( فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أؤتمن أمانته و ليتق الله ربه )
في قديم الزمان كان هناك في احد اسواق بغداد و كانت العادة أن توضع الأمانات من أموال و ذهب عند أول دكان في هذا السوق و يغادر صاحبها إلى الحج و عند عودته يمر على صاحب الدكان و يأخذ أمانته و يمضي إلى بلده …….
و في احد الايام جاء رجل من خارج بغداد يحمل صرة حمراء و توقف عند أحد الدكاكين و أعطى صاحب الدكان هذه الصرة طالبا منه أن يودعها عنده أمانة إلى حين عودته من الحج …..
وافق صاحب الدكان بعد أن تأكد من عددها البالغ ثلاثة آلاف درهم و تعرف عليه و غادر الرجل إلى الحج قاصدا بيت الله ….. الحرام … بعد عدة أشهر عاد الرجل و دخل إلى الدكان فلم يجد صاحبها فسأل عنه فقال له العمال إنه في البيت و سيعود قريبا و عند عودته طلب منه الرجل ماله …….
فقال له كم أودعت لدينا …..؟؟؟
قال له : ثلاثة آلاف درهم.
قال له : ما اسمك ….. ؟؟؟؟
قال له : اسمي فلان ألا تذكرني ❔
قال له : في أي يوم كان ….. ؟؟؟
قال له : يوم كذا و بدأ الرجل يرتاب من الأسئلة …….
قال له : ما لون الصرة التي وضعتها بها …… ؟؟؟؟
قال له : صرة حمراء ……
قال له : اجلس قليلا و أمر بإحضار طعام الغداء و استأذن منه بأن عنده أمر ضروري و سيعود على الفور …..
إنتظر الرجل وقت ليس بالقصير و إذا بصاحب الدكان قد جاء حاملا معه صرة حمراء و فيها ثلاثة آلاف درهم عدهم الرجل و تأكد منهم و قال لصاحب الدكان جزاك الله خيرا و انصرف ……
و بينما هو يمشي في السوق و إذا به يرى شيئا غريبا اقترب ليتأكد منه فدخل إلى دكان آخر و كانت المفاجأة ….. هذا هو الدكان التي وضع أمانته فيه ….. !!!!
قال لصاحب الدكان السلام عليكم ……
فرد صاحب الدكان وعليكم السلام و رحمة الله ……
تقبل الله منك الحج و الحمد لله على سلامتك …….
هذه أمانتك يا حاج فأعاد له صرته و فيها ثلاثة آلاف درهم …..
أصاب الرجل الدهشة فقص عليه ما حصل ……
و أنه أخطأ في الدكان و دخل عند جاره فأعطاه المال و لم يشكك بكلامه ……؟؟؟
ذهبوا إليه و سألوه كيف تعطي الرجل المال و هو لم يضع عندك أمانته في الأصل …..؟؟؟
فقال لهم :
و الله الذي لا إله إلا هو إني لم أعرفه و لم أتذكر أن لديه أمانة عندي و لكن لما رأيت أنه واثق من كلامه معي و أنه غريب عن هذه البلاد فكرت أني إن لم أعطه أمانته سيذهب مكسور الخاطر و سيحدث أهله و يقول أن أمانته سرقت منه في سوق بغداد و سيذيع الصيت عن أهل العراق كلهم و ليس عن الشخص الذي سرق منه الأمانة …..
و تذكرت كلام الله تعالى :
(فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أؤتمن أمانته و ليتق الله ربه )
فذهبت و بعت بضاعة كانت عندي بألف درهم فلم تكف لسداد الأمانة و استدنت من صديق ألف و خمسمائة درهم و كان معي خمسمائة فأكملتهم له ……
*** إنظر عزيزي القارئ اين نحن من هذا اليوم في زمن أصبح أكل أموال الناس بالباطل مذهب و شطارة و أصبح الأمين عملة نادرة و شيء غريب بين الناس …..
صدق رسول الله صل الله عليه وسلم حين قال :
” إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة “