تبدأ قصة الغريب مساء يوم الأثنين الموافق الثامن والعشرين من شهر مايو الماضى بميدان الجيزة ، والتى ترويها لنا سيدة من سيدات مصر العظام الأستاذة عزة حمدان فرغلى وهى تعمل موظفة بالشئون الإجتماعية ، والتى كرست حياتها ووقتها ومالها لمساعدة الفقراء والمحتاجين والأسر المعدمة .
ففى الوقت الذى تخلى فيه الكثير من الناس عن مسؤليتهم الإنسانية والأخلاقية تقدمت عزة فرغلى لتضحى بحياتها وأمنها الشخصي من من أجل الآخرين دون إنتظار لكلمات الشكر والثناء من احد ، حتى وإن كلفها ذلك أثمن ما تملكه فى حياتها وذلك فى سبيل الوطن وإدخال البهجة والسعادة فى قلوب التعساء .
تقول عزة حمدان : أثناء عودتى من عملى ومرورى بميدان الجيزة مساء يوم الأثنين الموافق ٢٨من شهر مايو الماضى لمحت شابا يجرى بسرعة شديدة محاولا عبور الطريق بميدان الجيزة أمام مسجد الإستقامة يرتدى بنطال جينز وقميصا ، وفجأة وأثناء محاولته عبور الطريق صدمه أتوبيس رقم ٤٢٤ عمرانية فدهسته عجلاته وسقط الشاب المسكين على الأسفلت فى بركة من الدماء .
وقالت عزة : فأسرعت الى الشاب لمساعدته وتجمع حوله الناس وحملوه الى جانب الطريق حتى حضرت سيارة اسعاف ونقلته الى مستشفى أم المصريين ، وقلم أطبلء المستشفى بعملهم على أكمل وجه لإنقاذ حياة الغريب ، ولكن دون جدوى ، فقد حانت ساعة الرحيل. وقال القدر كلمته وفارقت روح الغريب جسده الممزق تحت عجلات الفوضى والرشوة والمحسوبية التى تنهش أجساد المصريين وتحصد أرواح الأبرياء .
ولازمت عزة جسد الغريب بالمستشفى وتم عمل محضر بالواقعة ولم يتم التعرف على هوية الشاب نظرا لأنه لم يكن يحمل بطاقة الهوية الشخصية ولم تعثر الشرطة معه على أوراق تثبت شخصيته ، وتم عمل نشرة بصورته وتوزيعها على أقسام الشرطة والجهات المختصة لرصد أى بلاغات تتطابق مع مواصفات الشاب ، وحتى اللحظة لم يتم التعرف على ، وقامت عزة بإستخراج تصاريح دفن الغريب وتحملت وحدها مسئوليته وأحضرت الكفن على نفقتها الخاصة .
وصرحت النيابة بالدفن وباشرت إدارة المستشفى إجراءات خروج جثة الغريب الى مثواه الأخير بمدافن الصدقة بمدينة ٦أكتوبر ، ورافقت عزة فرغلى جثمان الشاب مجهول الهوية الى مقابر الجمعية الشرعية بأكتوبر وقامت بتوثيق الحادثة وعملية الدفن بالصوت والصورة .
عزة فرغلى سيدة من سيدات العمل العام قل نظيرها وندر أن يجود الزمان بمثيلها إلا أنها تناشد أصحاب القلوب الرحيمة وكل من يتعرف على جثة الغريب أن يقوم بواجبه الدينى والإنسانى والوطنى كى يبرد نار قلب ام مكلومة أو زوجة مصدومة أو عائلته المهمومة .