحقِّ وَ الحقيقةِ.
وَ إِليك جوابُ السؤالِ المزبورِ أَعلاهُ:
إِنَّ أَسوءَ الأُمَّمِ السيِّئةِ في زماننا هذا، هيَ: أُمَّةُ الإِسلامِ الْمُتعارَفِ عَليهِ في يومنا هذا وَ مُنذُ قُرونٍ مَضَت، لا أُمَّةَ الإِسلامِ الأَصيلِ؛ أُمَّةُ الإِسلامِ الأَصيلِ هيَ أُمَّةُ جَميعِ الأَنبياءِ قاطبةً دُونَ استثناءٍ، وَ هيَ أَفضلُ الأُمَمِ الْحَسِنةِ على مَرِّ التَّاريخِ البشريِّ برُمَّتهِ قاطِبةً، أَمَّا أُمَّةُ الإِسلامِ الْمُتعارَفِ عليهِ في يومِنا هذا؛ فهيَ أُمَّةُ الجَهلِ وَ النِّفاق، هيَ أُمَّةُ الكَذِبِ وَ الغَدرِ وَ الخيانةِ، هيَ أُمَّةُ الْكُرهِ وَ الشَرِّ وَ الْحَربِ! هيَ أُمَّةُ اللا شعورِ بمشاعرِ الآخَرينَ وَ هيَ أَيضاً أُمَّةُ اللا مُبالاة! هيَ أُمَّةُ اللطمِ على الخدودِ وَ اللدمِ على الصدورِ وَ البُكاءِ الْمُزَيَّفِ عَلى مَن قَتلوهُ! هيَ أُمَّةُ الْمُتاجَرةِ بالأَعراضِ وَ الأَغراضِ وَ الأَمراضِ! هيَ أُمَّةُ التحرُّشِ الجنسيِّ وَ الاغتصابِ وَ الهتكِ وَ الانتهاكِ! هيَ أُمَّةُ اِحتقارِ الأُنثى وَ ساديَّةِ الذِّكور! هيَ أُمَّةُ العِهرِ وَ الدعارَةِ بجَميعِ أَشكالهما وَ أَصنافِهما قاطِبةً سِرَّاً وَ عَلانيَّةً على حَدٍّ سَواءٍ! هيَ أُمَّةُ الذُلِّ وَ العارِ وَ الخنوع! هيَ أُمَّةٌ تُطفِئُ الشموعَ وَ تأَخُذُ مِنَ التماسيحِ الدموعَ وَ تواصِلُ بأَقصى ماسوشيَّةٍ أَمامَ ناكحيها الركوع! هيَ أُمَّةٌ تعيشُ على امِتصاصِ الفُقراءِ وَ تتراقَصُ على جُثثِ الشُّرفاءِ وَ تَنحَني أَمامَ سارِقيها بكُلِّ اِستسِلامٍ وَ خضوع! هيَ أُمَّةُ سَلبِ كرامةِ الإِنسانِ وَ منعِ الْحُريَّاتَ وَ وأَدِ الاِستقرارِ وَ الرَّخاءِ! هيَ أُمَّةُ الهباءِ في هَباء وَ التّصفيقِ لِكُلِّ طاغٍ في غَباء! هيَ أُمَّةُ الأَوهامِ وَ انحناءِ الهامِ على مَرِّ الأَيَّامِ وَ الشهورِ وَ الأَعوام! هيَ أُمَّةٌ باتت وَ منذُ قُرونٍ مَضَت تنتشِرُ في الْمُجتَمعاتِ كافَّةً كانتشارِ النَّارِ في الهَشيمِ، فتأَكُلُ الحَرثَ وَ النسلَ، وَ تُهلِكُ العِبادَ وَ البلادَ، وَ تُكثِرُ الفَسادَ وَ الإِفسادَ، وَ تُظِهرُ ما في قُلوبِ نِعاجِها مِن نجَسٍ وَ قَذارَةٍ وَ شِركٍ خَفيٍّ بالله؛ تحتَ رِعايةِ أَربابها مِن كَهنةِ المعابدِ سُفهاءِ الدِّينِ، هيَ أُمَّةٌ أَصبَحَتْ جَميعُ الأَوساخِ البشريَّةِ على مَرِّ التَّاريخِ كُلِّهِ أَفضلَ مِنها دُونَ مُنازعٍ وَ بشكلٍ أَكيدٍ! أُمَّةٌ اِجتثاثُها بكُلِّ نِعاجِها هُوَ الْحَلُّ الناجِعُ لِكُلِّ تداعياتِها وَ آثارِها السلبيَّةِ الحاصلةِ في صَميمِ الأُسرةِ الإِنسانيَّةِ الواِحدَةِ، وَ خَيرُ اِجتثاثٍ لها هُوَ: مُقاطَعتُها بشتَّى المجالاتِ بجَميعِ تشعُّباتِها، بدءً مِن كَشفِها على حَقيقتِها أَمامَ الآخَرينَ بإِزالةِ القِناعِ الْمُزيَّفِ عَن وجهِها القَبيحِ، مروراً بتركِها تحتَرِقُ اِحتراقاً في نَيرِ جهلِها الرَتيب وَ نِفاقِها القَميء، وَ انتهاءً بعَدمِ الأَخذِ مِنها وَ عَدمِ العطاءِ إِليها مُطلَقاً؛ لتتداعى هاويةً أَكثرَ فأَكثرَ في لَعنةِ اِنسلاخِها مِنَ الإِنسانيَّةِ الغَرَّاءِ؛ حتَّى تتلاشى مِنَ الوُجودِ قبلَ فواتِ الأَوان.
– حُبٌّ هيَ أُمَّةُ الإِسلامِ الأَصيلِ.
– خَيرٌ هيَ أُمَّةُ الإِسلامِ الأَصيلِ.
– سَلامٌ هيَ أُمَّةُ الإِسلامِ الأَصيلِ.
أُمَّةُ الإِسلامِ الأَصيلِ، هيَ أُمَّةٌ باتَت بقاياها اليومَ تسيرُ على خُطى الانِقراضِ؛ لِتُعلِنَ بعدَ اِنقراضِها عندَ فواتِ الأَوانِ عَن وَكسةٍ وَ نكسةٍ وَ ندَمٍ شَديدٍ لدى جَميعَ الأُمَمِ قاطبةً دُونَ استثناءٍ؛ إِثرَ ما أَصابوهُ هُم مِن اِقتراضٍ وَ انقِضاضٍ وَ اعتراض.
– فمِن أَيِّ الأُمَمِ أَنت يا مَن أَنت أَدرى بنفسك أَنت وَ أَنا أَدرى بنفسك منك أَنت؟
(رافع آدم الهاشميّ الباحث المحقّق الأديب مؤسّس و رئيس
مركز الإبداع العالميّ السَّاعة (11.59) صباحاً في الاثنين: (1/7/2019م)، (28/ شوَّال/ 1440هـ)، (10/4/1398ش) ر