في يوماً من الأيام كان عثمان الحكيم يمشي في السوق، فمر على ورشة جاره النجار .. وكان النجار يعمل في تصنيع قطعة نجارة جميلة بكل دقة وإتقان، وهو يدندن ويرفع صوته بالغناء .. فنظر إليه عثمان الحكيم وسأله:
” هي صنعة ولا راحة بال ؟ ” ..
فقال النجار مفتخرا: بل صنعة طبعاً .. فأنا نجار ابن نجار !!! ..
فابتسم عثمان الحكيم ومضى في طريقه، ثم خطرت له فكرة أراد أن ينفذها ليُعلم النجار درساً يفيده في حياته،
فعرج إلى السوق، وأشترى لحماً ضان وخضاراً وفاكهة من كل الأنواع، وطلب من طفلاً يلعب أمام بيت النجار، أن يعطيها إلى زوجة النجار، وأن يقول لها: هذه بعثها زوجك، ويريدك أن تطبخيها اليوم ..
وحين عاد النجار من عمله جائعاً، وجد أمامه مائدة حافلة من اللحوم والخضار وبجانبها فاكهه متنوعه وطازجة، فتعجب، وقال لزوجته بإستنكار: من أحضر هذا الطعام الشهي، وهذه الفاكهة من كل الأصناف ؟ ..
فقالت: أنت بعثتها لي صباح اليوم ..
فهاج النجار، وقال لها إنه لم يرسل لها أي شئ، وتشاجر مع زوجته، وأخذ يفكر طوال الليل وهو غاضب، ويتسائل هل زوجتة تكذب عليه .. أم ماذا في الأمر، وأصابه القلق والهم ..
وفي الغد مر به عثمان الحكيم .. فإذا بالنجار مهموماً لا يعمل ولا يدندن بأغنية كعادته .. فأخذ يراقبه فإذا به عندما يحاول دق مسمار إما أن يضرب إصبعه أو أن يدقه في غير موضعه، فيترك العمل ويجلس أمام ورشته مهموماً .. فذهب عثمان الحكيم مبتسماً للنجار وقال له:
هي صنعة ولا راحة بال ؟ ..
فالتفت النجار إليه، ثم قال له: أغرب عن وجهي !! ..
فضحك الحكيم، وذكر له أنه هو الذي بعث بالخضار واللحم والفاكهة صباح أمس ليمتحنه، فلما علم النجار أنها لعبة تيقن من صدق زوجته فارتاح باله، وقال للحكيم: بل راحة بال ورضا وكرم من الله .. وعاد النجار إلى عمله بإتقان وبدأ يرفع صوته بالغناء مره اخرى ..
كتبه أحمد ابراهيم