إعداد/ محمد مأمون ليله
قال الشيخ المكرم/ أحمد محمد علي وفقه الله:
(توحيد الواحد)
يذكر الشيخ الأكبر قدس الله سره أن التوحيد على ستة وثلاثين موضعا كما هي واردة في القرآن، وأننا يجب أن لا نزيد على ذلك ، وهي عُشر درجات الفلك الذي جعل الله إيجاد الكائنات عند حركاته من أصناف الموجودات من عالم الأرواح، والأجسام، والنور، والظُلمة.
فهذه الستة والثلاثون حق الله مما يكون في العالم من الموجودات، فإنها مما تكون في عين التلفظ الإنساني بالقرآن؛ فهو كالعُشر فيما سقت السماء وهو المسمى الأعلى من قوله: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [الأعلى: 1] فالتهليل عُشر الذكر وهو زكاته لأنه حق الله؛ فهو عُشر ثلاثمائة وستين درجة.
التوحيد الأول: وهو توحيد الواحد وهو قوله تعالى: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 163]
وهو التوحيد الذي له النَفَس فبدأ به؛ لأن النفس لولاه ما ظهرت الحروف، ولولا الحروف ما ظهرت الكلمات، فنفى الألوهية عن كل أحد وحده الحق تعالى إلا أحديته، فأثبت الألوهية لها بالهوية التي أعاد على اسمه الواحد، وأول نعت نعته به الرحمن؛ لأنه صاحب النفس.
كلمة لا إله إلا الله وهي أربع كلمات نفي ومنفي وإيجاب وموجب، وعلى هذا التربيع كان الأربعة الإلهية أصل وجود العالم ، والأربعة الطبيعية أصل وجود الأجسام، والأربعة العناصر أصل وجود المولدات، والأربعة الأخلاط أصل وجود الحيوان، والأربع الحقائق أصل وجود الإنسان.
فالأربعة الإلهية: الحياة، والعلم، والإرادة، والقول.
والأربع الطبيعة: الحرارة، والبرودة، واليبوسة، والرطوبة.
والأربعة العناصر: الأثير، والهواء، والماء، والتراب.
والأربعة الأخلاط: المرتان، والدم، والبلغم.
والأربع الحقائق: الجسم، والتغذي، والحس، والنطق.
فإذا قال العبد لا إله إلا الله على هذا التربيع كان لسان العالم ، ونائب الحق في النطق، فيذكره العالم والحق بذكره.
وهذه الكلمة اثنا عشر حرفا فقد استوعبت من هذا العدد بسائط أسماء الأعداد وهي: اثنا عشر؛ ثلاث عقود العشرات، والمئين، والآلاف، ومن الواحد إلى التسعة، ثم بعد هذا يقع التركيب بما لا يخرجك عن هذه الآحاد إلى ما لا يتناهى، فقد ضم ما يتناهى ؛وهو هذه الاثنا عشر ما لا يتناهى وهو ما يتركب منها.
فلا إله إلا الله وإن انحصرت في هذا العدد في الوجود فجزاؤها لا يتناهى، فبها وقع الحكم بما لا يتناهى، فبقاء الوجود الذي لا يلحقه عدم بكلمة التوحيد، وهي لا إله إلا الله.
فهذا عمل نفس الرحمن فبها، ولهذا ابتدأ به في القرآن، وجعله توحيد الأحد لأن عن الواحد الحق ظهر العالم.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.