كتب هشام صلاح
عرف الشعر العربى القديم ” السجال” وهو فن من الفنون ظهرت بعض ملامحه في الشعر الجاهلي ولعل أشهرها القصة المعروفة بين الشاعرين ” امرئ القيس الكندي” و” علقمة الفحل ” في وصف فرسيهما وسميت ” بالمجاراة
ثم ظهرت ” النقائض ” وهي نوع من السجال الشعري اشتهرت في العصر الأموي بين ” الأخطل ” و ” الفرزدق وجرير”
ثم كان العصر الحديث حيث ظهرت المجاراة باشكال مختلفة منها ” التشطير”
والمتابع يجد أزمة في شعر السجال ، والسؤال :
هل لم يعد الشعراء يستسيغون هذا الفن ؟ أم أنها أزمة في شعراء السجال ؟!!!
أو كما يقول البعض أنه لم يعد هناك قرائح نقية حقيقية قادرة على قول الشعر الجيد ارتجالا وابن ساعته ؟
ذلك أنه صدق من قال : ” أن في السجال الشعري اختبارا وامتحانا فاحصين لقدرات الشعراء وسرعة بديهتهم وحضور خاطرهم الشعري ، فما كل من ينقّح قصيدته زمنا ثم يخرج بها جميلة على الناس ، بقادر أن يخرجها ابنة ساعتها جميلة ايضا .
واليوم نعرض لمعارضة أقل ما توصف بها ” عودة لزمن انطلاقة الشعر ورحابته ” والتى شهدها وعنون لها ” المسرح الكبير بالنقابة العامى لاتحاد كتاب مصر ” بين
غادة الإسكنرية وفاتنة الشعر ابنه عروس المتوسط ” فوزية شاهين “
وشاعرالحب والجمال ابن شرقية الأبطال ” ثروت سليم “
فقد أعتليا كلاهما منصة اتحاد كتاب مصر بالمسرح الكبير لتدور أحداث وفاعليات هذا السجال الرائع والذى أقطف بعض رياحينه أقدمها هدية رمضانية للقارىء العزيز –
وهذا بعض عبيرها :
قالت : . فوزية شاهين
. من ومضةِ المعنى لنورِ الأحرفِ جاءت طواعيةً بقلبٍ يوسُفي
حملت سنابلَ حلمِها واساقطت شوقًا بطاولةِ الفؤادِ المدنفِ
في كفها إكليلُ شعرٍ من حقولِ… .. غرامِها لكنَّ شعرَكَ لم يفِ…
قال : ثروت سليم
. رَنَّتْ .. وهاتِفُها يُرَاقِصُ هَاتِفي وكأنَّهَا هَمَسَتْ بداخلِ مِعطَفي
قالتْ صباحُ الياسمين على فَمي فتنفَّسَ الإصبَاحُ زَهْرَ اليُوسُفي
أطرَقْتُ أسمَعُهَا .. سَكِرْتُ بصَوتِهَا قالتْ أحبُكَ ..قُلْتُ للدُنيا قِفي
قالت ” فوزية شاهين
. لا لم يكن رقمي ولا صوتي الذي أسقاكَ خمرًا ، لا ، ولا طرفي الخفي
غردتُ عمرًا في الفضاءِ وفي الملا والآن صوتي فجأة لم يعرفِ؟
أوقفتَ دنيا أنت فيها سائرٌ لهديلِ غيدٍ في الهوى. فلتكتفِ
قال : ثروت سليم
. عِطْرٌ فرنسيٌ بِبَعْضِ زَفيرِهَا وشَهيقُهَا كانَ ابتدَاءَ تَصَوفي
قالتْ أحبُكَ ألفَ ألفِ مَحَبَّةٍ فلِمَّ التَخَوُّفُ ؟ قلتْ : زالَ تخَوُّفي
أنتِ اعترفتِ الآنَ لَكِنْ بعدَمَا عرفَ الجَميعُ وأنتِ بي لم تَعرفي….
قالت : فوزية شاهين
. يا من زرعتَ الغيرةَ الحمقاءَ بي ارحل هداكَ اللهُ عن قلبي الوفي
. كم بتُ ليلى في كتاب العاشقين.. .. ولم تكن قيسًا يجيب تلهفي
فارحل ودعني في هواي فإنني ( قلبي يحدثني بأنك متلفي
قال : ثروت سليم
أنَا شَاعرٌ ذَوَّبْتُ ألفَ جَميلةٍ وغفَا الجَمالُ مِن الجَمالِ بأحرُفي
فتَرَاقَصَ العُنَّابُ فوقَ شِفَاهِهَا وتَطَرَّفَ التُفَاحُ فوقَ تَطَرُفي
وتَمَايَلَ الغُصْنُ المُعَطَّرُ بالشَذَى وتَنَهَّدَ الشَّوْقُ المُشَفَّرُ والخَفي..
.
قالت : فوزية شاهين
خذ نايكَ المثقوبَ طوعًا واختفي واذهب إلى ليلى ولبنى واحتفي
سأظلُّ في لحنِ الهوى أنشودةً وتظلُّ آهًا في بيان تأسفي
قدرُ السجالِ بأن أقولَ لشاعرٍ ما أنتَ يا وجعَ القصيدِ بمسعفي
قال : ثروت سليم
. ليلى ولبنى والعَنودُ وأختُها والكُلُ في كُلٍ يشخصي يحتفي
كوني كما شاء السجالُ غزالةً نثرت عبير المسك داخل أحرفي
ولقد عرفتُ بأن قولَكِ لم يكن كالفعلِ مِنْكِ عرفتِ أو لم تعرفي.
قالت : فوزية شاهين .
لا ما عرفتُك منذُ أولِ نظرة ٍ حتى اكتشفتُ غموضَ ما لم يُكشف ِ
وعرفتُ أنكَ شاعرٌ متفلسفٌ أغريتَهن بشعرِكَ المتفلسفِ
وزرعتَ في أرضِ الحسانِ قرنفلا وقطفتَ من عينيَّ ما لم يُقطفِ
دوزنتَ صلصالَ الكلامِ بقبلةٍ فرَّت على ثغر العيونِ الذُّرفِ
لم تأتِ معتذرًا ولا أنكرتَهن… .. وكم سلوتَ عقيدتي وتعففي
كلُّ الحسانِ أمامَ عيني سنةٌ وأنا الفروضُ الخمسُ بعدَ المصحف…
قال : ثروت سليم
. متفلسفٌ في فيك في الخد الذي سبق الورود بدون أي تكلف
وزرعت ما بين الرموش تميمة وجعلت من عينيك سر تصوفي
هي قبلةٌ للعشق ليس لعاشق مثلي بمثلك مرة ..أن يكتفي
وبعد هذا السجال الرائع بين ابنه عروس المتوسط وابن شرقية مصر يمكن أن نقول :
” أن كلاهما قد أظهرقدرات شعرية خاصة وسرعة بدية وحضور خاطرشعري فجاء الخيال عندهما منهمرا والحكمة فياضة فى أبياتهما
ويجمل بنا القول :
” بأنهما قد تناهيا فى الغاية بل لايزالا عندنا فوق الغاية فهنيئا لدوحة الشعر سجالهما