بقلم : على الصاوى
“لا كرامة لنبى فى قومه ومطرب الحى لا يشجى” مقوله تتناقلها الألسن من قديم الزمان، تجسد حالة الغربة التى كان يعيش فيها النخب الإجتماعيه من علماء وأدباء ومصلحين فى أوطانهم ، وكيف كان يتهكم عليهم أراذل القوم والسفهاء منهم ،سواء للغيره الدفينه داخل صدورهم أو بالتسليط عليهم من حسادهم، وما زالت هذه المحنه تمتد وتشتد وطأتها فى كل عصر على المتميزين وأصحاب الرأى والصلاح فى كل بلد
هناك قاعده فى علوم الفقه تقول ” إذا بلغ الماء قلتين فإنه لا يحمل الخبث ” بمعنى لو أنك وضعت الماء فى وعاء كبير ، وجاء أحد وبصق فيه بصقه لا ترى بالعين فهل هذا ينجس الماء كله ويجعله غير صالح للإستخدام ؟؟ بالطبع لا لأنها نقطه صغيره جدا وسط الدلو !! يكفى أن تزاح باليد دون أن نضطر إلى دلق الماء بكامله ، وهكذا ينبغى أن نتعامل مع الناس ، فإذا كان هناك شخص من أفاضل الناس يعرف بالورع والصلاح وحسن الخلق أخطأ يوما ،دون قصد أو سقط فى ذلة عن جهل فلا تذمه مهما كان الأمر ، وانظر إلى الجانب المضيئ فى أعماله الفاضله ومحاسن فعاله ،ستجد أنها تفوق بكثير هذا الخطأ بل لا يكاد يذكر بجوار جميل خصاله الكريمه .
طالعتنا الصحف ووسائل الإعلام عن إدراج اسم اللاعب محمد أبو تريكة على قوائم الإرهابيين!! مما أدى إلى حدوث حاله من الفوران الإجتماعى واعتراض فى كثير من الأوساط سواء المواليه أو المعارضه ، فى مشهد يختصر حالة التخبط فى اختلال المعايير القضائيه فى إصدار القرارات والحكم على الناس ، فأنا لم أقابل هذا اللاعب بشكل شخصى حتى تكتمل لدى الصوره فى الحكم عليه ، لكن هناك مقوله تقول ” ألسنة الناس شواهد الحق ” فما نسمعه من سيرة هذا اللاعب على ألسنة الناس داخل الوطن وما شاهدناه من مواقف ثابته له فى كثير من القضايا، تؤكد لنا أنه حقا إنسان على قدر من الخلق والحياء، جواد فى عمل الخير ، يشعر بالأخرين ويشاركهم أفراحهم وأتراحهم ، سمته التواضع، لا يتعالى على أحد ، كل من تقرب منه شهد له بحق إنه من نوادر العصر فى الإحترام والرقى والأدب، ودعونى أن أذكر بعض المواقف التى تبين للقارئ مدى إنسانيه هذا الرجل.
كان لاعب فى نادى الترسانه قيمة أول عقد احتراف له 45 الف جنيه في العام ، وكان قيمة عقد زميله أحمد زغلول فى نفس النادى 45 الف أيضا ، فلما جاء وقت تجديد عقودات اللاعبين فوجئ ان قيمة عقده أصبحت٦٠ الف جنيه ، بينما زميله تراجع عقده إلى 30 ألف جنيه ؟؟
فذهب أبو تريكة لرئيس النادي يسأله عن السبب !!
فقال له لأنك لاعب هجوم وهو مدافع وهذا سعرك في سوق اللاعبين ، فرد أبو تريكة قائلاً طالما قيمة عقدينا الإثنين 90 الف جنيه اقسمهم بيننا كل لاعب 45 الف جنيه، وبالفعل تم له ما أراد ، أى إيثار هذا الذى يجعله يضحى بجزء من ماله فى سبيل إرضاء صديقه .
تمر السنوات ويصبح أشهر وأهم لاعبي مصر وأفريقيا والوطن العربى ويصبح اللاعب الذى عمل صغيرا ً” صبي في ورشة طوب” أعلى دخل للاعب مصري (تجاوز ١٠ مليون جنيه سنويا) لم يتغير ولم يفقد بساطته وتواضعه وأخلاقه ، لم تفتنه الشهرة ولا المال ولا الأضواء
كان صاحب رسالة مؤثراً في محيطه ،محبوبا من كل من حوله ،تضامن مع غزة في حربها مع إسرائيل وتعرض للإيقاف والغرامة ،قال عنه مدربه مانويل جوزيه، تعلمت على يديه حب العمل الخيري ، وأن تعيش لغيرك لا لنفسك فقط ،كان له مقرأة أسبوعية في ناديه ، ولقاء شهري مفتوح في منزله ،كان اللاعب الوحيد الذي تضامن مع جماهير النادي بعد مذبحة ملعب بورسعيد ،وتعرض لمشاكل كبيرة مع ناديه بسبب ذلك
..صانع الفرحة ،وأمير القلوب ،والماجيكو كما يسمونه ، هذا اللاعب أقام الحجة علينا جميعا ،وعلمنا أنه ليس شرطاً أن تكون عالم كبير أو داعيه إسلامى كى تستطيع خدمة دينك ودعوتك وقضيتك ، هذا اللاعب رغم بعده عن الأضواء والشهرة ،ورغم تعرضه للتشهير والتجريح ومصادرة الأموال ،إلا أنه ما زال يعطينا الدروس المتتالية في الزهد وأن أرصدة الحب فى القلوب أفضل من أرصدة المال فى البنوك .
هذا غيض من فيض لفضائل هذا اللاعب ولو أنى تركت القلم ليكتب مأثره الجميله، لسطر عشرات الصفحات التى لن توفيه حقه ، وإلى كل من أخطأ فى هذا اللاعب أذكره بقول الشاعر ” كضرائر الحسناء قلن لوجهها، بغضا وحسنا إنه لدميم “