بقلم / كواعب أحمد البراهمي
حدده القانون بإحدي وعشرين سنه , ولكن الأهل لا يعترفون به بدولنا العربية , ومن يعترف به هو الدول الأجنبية فقط . وأتذكر يوما ما كنا نجلس ننتظر بدء الجلسات بمحكمة مسقط , وكان لنا زميل يتحدث عن أولاده المتزوجين , وأنهم يسهرون في منزل والدهم حتي الفجر , ثم يذهب كل منهم مع زوجته واولاده إلي شقته , حيث أنهم يقيمون جميعهم في نفس العمارة التي بناها الأب وجعل لكل منهم شقته , وعندما سأله زميل آخر وماذا عن العمل ؟ أجاب أنهم لا يعملون , أنه يعطي كل منهم راتبا شهريا يكفيه هو وزوجته وأولاده , وأضاف ضاحكا , أنهم يستصغرون الراتب حاليا ويطالبون بزيادة لغلاء المعيشة .وأنه يستغرب منهم أنهم لا يشعرون بالمسئولية ووجدت نفسي أريد الكلام عن هذا الوضع الغير مرضي , ولكن كالمعتاد لا أتدخل في شئون أحد , فهو أدري بظروفه وظروف أولاده , وودت أن أقول له أنه هو السبب في جعلهم لا يتحملون المسئولية , وما هي السعادة في غربته هو وحيدا لجمع المال ليستمر في الإنفاق علي من زوجهم وأنجبوا , وتذكرت ما قيل في الأثر ( لاعبه سبع وأدبه سبع وآخيه سبع ثم أترك له الحبل علي الغارب ).
وهذا السن ( الواحد والعشرين ) هو السن االقانوني لإكتمال الأهليه عند الإنسان , وعندما يصل إليه الشخص وأقصد بذلك الفتي أو الفتاة فأنه يكون مسئولا عن نفسه مسئولية كاملة تجاه ربه وتجاه البشر من حوله وكل تصرف يصدر منه .
ولكن الذي يحدث في الواقع العملي مختلف تماما .فأولا لا يقوم الأب أو من يقوم علي تربية الأبناء في حالة عدم وجود الأب لسفر أو للوفاة بما أوصي به الرسول الكريم في الحديث الشريف,ولا ما قيل في الأثر
. فللأسف نطبق المقولة علي المرحتلين الأولي والثانية أي حتي سن الرابعة عشر وكأنه طفل أي مرحلة لاعبه ولا نقوم بدور التأديب كما ينبغي وأقصد بالتأديب غرس القيم النبيلة والأخلاق الحسنة (فكما قال الرسول صلي الله عليه وسلم إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق ) ونجد كل أهتمام الأهل ذاكر دروسك فقط .
ثم لا نصل مع الأبن لمرحلة المؤاخاه لا أعرف لماذا . فلا تجد أب أو أم صديق مع أبنه أو أبنته لنظرتهم الدائمة بأنهم لا زالوا أطفال . وبناء علي هذه النظرة حدث خلل في المجتمع بأثره وأنشأنا جيلا لا يتحمل المسئولية وغير واضح أو محدد الهدف .
بل وأغلبه منساق لآراء الآخرين ليس لديه القدرة علي تكوين خطة لحياته المستقبلية . والإهتمامات أغلبها إنحصرت في الجلوس خلف شاشات الكميوتر ليس للعلم والقراءة والإطلاع وإنما للشات مع الآخرين . وأصبح الوقت الذي هو المكون الأساسي لعمر الإنسان يضيع أغلبه بلا فائدة . وأصبحت طاقة الشخص مهدرة دون الحصول علي معلومة حقيقية . هذا من جهة ومن جهة أخري لا أعرف لماذا تظل وصاية الأباء علي الأبناء حتي بعد بلوغ سن الرشد .
لا يتهمني البعض بأني أريد للشباب الإنفلات وتركهم يعملون ما يشاؤن . أنا لا أريد الإنفلات ولكن أريد تركهم يعملون ما يشاؤن فعلا . ولكن مشكلة الآباء صنعوها بأنفسهم بعدم تطبيق نص الحديث الشريف كما هو وكما يجب .
فنجد للأسف في كل المجتمعات تظل الوصاية قائمة بل وتمتد حتي سن الخامسة والعشرين والثلاثين والأربعين . وتمتد أيضا لبعد الزواج والتدخل في حياة الاسرة الجديدة وغالبا ما يقنع الأباء أنفسهم بأنهم الأقدر علي التفكير لصالح أبناءهم وأنهم يريدون مصلحتهم ومن باب مصلحتهم هذه يخططون لمصير الابناء ويلغون أرادتهم وشيئا فشيئا تلغي تماما شخصية الأولاد. وهناك بعض الأهل يجدون العقاب علي كل خطأ بالضرب أو الإهانة فنجد شباب آخرين يفعلون كل خطأ ولكن لا يجعلون أهلهم يعلمون وينشأ بذلك إنسان كذاب . كل موقف له فيه كذبة .
ولكن لو نظرنا للتربية أيام الرسول صلي الله عليه وسلم لعلمنا لماذ جعل الرسول أسامة أبن زيد قائد وهو في سن السادسة عشرمن عمره ( قائد لجيش المسلمين المتوجه لغزو الروم في الشام ) هل تعلمون ما هو قائد ؟
أي هو الذي يصدر الأوامر وينبغي علي من يقودهم الطاعة وذلك في حرب أي في أصعب شئ يكون فيه إصدار الأوامر لأنه يتوقف عليه نصر أو هزيمة أمه بأكملها .
ولكن الرسول صلي الله عليه وسلم وثق به . لأنه تربي علي المبادئ الحقيقية للدين . إن تربية الأبناء مسئولية حقيقية كبيرة وصعبة . وهذه التربية هي التي تصنع أمم أو تهزم أمم . بل والغريب جدا في سلوك بعض الأهل أنهم يأمرون أبناءهم بفعل مالا يفعلونه هم وبترك مالا يتركونه هم . يأمرون بالصلاة ولا يصلون . يأمرون بالصدق وهم يكذبون .يأمرون بعدم الغيبة ويتحدثون عن الآخرين أمام أبنائهم . يتحدثون عن صلة الرحم ويقاطعون اقرب الناس إليهم .
ثم تجد الناس يجلسون ويقولون فين أيام زمان .لما كان فيه أخلاق ولما كان وكان ويقولون ويتهمون الزمن بأنه تغير. ويقولون الشباب لا يتحمل المسئولية وأصبح كذا وكذا
. وينسون تماما أنهم هم السبب . هم الذين لم يقوموا بدورهم في التربية الصحيحة ولا في المسئولية . وأنا أقول لكم تذكروا جيدا آخيه سبع وذلك لان السن من الرابعة عشر وحتي الواحدة والعشرين هي التي تشكل بنيان الإنسان المستقبلي وإهتماماته وميوله وطموحة ) .