بقلم/ وليد.ع.العايش
_ اسرع .. اسرع يابني … علينا أن ننتهي من لملمة القمح … الرياح تبدو قادمة …
_ حاضر يا أبي …
كان ذكر الجاموس يتباطئ وهو يشد اللوح الخشبي خلفه ليطحن سنابل القمح ، رغم قوته إلا أن الريح كانت تجعله يتقهقر إلى الخلف مرغما .
بدأ الفلاح وابنه الصغير في جمع ما تم طحنه في كومة واحدة استعدادا لمواجهة العاصفة الرملية .
الأم الحامل في شهرها الثامن تراقبهما من النافذة ، تتوجه بالدعاء إلى السماء العالية ، فعلى البيدر عناء موسم كامل ، إن ضاع وشتته الريح فإنهم سيقضون عامهم تحت وطأة الجوع والفقر .
لم تتأخر العاصفة في الوصول ، سنابل القمح بدأت تتناثر ك ذرات غبار في كل اتجاه ، لم يأبه الرجل لها ، استمر بعمله مع شوكته التي كادت أن تنكسر في خضم قسوة العمل المضني …
_ القمح يتطاير يا أبي … ماذا أفعل …
_ عليك أن ترفع ساترا كيلا يذهب كله مع الرياح …
مضى الولد إلى حيث أشار والده ، يستعمل الفأس المكسور اليد في بناء الساتر الترابي ، لكن التراب أيضا لم يكن مطواعا له ، فكان يتطاير بسرعة .
البيدر الذي طالما احتضن مواسم الحصاد منذ سنوات طويلة بدت عليه الآلام في تلك الأمسية ، من هنا مر المختار ذات يوم ( إنك تملك موسما وفيرا يا أبا عباد ) …
كلماته طفت على سطح ذاكرة الفلاح فجأة ، لمعت عيناه ( هل حسدني المختار !!! ) ، لكن الريح هي التي عصفت بالقمح ، المختار مات منذ أشهر ، صرخ الرجل :
_ الموسم يكاد يضيع يا ولد … اصرخ على الجيران علهم ينقذون ما تبقى منه …
رمى الولد بالفأس وجرى في اتجاه الجيران ، أما أبيه فقد أصابه الإرهاق والتعب ، انكسرت الشوكة ، الساتر لم يستطع الوقوف بوجه العاصفة ، الغبار كاد يحجب الرؤيا …
_ رحمتك يارب … رحمتك يارب …
لم يتأخر الولد كثيرا ، عاد ومعه ثلة من الجيران ، بعضهم يحمل فأسا ، والآخر يحمل شوكة جديدة ، الجميع يجري صوب البيدر المتخفي وراء غبار العاصفة …
صرخ أحدهم :
_ انظروا … انظروا …
التفت الجميع إلى حيث جرى الشاب العشريني ، أزال الغبار وسنابل القمح عن أبي عباد …
أحد الحاضرين كان قد بلغ من العمر ( عتيا ) …
_ لقد ضاع الموسم … وضاع ( …. ) … إنها لعنة المختار …
لملم عباد بقاياه وأقسم بألا يعود إلى ذاك البيدر مرة أخرى …
_______
٢٧ رمضان / ١٤٤٠
_ حاضر يا أبي …
كان ذكر الجاموس يتباطئ وهو يشد اللوح الخشبي خلفه ليطحن سنابل القمح ، رغم قوته إلا أن الريح كانت تجعله يتقهقر إلى الخلف مرغما .
بدأ الفلاح وابنه الصغير في جمع ما تم طحنه في كومة واحدة استعدادا لمواجهة العاصفة الرملية .
الأم الحامل في شهرها الثامن تراقبهما من النافذة ، تتوجه بالدعاء إلى السماء العالية ، فعلى البيدر عناء موسم كامل ، إن ضاع وشتته الريح فإنهم سيقضون عامهم تحت وطأة الجوع والفقر .
لم تتأخر العاصفة في الوصول ، سنابل القمح بدأت تتناثر ك ذرات غبار في كل اتجاه ، لم يأبه الرجل لها ، استمر بعمله مع شوكته التي كادت أن تنكسر في خضم قسوة العمل المضني …
_ القمح يتطاير يا أبي … ماذا أفعل …
_ عليك أن ترفع ساترا كيلا يذهب كله مع الرياح …
مضى الولد إلى حيث أشار والده ، يستعمل الفأس المكسور اليد في بناء الساتر الترابي ، لكن التراب أيضا لم يكن مطواعا له ، فكان يتطاير بسرعة .
البيدر الذي طالما احتضن مواسم الحصاد منذ سنوات طويلة بدت عليه الآلام في تلك الأمسية ، من هنا مر المختار ذات يوم ( إنك تملك موسما وفيرا يا أبا عباد ) …
كلماته طفت على سطح ذاكرة الفلاح فجأة ، لمعت عيناه ( هل حسدني المختار !!! ) ، لكن الريح هي التي عصفت بالقمح ، المختار مات منذ أشهر ، صرخ الرجل :
_ الموسم يكاد يضيع يا ولد … اصرخ على الجيران علهم ينقذون ما تبقى منه …
رمى الولد بالفأس وجرى في اتجاه الجيران ، أما أبيه فقد أصابه الإرهاق والتعب ، انكسرت الشوكة ، الساتر لم يستطع الوقوف بوجه العاصفة ، الغبار كاد يحجب الرؤيا …
_ رحمتك يارب … رحمتك يارب …
لم يتأخر الولد كثيرا ، عاد ومعه ثلة من الجيران ، بعضهم يحمل فأسا ، والآخر يحمل شوكة جديدة ، الجميع يجري صوب البيدر المتخفي وراء غبار العاصفة …
صرخ أحدهم :
_ انظروا … انظروا …
التفت الجميع إلى حيث جرى الشاب العشريني ، أزال الغبار وسنابل القمح عن أبي عباد …
أحد الحاضرين كان قد بلغ من العمر ( عتيا ) …
_ لقد ضاع الموسم … وضاع ( …. ) … إنها لعنة المختار …
لملم عباد بقاياه وأقسم بألا يعود إلى ذاك البيدر مرة أخرى …
_______
٢٧ رمضان / ١٤٤٠