كتب : السيد عبدالرحيم الزرقاني
بمبة امرءة عجوز تبلغ من العمر 60 عاما تتحدى الزمن والظروف لترسم البسمة على وجوه الكبار والصغار، تخرج فى منتصف الليل وتترك فراشها لتسحر الصائمين تصطحب طبلتها الرنانة وتتجول بين الشوارع بصوتها العجوز المملوء بروح البركة: “أصحى يا نايم وحد الدايم رمضان كريم” تسرع الأطفال من الشبابيك والبلكونات ليسمعوا أسمائهم تتردد على لسان المسحراتية العجوز وهى بكل حميميه تنادى على أسم أسم ولا تنسى منهم أحد بأبتسامه تقول: “العيال الصغيرة بتستنانى كل ليلة أنادى عليهم ولمابنسى أسم ممكن يبكى ويرفض يتسحر
”.
تقول الحاجة بمبة عملت بالمنازل منذ الصغر مع ولدتي وتزوجت فى سن الساسة عشر هرباً من الجهل والفقر ولكن القدر لن ينصفها فزوجها كان مدمن للمخدرات حتى وصل به الحال لإتلاف أعصابه وخلايا المخ عانت معه عند الدكاترة والمستشفيات إلا أن طلقت منه وتزوجت من زوجها المسحراتى كان منفصل هو الآخر ولديه ثلاث أبناء ظلت مستمره بالخدمة فى المنازل لتساعد على المعيشة إلا أن توفاه الله منذ سبعة وثلاثون عام وأصبحت وحيده أم لخمسة أبناء بعد إنجابها لأثنين منه.
جعلت بمبة من أنوثتها فى الثلاثين تختفى لتخرج إلى الشارع حامله طبلتها والعصى فى منتصف الليل لتسحر الصائمين تاركه أولادها الخمسة نائمون بفراشهم بمفردهم بعد فراق الأب لا يقدرون على تحمل مسؤولية أنفسهم، رحل عنهم ووضع المسؤلية والحمل الثقيل على ظهر أمهم “الحاجة بمبه “التى تبلغ من العمر أرذله ولا تقبل مساعدات من أحد بدون عمل تأخذ معاش من التضامن الأجتماعى ولكنه ضعيف قصاد أحتياجات أبنائها فهى مازالت تحمل همهم حتى بعد أن تزوجوا .
تلك المرأة العجوز تتحدث بلسانها ولكن عيونها تعبر أكثر عن الحزن وطعم المرار التى ذاقته منذ الصغر وتروى” قصتها لتضرب بها ألف مثال من التحمل والصبر والرضا بالمقسوم وتقول ” الحمد لله حالى أحسن من غيرى وراضيه المهم أن ربنا يكون راضى عنى ” ولكن من أكثر المواقف التى كانت تؤلمها معاملة الرجال لها فى الشارع وهى تسحر الصائمين من مضايقات وكلام خارج لا يليق بظروفها ولا سنها.
الحاجة ” بمبة ” المحسراتية ” لديها حلم بسيط أن تشترى بيت كبير وتجمع أبنائها حولها وتفرح بلعب أحفادها وتستمر فى عملها حتى الممات لكى لا تكون عبئا على أحد.