رؤية : أمجد المصرى
فى تاريخ الأمم لحظات فارقه تحتاج الى قدرا عاليا من الشجاعه لمواجهه حقيقة الامور كما هى دون تكبر او خجل فربما تكون هى اللحظه الفاصله بين البقاء والفناء …لعلنا الان فى واحده من هذه اللحظات فهل نحسن التصرف …!!
سنوات عجاف تمر يتنامى معها احساس المواطن المصرى بأن الحال ليس على ما يرام وان الرياح لا تأتى بما تشتهى السفن .. لا نتحدث هنا فقط عن الازمه الاقتصاديه الطاحنه والغلاء الذى ينهش اكباد العباد ولا عن استمرار مراكز القوى وفساد رجال الاعمال واحتكارهم لثروات الوطن ولا عن تدنى مستوى التعليم والبحث العلمى لنهبط الى ادنى جدول الامم فى مستوى وجودة التعليم ولا عن المستوي الردىء والغير مسبوق للاعلام المصرى بكل اشكاله وانواعه ولا عن التخبط الادارى والروتين القاتل والمنفر لكل من يريد البناء والاستثمار على هذه الارض الطيبه … ربما لا نتحدث عن كل هذه الظواهر الوقتيه التى تتشابه وتحدث فى معظم الدول فى اعقاب الثورات او الحركات التحرريه وانما نتحدث عن ماهو اخطر من كل هذا وما قد لا ينتبه اليه الكثيرون من صانعى القرار ومتخذيه .. انه الانفصام والشتات الذى اصاب المجتمع وخاصة الشباب ودرجة اليأس التى بدات تتزايد بين الصغار لتصل بهم الى انتهاج انماط حياتيه وعقائديه واخلاقيه لم نسمع عنها من قبل والتى لم يكن اكثر المحللين تشاؤما يتوقع ان يصل اليها الشباب المصرى يوما ما .. بين الادمان والالحاد والشذوذ وعبادة الشيطان واتباع الماسون الاعظم .. بين الانسحاب من الحياه العامه بسبب سيطرة جيل الشيوخ على جميع اركانها وافتقادهم للغه مشتركه تجمعهم بجيل الشباب وبين تقوقع الشباب داخل دائرة الذات بعيدا عن اى مشاركه ايجابيه او تواصل حقيقى مع المجتمع .. انها الاخلاق التى تتغير ليتشكل لدى هذا الشعب بفعل فاعل وجدانا جديدا وقيما لم نعتاد عليها من قبل فلا ترابط اسرى ولا انتماء للارض ولا احترام للكبير او حتى مجرد الاستماع لما يقول ..لقد نجحت سنوات الالم ان تبنى جدارا عازلا بين شباب الامه وشيوخها فلا لغه مشتركه تجمع الطرفان ولا استعداد من اى فئه للنزول والتقارب مع الفئه الاخري فكيف تستقيم الامور وترسو سفينة الوطن على بر الامان ..
من هنا تأتى اهمية الجيل الحائر الذى يسمونه بجيل الوسط فربما هو وحده القادر على انتشالنا اليوم مما نحن فيه فبمعادله بسيطه ما زال ابناء هذا الجيل محتفظون ببعضا من اللياقه والحيويه التى تمكنهم ولو قليلا من مجاراة الشباب الصغير فى حماسهم ورغباتهم واسلوب حياتهم الصاخب نوعا كما انهم ايضا قد اكتسبوا بعضا من الخبرات ممن سبقوهم من الاساتذه والكبار تمكنهم ولو قليلا من التواصل بعقلانيه وهدوء مع جيل الكبار وبالتالى فهم حلقه الوصل الوحيده التى تستطيع ربط اجيال المجتمع ومكوناته ببعضها ليعود الالتحام وتختفى حاله الاستقطاب والعنصريه العمريه السائده بين ابناء الوطن الواحد وليستطيع الكبار عبر هذه القناه الوسطيه ان يمدوا الصغار بالخبرات والاخلاق التى تربوا عليها دونما تكبر او استعلاء ودونما رفض او استهجان من الشباب … انه جيل الوسط يا ساده .. انه الامل المنشود والذى ان تم استغلاله والدفع به فى كل شرايين الوطن لراينا نتائجا مبهره افضل كثيرا مما نرى اليوم فبعض المرونه الممزوجه ببعض الخبره قد يفيدان الوطن كثيرا ..كما ان ابناء هذا الجيل قد استطاعوا ان يلحقوا بركب التكنولوجيا الحديثه وان يجاروها بعقلانيه ليختاروا منها الانسب والاصلح وبالتالى فهم قادرون على السيطره على حماس الشباب الزائد وانجرافهم فى بحر التكنولوجىا ووسائل الاتصالات الحديثه بما يضرهم كثيرا ولا يفيدهم الا نادرا ..انهم قادرون على ظبط المعادله فهل تنتبه الدوله لهم وتفرد لهم مساحه اكثر اتساعا من الظهور والتمدد داخل مؤسسات وكيانات المجتمع ام تستمر حالة الانعزال تلك سائده لتنذر بكارثه محققه لن يجدى معها استمرارنا فى دفن الروؤس بالرمال والتغنى بان الامور على ما يرام وانه ليس فى الامكان افضل مما كان .. لتكن المرحله القادمه هى مرحلة التنازل من الجميع من اجل وطن متماسك مترابط بين كل مكوناته يتم فيه تقديم اهل الخبره على اهل الثقه واعطاء مساحه اكبر لجيل الوسط ليجر قاطره الوطن ببعضا من خبره الكبار وبعضا من حماس الشباب …. حفظ الله الوطن وشبابه من الفتن والمكائد والشتات .!