ودَّت لو أنَّ الحياة منحتها فرصة أخرى لكانت تلافت مواجهة السقوط في مزبلة الحاضر الكبرى ، وتعلمت لغة الطيور فالزقزقة ليست بداعي إيجاد الطعام أو الهروب من الضواري المفترسة أو إبعاد المتطفلين وإنما هي الطريقة المتاحة لجذب شريك يؤانسها ويشدُّ من أزرها ،
لو أنَّ عجلة الأيام رجعت قليلاً ، لاستمدت قدرتها عبر الرقص المستند إلى إيقاع آت من الصحراء ، ومن أعمق نقطة مدفونة في ثلج تنتظر الشمس ، لرافقت نجم الصباح الآفل إلى الظلمة وعادت مساءً لعناقه عشقاً وأُلْفَة..
لأيقنت أن الفرح عدوى كالحماسة والحب أو الحزن والكره ، أمور تلتقطها بحدسها كأنثى ، ترتفع عن الأرض بقدميّ طفلة ، هامتها نخلة عراقية ، تهزُّها الريح فتثبت ، لم تسقط ، خصرها زنبقة سورية طمعت بها الدنيا ، التفت على بعضها بمحبة ، لم تذبل ، عيناها تذرفان دماً فوق جثة تناثرت أشلاءها في كلّ البلاد العربية، ترفع شكواها إلى السماء عفواً ..
لو منحتها الحياة فرصة أخرى ، لاختارت الغوص في البحر الميت ، حتى يرتطم رأسها بالقاع بحثاً عن أماني خائفة من حلم عاصف ، علَّها تجد اثراً ل” صلاح الدين ” فيعود من رفاته ليسترجع القدس ، بسيف الحق الغاضب ..
لو العمر يمتد بها ياأصدقائها …
ستبقى تواجه الفراغ السائد برذاذ لاهب فالمؤامرات الدولية لم تعد تحاك سرَّاً ، الطريق إلى قلب الأمة فتحه ضمير فاسد ..
ليالي رمضان المضيئة أمضتها وهي تقبل صوراً تتهافت عليها من تاريخ حافل ، صنعت لنفسها مركب من ورق ، يقلّها كل فجر إلى شاطئ الأمل ،
قد تكون بوصلة الزمن غيرت وجهتها لحكمة أرادها الله لكن مازال هناك لحظة انبثاق لأرض تخضر من جديد يولد من مهدها صغار تكبر تكمِّل الطريق ..!!!!!
—————
سورية
الثامن والعشرين من رمضان
اسطنبول