متابعة هشام صلاح
قضايا الدين من الأمور بالغة الحساسية التى تشغل الكثيرين حد شغل الالباب وتشتيت الفكر بل أحيانا ما تصل إلى إحداث شرخ فى الصلات والعلاقات بين الدائن والمدين حين تعسر المدين عن الوفاء وحول إحدى قضايا الدين جاء سؤال السائل
لسؤال:
– كان لي عند ابني دين بمبلغ كبير، فهل تجب عليَّ الزكاة في هذا المبلغ أم تجب على ابني الذي أخذه مِنِّي على سبيل القرض، وسوف يرده إليَّ بعد عامين حسب الاتفاق الذي تَمّ بيننا؟
الجواب المختصر:
بالنسبة للمدين – ابنًا كان أو غير ابن – فإنه لا يكون عليه زكاة؛ لأن سداد الدين مقدم على دفع الزكاة؛ إذ الدين من حقوق العباد، وحقوق العباد مقدمة على حق الله الذي يتمثل في الزكاة. وأما بالنسبة لصاحب المال وهو الدائن، فإنه لا يطالب بدفع الزكاة عن المال الذي كان قد أقرضه لغيره، إلا بعد أن يسترد ماله، ويستأنف به حولا – أي عامًا – يمضي عليه بعد استرداده، أو يزكي عنه مرة واحدة بعد قبضه دون أن ينتظر مُضِيَّ الحَوْل
. الجواب المفصل:
إن من محاسن الشريعة الإسلامية ومكارمها أنها وضعت شروطًا لوجوب الزكاة في الأموال المختلفة، ومن هذه الشروط شرط الفراغ من الدين؛ لأن قواعد الرحمة والعدالة في الشريعة لا تسمح بأن يكلَّف الإنسان فوق طاقته، ولا يطلب من الإنسان أن يسد الدين ويدفع الزكاة في الوقت نفسه، وبهذا نطقت آيات القرآن وأحاديث النبي (؛ فقد ورد في القرآن قوله تعالي : ( وَيَسْألُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) [219]البقرة ، والعفو هو ما زاد – أو فضل – عن حاجة الإنسان وحاجة أهله. وورد كذلك فى السنة النبوية في قوله:صل الله عليه وسلم “خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى”، أي لا تجب الزكاة إلا إذا كان الإنسان غنيًّا وقادرًا على دفعها. وعلى هذا فإن المدين لا يدخل في عداد مَن تجب عليهم الزكاة، ولا يجوز له أن يتصدق أو يزكي قبل أن يسدد ما عليه من ديون، بشرط أن يكون الدين الذي عنده قد حان وقت سداده، أما الدين الموجَّل أو الذي لم يحن وقت سداده فليس بمانع من الزكاة.
والذي أميل إليه هو أن يزكى مال الدين عندما يقبضه صاحبه، عن عام واحد، ولو مكث عند المدين أعوامًا عديدة؛ لأن الزكاة تبع لحيازة المال؛ فمن كان المال في حوزته وجبت عليه الزكاة بشرط ألّا يكون مدينًا؛ لأن سداد الدين مقدم على دفع الزكاة كما تقرر قواعد الشريعة. د_محمد_قاسم_المنسى