كتبت: مروه هندى
لا زلت أذكر عندما كنت صغيره بالمدرسة في الصف الإعدادي أدرس جغرافيا مصر وأتعرف علي أن الكثافة السكانية في مصر تنحصر في الوادي الضيق لنهر النيل والدلتا ، وأن التمركز الأكبر لعدد السكان يتمثل في القاهرة العاصمة والتي أصبحت اليوم تئن من الزحام المريع المرعب وأذكر كذلك أننا درسنا كيف أن الرحلات اليومية للعاملين القاطنين بالمحافظات القريبة من القاهرة وكذا المقيمين الذين نزحوا من بلادهم واستقروا بالعاصمة كانت تمثل عبئاً كبيراً علي هذه المدينة البائسة .
ولا زلت أذكر أن زملائي كانوا يتعجبون عندما يسألونني -انتي منين- وأخبرهم أنني من هنا ( من القاهرة) فيقولون لي لا مستحيل كلنا لابد لنا من مكان آخر وبلد ومحافظة أخرى.
فاذهب لأبي ويؤكد لي أننا من القاهره منذ قديم الزمان وعاش هنا في نفس مكاننا أجداد أجدادنا .
وأن جدى الأكبر جاء إلي مصر مع جيش عمرو الفاتح واستقر بالقاهرة وأن أصولنا البعيدة تعود الي البقعة المقدسة (مكه) وأننا من الاشراف ويطلعني علي الأوراق التي تؤكد أقواله-رحمة الله وبركاته وسلامه وأمنه عليك يا أبي، اللهم ارفع والدى الحبيب درجات في جنات النعيم –
وأعود لأصدقائي وأتحدث بكل ثقة أنني من هنا من القاهرة وهذا وطني وموطني الأصلي وأزيد لهم وأقول أليست القاهرة العريقة في القدم كانت موطناً أيضاً يسكنه الناس فهي قاهرة المعز الفاطمية والمملوكية والايوبية .
وتمر السنوات وأكبر وتكبر معي معلوماتي وخبراتي وحبي لهذه القاهرة التي برغم كل ما بها من زحام وضغوط هي وطني التي تسكن قلبي هي من أتوق اليها عندما أسافر الاسكندريه أو مطروح والساحل الشمالي أو شرم الشيخ و العين السخنه وحتي مكه .
إلي أن سافرت دهب وما أدراك ما دهب
وقعت في عشقها
ولأول مره يستوطن مكان غير القاهرة قلبي ويجبرني علي التفكير الجديد
لماذا القاهرة
لماذا نتمسك بالزحام والتوتر والضغوط
لماذا لا نهرب من كل هذا ونختار ان نعيش ونعمل ونستقر في الجنة .
لقد أصبحنا جميعنا هنا نعاني من الأمراض النفسية بسبب شدة الضغوط والإرهاق المتواصل والدوران في ساقية الحياة .
لقد ذهبت الي دهب بالصدفه وكنت سأقيم بها يوم او اتنين علي الأكثر لكن امتد الوقت لأسبوع وأجبرت نفسي علي الرجوع الي القاهره من أجل عملي بعد ما اتخذت قراراً وقتياً بالترتيب لنقل حياتي كلياً هناك مثل الكثير ممن قابلتهم هناك واستقروا في دهب فعلياً وأكثرهم الأسكندرانيه ولكم أن تتخيلوا ان هناك من ترك اسكندريه المارية وبحرها وجمالها واستقر في دهب ومنهم بنات اخترن الإقامة بمفردهن
فلقد قابلت بنت اسكندرانيه تعمل وتقيم في دهب ولم تزور اسكندريه منذ خمس سنين وكانت والدتها وخالتها عندها في زيارتها .
أعتقد اني لو كنت مكانها أكيد كنت هاعمل كده
ويقال أنه في الفترة الاخيرة نزحت أكثر من ألف أسرة للاستقرار والإقامة في دهب وده مؤشر خير حقيقي وقد أخبرني بهذه المعلومة منظم الرحلات الرائع الذي أسعدني الحظ بمقابلته هناك (ا.أسامة الباز)
أنا لا أنسي أنني قد بعت سيارتي برغم عشقي لقيادة السيارات بسبب مشاكل زحام المرور والتوتر ومشاكل الركنه في شوارع القاهره وعندما زرت دهب تجدد حلمي في قيادة السيارة من جديد .
انت لما تروح دهب هترجع فاصل تماماً ورايق بجد انا رجعت ولقيت ماما بتحكيلي عن موضوع بسيط، ومتعصبه قلت في نفسي احنا ليه بقينا هنا في القاهره بنتعصب وبنتوتر بسرعه من مواضيع تافهه جداً .
انا شفت ناس قاعدين في كافيه علي الممشي في دهب وقع بيهم التراس اللي ع البحر من كثافة العدد وقعدوا يضحكوا ويهزورا ويقولوا مين اللي باصص في السفريه
وانت في دهب بتشوف الهدوء والجمال والبساطة في كل التفاصيل والناس هناك لطيفه جداً بجد بحكم هدوء الاعصاب المستمر .
انا مش هاحكي عن جمال المناظر وروعة الألوان وهاسيب الصور تحكي
بس هاقول انك في دهب هتقدر تشوف البحر والجبل والصحرا وتعمل أنشطة كتير جداً
ما بين طلوع جبل الطويلات ووادي جني
وتروح نويبع ورأس شيطان وأبو جالوم وبساطه وطابا
وتعمل السفارى العالمي هناك .
وطبعاً السنوركلينج والدايفينج فد دهب اللي بتتصنف في المركز الثاني عالمياً في الغوص في العالم بعد استراليا .
و المحميات زي أبو جالوم وإمكانية المبيت أمام البحر للصبح ومشاهدة الشروق.
الثرى بولز والبلو لاجون والبلو هول والممشي والكافيهات اللي ع البحر والكلاب اللي في كل مكان تتمتع باللطف ومسالمين وطيبين جداً تقريبا كل الكائنات هناك تنعم بالسلام والامان لدرجة انني رأيت قوقعاً صغيراً يمشي علي قدميه في الممشي!.
والناس هناك سواء عرب وبدو سيناء الجنوبية أو النازحين المقيمين والعاملين في دهب كلهم يتمتعوا بالطيبه واللطف والذوق والشهامة .
والاسعار هناك حلوه جدا خصوصا في محلات الاكل اللي مش بس رخيص لكن حلو جداً ونضيف جداً . وطبعا الايجارات رخيصه جداً مقارنة بالقاهرة وسوق العمل مفتوح .
واخيراً أحب اقولكم روحوا دهب روحوا دهب روحوا دهب يا جماعه
روحوا سينا اللي بكي الاسرائيلين بالدموع علي خروجهم منها وعندهم حق، وهما هناك من اكتر الجنسيات اللي بتعمل حالياً سياحه في سيناء .
وأخيراً أتمني أن تتغلب رغبتي في الراحه والهدوء والسلام علي حبي لمعشوقتي الغالية (القاهرة) .