أحمد فايز
إسلامه رضي الله عنه
سبب إسلامه أنه دخل على النبي صلى اللّه عليه وسلم ومعه خديجة رضي اللّه عنها وهما يصليان سواء
فقال: ما هذا؟
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: دين اللّه الذي اصطفاه لنفسه وبعث بيه رسوله، فأدعوك إلى اللّه وحده لا شريك له، وإلى عبادته والكفر باللات ولعزى
فقال له عليٌّ: هذا أمر لم أسمع بيه قبل اليوم، فلستُ بقاضٍ أمراً حتى أحدث أبا طالب
وكره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يفشي سره قبل أن يستعان أمره، فقال له: يا عليّ! إن لم تُسلم فاكتم هذا فمكث عليٌّ ليلته، ثم إن اللّه تعالى هداه إلى الإسلام، فأصبح غادياً إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأسلم على يديه، وكان عليٌّ رضي اللّه عنه يخفي إسلامه خوفاً من أبيه، إلى أن اطلع عليه وأمره بالثبات عليه فأظهره حينئذٍ أما أبو طالب فلم يرض أن يفارق دين آبائه
عن أنس بن مالك قال: بُعث النبي صلى اللّه عليه وسلم يوم الاثنين، وأسلم عليٌّ يوم الثلاثاء، وهو ابن عشر سنين، وقيل: تسع، ولم يعبد الأوثان قط
ليلة الهجرة
قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمكة بعد أن هاجر أصحابه إلى المدينة، أتاه جبريل عليه السلام وأمره أن لا يبيت في مكانه الذي يبيت فيه، فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب فأمره أن يبيت على فراشه ثم خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على القوم وهم على بابه وتتابع الناس في الهجرة، وكان آخر من قدم المدينة من الناس ولم يُفتن في دينه عليّ بن أبي طالب
ولما أمره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يضطجع على فراشه قال له: إن قريشاً لم يفقدوني ما رأوك، فاضطجع على فراشه
وظل علي في مكة ثلاثة أيام ليؤدي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم الودائع التي كانت عنده للناس
هجرته إلى المدينة
خرج عليّ رضي اللّه عنه .فكان يمشي الليل ويُكمن النهار حتى قدم المدينة، فلما بلغ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم قدومُه قال: ادعوا لي عليّاً
قيل: يا رسول اللّه لا يقدر أن يمشي
فأتاه النبي صلى اللّه عليه وسلم، فلما رآه اعتنقه وبكى رحمة لما بقدميه من الورم، وكانتا تقطران دماً، فتَفَل النبي صلى اللّه عليه وسلم في يديه ومسح يهما رجليه ودعا له بالعافية، فلم يشتكهما حتى استشهد رضي اللّه تعالى عنه
غزواته في سبيل الله
في غزوة بدر الكبرى، كان أمام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رايتان سوداوان، إحداهما مع عليٍّ يقال لها (العقاب) والأخرى مع الأَنصار. وأمره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يبارز في هذه الغزوة الوليدَ بن عتبة، فبارزه وقتله
وفي غزوة أحد قام طلحة بن عثمان فقال: يا معشر أصحاب محمد! إنكم تزعمون أن اللّه بعجلنا بسيوفكم إلى النار وبعجلكم بسيوفنا إلى الجنة، فهل منكم أحد يجعله اللّه بسيفي إلى الجنة، أو يجعلني بسيفه إلى النار؟؟
فقام إليه عليٌّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه فقال: والذي نفسي بيده، لا أفارقك حتى أعجلك بسيفي إلى النار، أو تعجلني بسيفك إلى الجنة فضربه عليٌّ فقطع رجله فسقط فانكشفت عورته فقال: أنشدك اللّه والرحم يا ابن عم، فتركه
فكبَّر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وقال لعليٍّ أصحابُه: ما منعك أن تجهز عليه؟ قال:ناشدني حين انكشفت عورته فاستحييتُ منه
وفي غزوة خيبر أعطى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اللواء عمر بن الخطاب ونهض من نهض معه من الناس فلقوا أهل خيبر فانكشف عمر وأصحابه فرجعوا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لأعطين اللواء غداً رجلاً يحب اللّه ورسوله، ويحبه اللّه ورسوله فلما كان من الغد تطاول لها أبو بكر وعمر فدعا عليّاً، وهو أرمد فتفل في عينيه وأعطاه اللواء
وأرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عليّاً والزبير بن العوام في أثر المرأة التي أعطاها حاطب بن أبي بلتعة كتاباً إلى قريش وذلك لمَّا أجمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المسير إلى مكة. بالحليفة فقال لها عليُّ بن أبي طالب: إني أحلف ما كذب رسول اللّه، ، ولتُخْرِجِنَّ إليَّ هذا الكتاب أو لنكشفك، ه، قالت: أعرض عني، فأعرض عنها فحلَّت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب منه فدفعته إليه، فجاء بيه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم
منزلته عند رسول الله
من الأحاديث التي وردت في فضل على بن أبى طالب كرم الله وجهه “اللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه” ” عليٌّ مني وأنا من عليٍّ” “أنت أخي في الدنيا والآخرة” “من آذى عليّاً فقد آذاني” “من أحب عليّاً فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب اللّه، ومن أبغض عليّاً فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض اللّه” “عليٌّ مع القرآن، والقرآن مع عليٍّ، لا يفترقان حتى يردا الحوض” عن علي رضي الله عنه قال : و الذي فلق الحبة و برأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه و سلم إلي : أن لا يحبني إلا مؤمن و لا يبغضني إلا منافق
