المناجاة فى الشعر ظهرت بصورة جلية فى الشعر العربى بل وصلت لحد أن أفرد وخصص عدد من الشعراء مساحات واسعة لها
ومن أروع وأجمل ما كتب بصورة المناجاة ” مناجاة الله ” تعالى والتى أظهرت عند البعض موهبة متفردة ملؤها الابداع
فيما يسطِّرون فنراهم وقد تعلُّقت أنفسهم بحب الله ، تلك النفس التي زكَّتها التقوى ورقَّقها الأدب، بالخالق الكريم سبحانه وتعالى، الذي لا يقطع التوبة عن عباده وإن ملُّوا من الاستغفار، وربَّما كان ديوان الإمام الشافعي حافلاً بأشهر القصائد والمقطعات التي تتناول مناجاة الله.
ونلحظ من خلال قصائد المناجاة التي برع في نظمها أولئك المناجون سمو الأدب ذلك الذي يرتقي بالمشاعر ويسمو بها في ملكوت التبتُّل والصفاء، ويدعوها إلى توحيد الله تعالى والإخلاص في العبادة وتجنُّب المعاصي والآثام،
واحسب أن تلك الأهداف النبيلة جاء بها الشرع، وأُسِّس عليها الشعرهى التى استوقفت وحركت خلجات نفس ” السيد حجاج “
ليكتب لنا تلك الفيوضات من ” لا تراودنى “.
فنلحظ من خلال ما كتب العتاب واللوم للنفس حد وصفها بالتقصير كما لا يفوتنا أنه لم يهمل الاستدلال العقلي، ليعلل جرأته على الدعاء برغم كثرة ذنوبه بأن عفو الله إذا قورن بالذنوب ظل أعظم، وأن قدرته على مجاهدة الشيطان لا تشتد إلا بتوفيق من الله ، ولعل الاستفهامات المتتابعة التى ساقها لهى تبيان واستدلال واضح على مدى حيرته وعتابه الشديد لنفسه لينتهى إلى الافرار بالتقصير ثم يأتى القرارالصادرعن نفس خالصة
لن أعصى الله الرحمن —- لن أعصى الله الرحمن
ويلحظ المتابع من ” السيد حجاج ” قلة كتاباته حد الندرة ولا أجد تفسيرا لذلك إلا أنه لايجرى وراء الكتابة بل يتركها تجرى خلفه مطاردة لفكرة ووجدانه حتى إذا ما أثقل ظلها كاهله بدأ ينفض عنه بعض منها عبر قلمه
أخيرا نطالبه بالمزيد من الكتابة وندعوه إلى ان يترك العنان لمزيد من الفيوضات الراقية
واليك أيها القارىء فيض ما كتبه ” السيد حجاج “
لا تراودني
جاء الشيطان يراودني
كي أعص الله ويسعدني
راودني المرة والمرة
أعطاني الفرصة قربني
ودعاني لأفعلها مرة
وإله الخلق سيرحمني
ولتنظر حولك يا ولدي
ففلان يعص بلا ندمي
بل أنت ستفعلها مرة
وستنسى الذنب وتنساني
الفرصة همست في أذني
وكذلك رقصت في بدني
وأنهمر الدمع يسابقني
خوفا من رب سواني
أعطاني العقل وعلمني
أن أرفض رجس الشيطان
هل أعص الرب المنان
أم أنس نعيما وجنان
هل أنس صلاتي في دربي
أم أنس رباطي بإخوان
هل أنس دعائي ومحرابي
أم أنس رسولي وأمامي
هل أنس كتاباً علمني
ولخير الدارين هداني
هل أنس الموت يداهمني
أم أنس حساباً أشجاني
هل أنس صراطا يهزمني
أم أنس النار تطاردني
يا قلبي بربك اخبرني
هل تعبد غير المنان
هل ترضى الشيطان وليي
وتسير وراء الفتان
إن كنت كذلك امهلني
كي أنزع نفسي وكياني
فلتفنى الدنيا أو تبقى
لن أعص الله الرحمن
لن أعص الله الرحمن
لن أعص الله الرحمن