كتب/ محمد مامون ليله
هذه الزيارة الكريمة التي قام بها الأمير محمد بن سلمان إلى الأزهر الشريف تمثل نقلة نوعية في طبيعة العلاقات المصرية السعودية، والتي شهدت طفرة كبيرة في السنوات الأخيرة، كما أنها تؤكد على تقدير ابن سلمان كممثل للنظام وللشعب السعودي للأزهر الشريف جامعا وجامعة، ودوره العظيم في محاربة الفكر المتطرف، ونشر ثقافة السلام والتعايش، وخدمة قضايا المسلمين وجمع كلمتهم، ورغبته في التواصل معه للاستفادة من هذه الخبرات.
وقد عرض الأمير في زيارته الأخيرة على الأزهر الشريف مشاركته كمرجعية علمية في «مجمع الملك سلمان للحديث النبوي الشريف».
وهذا التقارب الذي يلوح في الأفق بين المؤسسات الدينية الأزهرية والسعودية أمر في غاية الأهمية، وينبغي على جميع العقلاء والقيادات من الجانبين استغلال هذا الانفتاح من أجل مستقبل واعد للأمة الإسلامية، لعل الله يجمع كلمتها ويوحد صفوفها.
وفيما يلي بعض مقترحاتي في هذا الموضوع:
– لو أن بعض الأزاهرة عرض إنشاء كليات ومعاهد أزهرية في المملكة على قيادتها، بحيث تتبع إدارتها المالية والإدارية الحكومة هناك، وتبنيها بنفسها وتؤسسها، ويرسل إليها العلماء والمدرسون من مصر، ويضع مناهجها الأزهر الشريف، ويعطي شهادات أزهرية للمتخرجين منها، مع إشراف وتنسيق من الدولة المصرية؛ لكان فتحا!
ومن خلال هذا الأمر سنقترب أكثر من الفكر المنتشر هناك، فتكون خطوة للتقارب بين الأمة الإسلامية، كما أنه مشروع مهم للحفاظ على الأمن القومي المصري؛ وتمدد الأزهر الشريف خارج مصر، وانتشار ثقافة الاعتدال والوسطية، والقضاء على الأفكار المتطرفة بالتعاون مع المؤسسات الدينية هناك، وسيوجد فراغات في القطاع الحكومي في الأزهر؛ فتسمح بالتوظيف، وملء أماكن المعارين بتعيينات جديدة، وبهذا نقضي على مشكلة تراكم تعيينات الأوائل في الجامعات، والمتخرجين منها، كما ستساهم في تخفيف العبء عن الأزهر والدولة المصرية، وتوسع للطلبة الوافدين أماكن جديدة ، لينتشر العلم الوسطي في معظم دول العالم.
– ولو قام الأزهر الشريف بعمل أروقة أزهرية في المملكة، ويستخدم في ذلك خريجيه من الأزاهرة، ويرسل إليهم ما يحتاجونه من دعاة وعلماء، وتتكفل الدولة السعودية بتوفير المال والأماكن التي يدرسون فيها؛ لكان شيئا رائعا!
وانتظر بعد تطبيق هذه الفكرة بطريقة ممنهجة عاما واحدا، وانظر ماذا سيكون شأن الأزهر خارج مصر، على ان يتم هذا بتعاون واتفاق كاملين بين الأزهر والمؤسسات الخيرية والحكومية في هذه البلاد بإشراف الدولة المصرية.
– لو قام الأزهر الشريف بجعل المادة التي ينتويها عن القدس تشمل المقدسات الإسلامية كلها، مع ملخص لسيرة سيدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم-، واشتركت معه المؤسسة الدينية في المملكة في وضعها وتدريسها كمادة موحدة في البلدين، مع تبادل المدرسين بينهما لشرحها، وكانت مادة مشتركة تدرّس فيهما معا؛ لكان شيئا رائعا!
– كما أقترح على مشيخة الأزهر الشريف وجامعة الأزهر أن يتعاونا معا لإقامة حفل مهيب سنويا؛ لتكريم طلبة العلم الوافدين الذين تخرجوا من جامعة الأزهر الشريف، ويُدعى إليه سفراء المملكة السعودية وكبار رجالها في مصر وولي العهد السعودي، ويتم التكريم من شيخ الأزهر الشريف ورئيس جامعة الأزهر وكبار قيادات الأزهر والمسؤولين السعوديين، ولاشك ان هذا يعطي انطباعا رائقا وذكرى طيبة لا تنسى عند الطلبة والحاضرين.
كما أنه مهم جدا على الجانب الدبلوماسي والسياسي في توطيد العلاقات بين مصر وهذه الدول، وفي رفعة مكانة الأزهر الشريف هناك أكثر وأكثر، كما أنهم لن يتوانوا أبدا في تقديم أي دعم للأزهر الشريف لمواصلة جهوده العلمية، وسيظل هذا التكريم محفورا في ذهن الطلبة المتخرجين، ولعل أحدهم ان يكون مسؤولا يوما ما في بلده، فيقدم كل عون لمؤسسته الأزهرية.
– كما اقترح على فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف إنشاء كلية للفتوى وعلومها ، وهذه فكرته التي طرحها من عدة شهور، وأضيف إليها ان تكون كلية موحدة يترك فيها الأزهر مع المملكة في مواده ومدرسيه، وتصمَّمُ لها مناهجُ ذات طبيعة موسوعية.
وتكون للأوائل فقط من الدوليتين، ونضع لها شروطا وضوابط محددة، وتتعاون دار الإفتاء مع الأزهر مع المؤسسة الدينية في المملكة فيها.
ويشترط ان يجد المتخرجزم من هذه الكلية وظائف مرموقة تليق بهم إما في دار الإفتاء، أو في مؤسسات مرموقة تابعة لمشيخة الأزهر، او المؤسسات الدينية السعودية، او الجامعات، أو تتاح لهم وظائف في دور الإفتاء في المملكة، ولو تمّ هذا الأمر؛ لكان فتحا عظيما لا يمكن تصوره، وبالله التوفيق!
– أما فيما يتعلق بمشاركة الأزهر في مجمع الملك سلمان للحديث النبوي الشريف»، فهو امر طيب جدا، ولا بأس أن يشارك الأزهر بشيوخه، وكتب رجالاته، وأن يحث أبنائه على تقديم كتب ومقترحات لتطوير علم الحديث وتجديده بما يتناسب مع العصر الحديث والظروف المحيطة، وقد انتهيت من تصنيف كتاب على منهج الأئمة الكبار النقاد الكبار كاحمد بن حنبل، وابن المديني، وابن معين، وأبي حاتم، وأبي ورعة، والبخاري، ومسلم، بطريقة سمحت لي بالرد على أهل الشبهات في الصحف والمجلات بكل سهولة، وأتمنى ان أقدمه للمجمع هناك تحت رعاية الأزهر؛ لأنه يمثل نقلة نوعية في علم الحديث الشريف وتجديدا مهما.
– أما فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب: فاللأزهر دوره الكبير، وخبرته الواسعة المتراكمة، وينبغي أن يفعل لجنة لتقديم مشروع متكامل عن الإرهاب والتطرف، أسبابه، وعلاجه، وقد انتهيت بحمد الله تعالى من مشروع ضخم لمعالجة الإرهاب والفكر المتطرف في جميع المجالات، نشر أغلبه في الصحف والمواقع العربية والمصرية، ولو دعاني الأزهر يوما إلى تقديمه لهم؛ فلن أتاخر عنهم، لعل الله ينفع به.