كتبت / إيمان يسري
تهنئة العيد .. كيف تحبها؟
شعب مصر من أكثر الشعوب التي لديها أعياد على مدار العام الواحد وبالتالي من أكثر الشعوب التي تأخذ أجازات في العام الواحد إحتفالا بهذه الأعياد المختلفة ؛ وتختلف أنواع الأعياد عن المصرين حيث أعياد دينية إسلامية (مثل عيد الفطر وعيد الأضحي والمولد النبوي) ودينية قبطية (مثل عيد الميلاد المجيد) وأيضا أعياد مصرية أصيلة تعود أصولها للفراعنة (مثل عيد شم النسيم) وغيرها من الأعياد المصرية الجميلة التي يعرفها الجميع. ومن ثم عند قدوم العيد يبدأ الجميع ببعث التهاني لبعضهم البعض من أجل التهنئة بالأعياد بإختلاف أنواعها وذلك من خلال الاتصالات الهاتفية عن طريق الخطوط التليفونية الأرضية أو الزيات المنزلية المتبادلة ، أو عن طريق الهواتف الخلوية (الموبايل) التي تعد أكثر تطورا حيث لا تجعلنا نحتاج للزيارة المنزلية ،أو إرسال الرسائل النصية القصيرة SMS التي يتبادلها الأصدقاء أو الأقارب والتي تجعلنا لا نحتاج إلى الاتصال التليفوني أيضا! ولكن كل هذه الوسائل كانت في قديم الزمن .. نعم! في قديم الزمان؛ حيث إن التطور التكنولوجي ما زال مستمر وسيستمر إلى ما لا نهاية وبدوره فإنه يؤثر تأثيرا كاملا على الشكل والوسيلة التي يستخدمها الأهل والأصدقاء والمعارف لتهنئة بعضهم البعض بالأعياد المختلفة.
ومن هنا نصل إلى ما وصلنا إليه الآن ؛ حيث ظهور الهواتف الذكية والتطبيقات التكنولوجية الأكثر تطورا وبالتالي أصبحت التهنئة بالأعياد عن طريق صورة عبر الواتساب أو فيديو قصير ذات طابع مرح يحتوي على شخصية خرافية من شخصيات تطبيقات الأندرويد المختلفة ويقوم بقول “كل عام وأنت بخير” وذلك نيابة عن الشخص نفسه الذي يبعث الرسالة. ومن هنا بدأت الاتصالات الهاتفية تتراجع أكثر فأكثر وكل ما يجب عليك القيام به لتهنئة أصدقائك أو أقاربك هو أختيار صورة مناسبة للعيد وإرسالها إلى كل من في قائمة الاتصال لدى تليفونك الذكي!
ولكن كيف تحب عزيزي القارئ أن تصلك التهنئة بالاعياد المختلفة من شخص عزيز عليك؟ هل تحبها عن طريق صورة تعبر عن المناسبة ومتداولة بين الجميع وأنت في قرارة نفسك تعلم ذلك جيدا وتعلم أنها لم تعد خصيصا لك؟ أم تحبها بواسطة مكالمة تليفونية جميلة تسمع فيها صوت هذا الشخص العزيز عليك وتعلم أن هذا الاتصال خصيصا لأجلك أنت؟! وهل هذا الاتصال التليفوني يجعل هذا الشخص العزيز عليك أقرب إليك عن غيره من الأشخاص الذين يرسلون صور أو رسائل صوتية منتشرة ومتداولة ولا تحتوي على أي نوع من الدفئ أو التميز؟
عزيزي القارئ هل ترى مع الصورة كاملة كما أريد أن أظهرها لك على حقيقتها؟ نعم .. على حقيقتها، الحقيقة التي يعرفها الكثير من جيل الثمانينات والسبعينات وما قبلهم وللأسف يوجد أجيال بأكمالها بداية من الألفينات لا يعلمون عنها شيء ، ألا وهي: أن التطور التكنولوجي أصبح يشكل تهديدا على العلاقات الإنسانية بين بني البشر!
نعم ..كلما زاد التطور التكنولوجي وخال لنا أن هذا التطور يسهل وسائل الاتصال ويجعلنا أقرب لمن نحب وأنه يزيد من ترابط العلاقات الإنسانية ، ولكن للأسف الشديد الحقيقية الواقعية تدل على العكس تماما وتشير إلى أن هذا التطور التكنولوجي يزيد من الجفاء بين البشر وأصبحت مشاعر الفرحة والسعادة التي اعتدنا أن نعيشها سويا من أجل الاحتفال بالأعياد المختلفة حين نجتمع في بيت العائلة أو صدقاء المقربون أوحتى عن طريق الاتصال بشخص عزيز لم نستمع إلى صوته منذ فترة من الزمن تتلخص في فيديو أوصور أو رسائل صوتية متداولة لدى الجميع والتي ليس لها أي نوع من التقدير أو التمييز لمكانة هذا الشخص لديك وأصبح لكل فرد عالمه الإفتراضي الخاص به الذي لا يعلم عنه أحد سواه متلخصا في هاتفه الذكي!
فلنلقي سويا نظرة على الغرب وخاصة دول أوروبا الذين هم المخترعون الأصليون لهذه الهواتف الذكية وتطبيقات الأندرويد المختلفة ، هل منعتهم هذا التطبيقات التكنولوجية من التجمع في بيت العائلة أو الأصدقاء في الأعياد وخاصة عيد الكريسماس؟ بالطبع لا ، بل وعلى العكس تماما، جميعهم يتركون هذه الهواتف الذكية وتطبيقاتها ويخططون بجدية لكيفية قضاء هذه العيد مع الأهل والأصدقاء والأقارب و يحرصون على التجمع سويا في أحد البيوت أينما يوجد ويسافرون إليه من مختلف الولايات
عزيزي القارىء أتمنى أن أكون وفقت من الله –عز وجل- على توصيل حقيقة هذا التطور التكنولوجي والحياة الزائفة التي يجعلنا نعيشها دون أن نشعر، والتي -هي بالطبع- تسلبنا كل لحظات السعادة الحقيقية الواقعية التي نستشعر لذتها عند التجمع مع بعضنا البعض كأفراد عائلة واحده أو مجموعة أصدقاء مقربون أو جيران محببون لدينا لقضاء أوقات ممتعة ومسلية إحتفالا بالأعياد المختلفة التي رزقنا الله إياها لكي نصل أرحامنا ونسعد أوقاتنا.