كتب احمد ابراهيم :
كان فيه واحد راجل غلبان قوي، وكان بيشتغل حارس عماره في مصر الجديدة .. وكان عايش في حجرة صغيره قوي في مدخل العماره هو ومراته و أربعة أطفال عيشة صعبه جداً .. وفي أحد الأيام ناداه ساكن طيب من سكان العمارة وقاله:
يا حسنين المحافظة نشره اعلان في الجورنال، عايزه ناس تشتغل عمال نظافة، متروح يا بني قدم وأشتغل .. ومراتك موجوده في العماره تحرسها لغاية ما تيجي من الشغل .. قاله: وحيقبلوني يا أستاذ مصطفى ده أنا غلبان ومليش وسطه .. ومش حيقبلوك ليه يا بني .. روح من الصبح وقدم على الوظيفه وقول يارب .. حسنين ومراته قعدوا طول الليل يحلموا بالوظيفه الجديده وعيشتهم اللي حتحلو من المرتب الجديد .. ولما الفجر طلع قام حسنين واتوضى وصلى الفجر ودعى ربه ان الوظيفه دي تكون من نصيبه، وطلع على المحافظه .. وأول ما وصل مصدقش عينيه، من طول الطابور اللي الناس واقفه فيه علشان يقدموا على الوظيفه .. وقف حسنين في الطابور الضخم ساعات طويله ممله ولكن كلها أمل وثقه في ربنا .. ان ربه حيوفقه وحيكرمه وحيوسع رزقه .. وبعد ما وصل للموظف اللي بيستلم طلب التقديم والمستندات المطلوبه .. جهز طلبه اللي كان كتبهوله الراجل الطيب اللي قاله على الوظيفه وسلمه للموظف ومع الطلب بطاقته الشخصيه وشهادة ميلاده .. الموظف راجع الطلب وشاف بطاقته وشهادة ميلاده .. فقاله يا حسنين فين شهادة محو الأميه .. فقاله يا أستاذ أنا مبعرفش لا أقرأ ولا أكتب .. فالموظف قاله: يبقى يا حسنين مش حتنفع للوظيفه دي .. لازم تقدم مع الطلب شهادة محو الأميه .. ورجع الموظف لحسنين الطلب تاني .. فأخده حسنين ورجع بيته مكسور، وهو بيبكي في الشارع ويناجي ربه وبيدعيه انه يجبر بخاطره ويوسع رزقه ورزق مراته وعياله ..
دخل حسنين على مراته حُسنيه حزين وعينيه كلها دموع وقالها: مفيش نصيب الحمد لله على كل حال .. قالتله: ونعم بالله .. المهم احنا كويسين وعيالنا الحمد لله كويسين .. وبعد فترة سكوت قالتله مراته: يابو صلاح خد الغويشه اللي حيليتنا وبيعها، وأنزل الوكاله من الفجر، أشتري بيهم سبتين طماطم، وسبتين خيار وشوية خضار وأقف بيعهم على ناصية الشارع، والناس كلها بتحبك هنا، وحيشتروا منك وحينفعوك .. قالها: معقوله الناس حتسيبني أبيع في الشارع .. قالتله: ما الناس كلها بتبيع في الشارع، خليها على الله ومتشلش هم، ربنا كبير ومش حينسانا ..
حسنين نزل باع الغويشه ومن قبل الفجر كان في وكالة الخضار .. صلى الفجر هناك واشترى المطلوب ونزل فرش في الشارع وتوكل على الله .. حسنين باع وأشترى والسنين مرت، وحسنين تجارته كبرت قوي ووسع نشاطه في حاجات كتير وأشتغل في المقاولات، يبني عماره وأتنين وتلاته، وأصبح معاه فلوس كتيييير قوي قوي .. مرات حسنين قالتله: يابو صلاح الفلوس بقت كتير وخايفه حد يسرقهم مننا وهما تحت السرير .. ما تروح على البنك اللي في الميدان وحطهم عندهم .. أأمن لينا ولولادنا .. قالها: والله فكره كويسه .. حسنين من الصبح أخد الفلوس وطلع بيهم على البنك .. دخل على الموظفه قالها: عايز أخلي فلوسي عندكم .. قالتله: تمام يا حاج، هات بطاقتك أبدأ في الأجراءات .. ودخل حضرتك فلوسك الخزنه يعدوها .. حسنين عطى البطاقه للموظفه .. وراح الخزنه عطى الفلوس للموظف يعدها .. الموظف أخد الفلوس يعد ويعد ويرتب الفلوس لغاية ما طلع روحه، وبعد ما خلص وقال للموظفه وهو مندهش: أن المبلغ طلع ٥ مليون جنيه ..
الموظفه هي كمان أندهشت ان الراجل التعبان اللي قصدها معاه المبلغ ده كله .. الموظفه جهزت مستندات فتح الحساب ووضعتها قدام حسنين علشان يمضي على طلب فتح الحساب وباقي المستندات .. فقالها والله يا بنتي انا مبعرفش لا أقرأ ولا أكتب .. فالموظفه أندهشت قوي قوي .. فقالها: يا بنتي متندهشيش كده .. والله انا لو كنت بعرف أقرأ وأكتب كان زماني كنت شغال زبال في الحكومه ..
قال تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}..