الكلمة مسؤولية عظيمة تقع على عاتق قائلها، فبها الدخول في الدين ، وبها قد يهوى صاحبها في سحيق النيران سبعين خريفًا
لكن هذه الكلمات ألا يفهمها أو يعيها أؤلئك الذين طمس الله على أسماعهم وأبصارهم فاخلفهم نفاقا فى قلوبهم
لقد انتشر فى مجتمعنا التعليمي – مع شديد الأسف والأسى – ظاهرة غريبة دخيلة تعبر عن غياب الضمير وتسلط الفساد والانحراف على البعض إنها ظاهرة ” التشهير ” بالآخرين عبر حسابات وصفحات وهمية يتستر خلفها مجموعة من أصحاب المصالح والمنتفعين ولو أن أحدهم يبغى بكلامه وجه الله والصالح العام لصرح باسمه ولكتب عبر حسابه الشخصى دونما التستر خلف اسماء وهمية وشعارات جوفاء
وعجيب أمر تلك الصفحات أنها كلها ” تحارب الفساد ” والسؤال / إن كان الكل يتحدث باسم (محاربة الفساد ) تارة ( ومقاومة الفساد ) تارة أخرى ، إذا من الفاسد ؟
والمنطق والشجاعة الأدبية تقتضى بأن من ينقد أو يحارب لابد من أن يعلن عن نفسه ولا يتستر خلف شعار أو اسم مزيف ، فهذه أبسط صورالأمانة والمصداقية
وما يؤخذ على البعض أنهم باتوا من المتابعين لتلك الافتراءات والمشجعين لها إما تصفية لحسابات أو بدافع الشماتة الشخصية
لكن مما يؤسف له أن البعض تكون عنده شعور بالرهبة والخوف مما يكتب ولو أمعن أؤلئك الخائفون الوجلون لوجدوا أنفسهم يخشون شبحا رسمته لهم أخيلتهم المريضة ولو تدبروا قليلا لعلموا تفاهة من يخيفهم وهوانة حتى على نفسه بدليل تستره وعدم تصريحه بكنهه أو اسمه
واسمحوا لى أصحاب تلك الصفحات المشبوهة والأسماء الزائفة أن أخاطب فيكم شيئا من الإيمان وألتمس عندكم ذرة من تقوى أو قليل من خشية الله – اعلم أخى يا من تفترى الحديث أو تختلق القصص
فهذا شاعرنا – عليه رحمة الله يقول :
زن الكلامَ إذا نطقتَ به ولا تكُن، ثرثارةً في كُلِّ نادٍ تخطُبُ“
واحفَظ لسانكَ واحتَرِز من لفظِهِ، فالمرءُ يَسلمُ باللسانِ ويُعطَبُ
وأعلم أن الكلمة طاقة وقوة، فلا مناص من صرفها في وجه الحق ودروبه، وسؤال الله تعالى أن يوفق الإنسان لمعرفة الحق والصدع به في كل حين ،
واحذر نفسى وإياك مما حذر منه رسولنا الأعظم – صلى الله عليه وسلم حين قال – :
” مَن قال في مؤمنٍ ما ليسَ فيه ” أيِ: افتَرى عليه وذمَّه بالكَذِبِ، “أسكَنَه اللهُ رَدْغةَ الخَبالِ”، والرَّدْغةُ: الوَحْلُ الكَثيرُ، والخَبالُ: الفاسِدُ، والمرادُ: أنَّ اللهَ يُعذِّبُه بِعُصارةِ أهلِ النَّارِ وصَديدِهم، “حتَّى يَخرُجَ ممَّا قال”؛ وذلك بأَن يَتوبَ ويَستَحِلَّ ممَّن قالَ فيه ذلك.
وعن معاذ بن جبل قال : ” أخذ رسول الله بلسانه قال: كف عليك هذا، فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.
وختاما : اذكر نفسى وإياكم بما جاء عنْ أبي هُرَيرةَ t أنَّ رسُول اللَّه ﷺ قَالَ:
” أَتَدْرُونَ مَا الغِيبةُ؟ قَالُوا: اللَّه ورسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: ذِكرُكَ أَخَاكَ بِما يكْرَهُ. قِيل: أَفرأيْتَ إنْ كَانَ في أخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: إنْ كانَ فِيهِ مَا تقُولُ فَقَدِ اغْتَبْته، وإنْ لَمْ يكُن فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بهتَّهُ ”
فليت من يقاومون الفساد ويتحدثون باسماء وصفحات وهمية ليتهم يصدقون مع أنفسهم أولا ، وينظرون فى أعمالهم قبل أن ينظروا فى أعمال غيرهم