قضاؤه
عن أنس رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: أقْضَى أمَّتي عليٌّ
وعن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قال: أقضانا عليُّ بن أبي طالب
وعن معاذ بن جبل قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعليٍّ: تختصم الناسَ بسبع، ولا يحاجك أحد من قريش، أنت أولهم إيماناً باللّه، وأوفاهم بعهد اللّه، وأقسمهم بالسوية، وأعدلهم في الرعية، وأبصرهم بالقضية، وأعظمهم عند اللّه مزية
عن عليٍّ رضي اللّه عنه قال: بعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى اليمن قاضياً وأنا حديث السنِّ فقلت: يا رسول اللّه تبعثني إلى قوم يكون بينهم أحداث ولا علم لي بالقضاء
قال: إن اللّه سيَهدي لسانك، ويثبت قلبك
قال: فما شككت في قضاء بين اثنين
وفي رواية: إن اللّه يثبت لسانك، ويَهدي قلبك ثم وضع يده على فمه
وبعثه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى اليمن، فوجد أربعة وقعوا في حفرة حفرت ليصطاد فيها الأسد، سقط أولاً رجل فتعلق بآخر، وتعلق الآخر بآخر حتى تساقط الأربعة فجرحهم الأسد وماتوا من جراحته، فتنازع أولياؤهم حتى كادوا يقتتلون فقال عليٌّ: أنا أقضي بينكم فإن رضيتم فهو القضاء، وإلاَّ حجزت بعضكم عن بعض حتى تأتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليقضي بينكم. اجمعوا من القبائل التي حفروا البئر ربع الدية وثلثها ونصفها ودية كاملة، فللأول ربع الدية لأنه أهلك من فوقه، وللذي يليه ثلثها لأنه أهلك من فوقه، وللثالث النصف لأنه أهلك من فوقه، وللرابع الدية كاملة، فأبوا أن يرضوا. فأتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلقوه عند مقام إبراهيم فقصُّوا عليه القصة. فقال: “أنا أقضي بينكم”-واجتبى ببردة-فقال رجل من القوم: إن عليّاً قضى بيننا، فلما قصوا عليه القصة أجازه
صدقته و زهده و تواضعه و أدبه رضي الله عنه
عن عمَّار بن ياسر رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعليٍّ: إن اللّه قد زيَّنك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب منها، هي زينة الأبرار عند اللّه، الزهد في الدنيا فجعلك لا ترزأ من الدنيا ولا ترزأ الدنيا منك شيئاً، ووصب لك المساكين فجعلك ترضى بهم أتباعاً ويرضون بك إماماً
وعن عليٍّ عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : يا عليّ، كيف أنت إذا زهد الناس في الآخرة ورغبوا في الدنيا، وأكلوا التراث أكلاً لَمّاً، وأحبوا المال حبّاً جمّاً، واتخذوا دين اللّه دَغَلاً، ومال اللّه دُوَلاً؟
قلت: أتركهم حتى ألحق بك إن شاء اللّه تعالى
قال: صدقت، اللّهم افعل ذلك به
أذن بلال بصلاة الظهر فقام الناس يصلون فمن بين راكع وساجد وسائل يسأل فأعطاه عليٌّ خاتمه وهو راكع فأخبر السائل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقرأ علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا، الَّذِينَ يُقِيْمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُوْنَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُوْنَ}
اشترى عليٌّ رضي اللّه عنه تمراً بدرهم فحمله في ملحفته فقيل له: يا أمير المؤمنين ألا نحمله عنك؟ قال: أبو العيال أحق بحمله
وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : أزهد الناس في الدنيا علي بن أبي طالب
و عن مجمع بن سمعان التيمي قال : خرج علي بن أبي طالب بسيفه الى السوق فقال : من يشتري مني سيفي هذا ؟ فلو كان عندي أربعة دراهم أشتري بها إزاراً ما بعته
و لما امتلأ بيت المال بالأصفر و الأبيض –الذهب و الفضة- فقال علي رضي الله عنه : يا ابن التياح علي بأشياخ الكوفة قال : فنودي في الناس فأعطى جميع ما في بيت المال و
خلافته رضي الله عنه
لما استشهد عثمان رضي الله عنه سنة 35 هـ بايعه الصحابة والمهاجرين و الأنصار وأصبح رابع الخلفاء الراشدين ، يعمل جاهداً على توحيد كلمة المسلمين واطفاء نار الفتنة ، وعزل الولاة الذين كانوا مصدر الشكوى
ذهبت السيدة عائشة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة المكرمة لتأدية العمرة في شهر محرم عام 36 هجري ، ولما فرغت من ذلك عادت الى المدينة ، وفي الطريق علمت باستشهاد عثمان واختيار علي بن أبي طالب خليفة للمسلمين ، فعادت ثانية الى مكة حيث لحق بها طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رضي الله عنهما وطالب الثلاثة الخليفة بتوقيع القصاص على الذين شاركوا في الخروج على الخليفة عثمان رضي الله عنه ، وكان من رأي الخليفة الجديد عدم التسرع في ذلك ، والانتظار حتى تهدأ نفوس المسلمين ،وتستقر الأوضاع في الدولة الاسلامية ، غير أنهم لم يوافقوا على ذلك واستقر رأيهم على التوجه الى البصرة ، فساروا اليها مع أتباعهم