بقلم /وليد.ع.العايش
تركت خمسة أطفال على رصيف الانتظار ، ارتدت آخر ما تبقى في خزانتها الهرمة ، ثوب مهشم الأطراف ، أنهكه الزمن ، لاتزال رغدة تحتفظ بجمالها الريفي ، رغم العقود الأربعة التي دهست جسدها الجميل ، سُمْرَة تُعانق ضفاف الغسق ، كمْ شرِبتْ من تلكَ الساقية الورديّة ، ضفائرها السوداء تترنحُ على جانبي وجنتيها ، قبل أن تغادر تفحصت مطبخها ( فاقدُ الأبواب والنوافذ ) ، كان خاوياً كما معدة لم تتجرع الطعام منذ زمن …
– سأعودُ إليكم ببعض الطعام يا أبنائي …
قالت جملتها الأخيرة , ثُمّ اختفت بين ظِلال المارّة ، كانت الحشود تنتظرُ هناك ، الضوضاءُ لا تكاد تتلاشى من المكان ، الجميع يستعجلُ الوصولَ إلى نافذة الاستلام ، ساعات مرّت ورغدة لاتزلْ تُقاوم وجع السنين ، دردشة خفيفة مع امرأة أخرى كانت تسبقها ، انتهى كل شيء ، بقيت رغدة شبهُ وحيدة تنتظر دورها ، يطلُّ من النافذة شابٌ أشقرُ الشعر ، ربطَ خصلة منه إلى الخلف , كما ذَنّبِ حيوانٍ فارقتهُ روح الإلفة ، لم تكن ملامحه توحي بالطمأنينة ، ابتسم بوجهها ودون أية مقدماتٍ يطلبُ منها ملاقاته في الطرف الآخر ، انفرجتْ أساريرُ الأنثى فجأة …
– إنك جميلةٌ جداً سيدتي … هلاّ أعطيني رقم هاتفك !!! …
قال الشاب ، ضحكت هذه المرّة ، رُبّما منْ زمن لم تعرف الضحك …
– وهل تظنّ امرأة مثلي تحملُ هاتفاً …
صَمْتٌ يُخيّمُ على الاثنين …
– إذن أدعوكِ لسهرةِ الليلةْ …
لمْ تتوقع يوماً ما أن تواجهَ وقاحة كالتي هي أمامها الآن ، تحولت الضحكة فجأة إلى تجهُمٍ أضفى عليها جمالاً أكثر ، لم تدرِ كيف تُجيب ، سكتت لحظات , كانت تُفكرُ بالقرار النهائي , القرار الحاسم الذي سيأتيها ببعض الطعام , أو أنها ستعود خاوية إلى أبنائها هناك في طرف المخيم الأسود …
– نعمْ سوف نسهرُ الليلة ، سهرة مختلفة !!! …
في تلك الأثناء كانت تنحني باتجاه الأرض الصلبة ، وجهُ الشاب الأشقر أمسى أحمراً جداً ، أشاحتْ بظهرها وهي تنتعلُ فرْدّة حذاءٍ يتيمة …
———–
٢٩ رمضان/١٤٤٠ هـ
– سأعودُ إليكم ببعض الطعام يا أبنائي …
قالت جملتها الأخيرة , ثُمّ اختفت بين ظِلال المارّة ، كانت الحشود تنتظرُ هناك ، الضوضاءُ لا تكاد تتلاشى من المكان ، الجميع يستعجلُ الوصولَ إلى نافذة الاستلام ، ساعات مرّت ورغدة لاتزلْ تُقاوم وجع السنين ، دردشة خفيفة مع امرأة أخرى كانت تسبقها ، انتهى كل شيء ، بقيت رغدة شبهُ وحيدة تنتظر دورها ، يطلُّ من النافذة شابٌ أشقرُ الشعر ، ربطَ خصلة منه إلى الخلف , كما ذَنّبِ حيوانٍ فارقتهُ روح الإلفة ، لم تكن ملامحه توحي بالطمأنينة ، ابتسم بوجهها ودون أية مقدماتٍ يطلبُ منها ملاقاته في الطرف الآخر ، انفرجتْ أساريرُ الأنثى فجأة …
– إنك جميلةٌ جداً سيدتي … هلاّ أعطيني رقم هاتفك !!! …
قال الشاب ، ضحكت هذه المرّة ، رُبّما منْ زمن لم تعرف الضحك …
– وهل تظنّ امرأة مثلي تحملُ هاتفاً …
صَمْتٌ يُخيّمُ على الاثنين …
– إذن أدعوكِ لسهرةِ الليلةْ …
لمْ تتوقع يوماً ما أن تواجهَ وقاحة كالتي هي أمامها الآن ، تحولت الضحكة فجأة إلى تجهُمٍ أضفى عليها جمالاً أكثر ، لم تدرِ كيف تُجيب ، سكتت لحظات , كانت تُفكرُ بالقرار النهائي , القرار الحاسم الذي سيأتيها ببعض الطعام , أو أنها ستعود خاوية إلى أبنائها هناك في طرف المخيم الأسود …
– نعمْ سوف نسهرُ الليلة ، سهرة مختلفة !!! …
في تلك الأثناء كانت تنحني باتجاه الأرض الصلبة ، وجهُ الشاب الأشقر أمسى أحمراً جداً ، أشاحتْ بظهرها وهي تنتعلُ فرْدّة حذاءٍ يتيمة …
———–
٢٩ رمضان/١٤٤٠ هـ