تشابهت الأمورعلى الكثيرين فى زماننا هذا فختلط الثمين بالغث وعز الشاعر وكثر المتشاعر حتى أضحى التافه صحاب اللافكر يدعى الثقافة والفكر ومن لا يصح له نظم بيت يدعى أنه من كبار الشعراء فأكثر الشعر الذى ينظم فى أيامنا هذه لا يتصل بنفسى ولايخف على طبعى ولاأراه يقع من الشعر الصحيح إلا من بعد
“هناك ميزان للشاعر الصحيح والشاعر المتشاعر فالأول تأخذ من طريقته ومجموع شعره أنه إنما نظم ليثبت أنه قد وضع شعرا والثانى تأخذ من شعره وطريقته أنه إنما نظم ليثبت أنه قرأ شعرا “
فباتت حياتنا الثقافية قلما أن تجد فيها بين الأدباء والشعراء ” شاعر له عقل بيانى من العقول المغردة التى خَلقت خلقها فى هذه اللغة فوضع فى بيانها أوضاعا كان هو مبتدعها والسابق إليها “
فإذا ما تحدثنا عن ثروت سليم احتارالقلم وتمردت الفكرتان بأى منهما يكون البدء
-أنبدأ الحديث عن ثروت سليم أسد الفصحى؟ أم عن ثروت سليم الشاعرالراهب فى معبد الجمال ؟
ومرجع الحيرة أننا إذا ما تحدثنا عن ثروت سليم نجد أنفسنا
” مع مصنع من مصانع اللغة لا رجل من رجالها – تتطور الدنيا حسبما تشاء ولا يزال يجىء معها أينا كانت “
فإذا سبق الفكرَ القلمٌ ليسطر أحرفا عن عاشق الفصحى ثروت سليم لطالعتنا أبياته تقول :
” دَرْعَميُ القَلْب “
——
بي دَرْعميٌ كيفَ صَارَ مُهندِسَا
وأحَالَ أحلامَ القصيدةِ نَرجِسَا
لُغتي كتابُ اللهِ .. جَلَّ جلَالُهُ
نورٌ وبَاتَ النورُ حَرْفاً مؤنِسَا
والشِعرُ رِزْقُ اللهِ فاضَ بشَاعِرٍ
شوقاً فأهدَى الحُبَّ صُبْحَاً أو مِسَا
ورَقٌ من الرَيحَانِ.. شَهْدُ صَبَابَةٍ
عزَفٌ ..أحَالَ الحَرْفَ قَزَّاً سُندُسَا
وأحَالَ وَجْهَ الصُبْحِ بَسْمَةَ عَاشِقٍ
وأحَالَ من قلبِ الحَبيبةِ نَوْرَسَا
كم سَافَرَ الشِعرُ الجَميلُ على يدي
طيراً على تِلكَ الشواطئِ قد رَسَا
أنا دَرْعَمِيُ القلبِ .. روحُ قَصيدَةٍ
بَيْتٌ مِن الشِعْرِ النَبِيِ تَأسَّسَا
طَيرٌ مِن العُشَّاقِ غَرَّدَ في دَمي
عِطْرٌ مِن الصُبْحِ الجَديدِ تَنَفَّسَا
أنَا دَرْعَمِيٌ .. مَا كَتَبْتُ قصيدَةً
إلا إذا كانَ القَريضُ مُقَدَّسَا
فإذا ما انتهت رحلة القلم لتتحدث عن راهب الجمال وملهم الحب للعشاق لطالعتنا أبياته تقول :
” وحي الجمال “
كأني بهارونَ الرَشيدِ وحولَهُ / زُبيْدَاتُ هذا القَصْرِ من كُلِ جَانِبِ
لهُنَّ من الإبداعِ سِحْرٌ ورِقَّةٌ / لهُنَّ كما الأزهَار عِطْرُ سَحَائِبِ