إعداد/ محمد مأمون ليله
قال الشيخ الحبيب أحمد محمد علي حفظه الله:
(توحيد الرب بالاسم الخالق)
يذكر الشيخ الأكبر قدس الله سره في قول الحق – تعالى – : ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ﴾ [الأنعام: 102] هذا التوحيد السابع في مواضع القرآن، وهوتوحيد الرب بالاسم الخالق، وهو توحيد الهوية، وهذا توحيد الوجود لا توحيد التقدير ، ويرى الشيخ الأكبر قدس الله سره أن الخلق خلقان في حضرة الخلق وهما: خلق تقدير ، وهو الذي يتقدم الأمر الإلهي كما قدمه الحق، وأخر الأمر عنه، فقال – تعالى – :﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ [الأعراف: 54]. والخلق الآخر بمعنى الإيجاد وهو الذي يساوق الأمر الإلهي؛ وإن تقدمه الأمر الإلهي بالرتبة، فالأمر الإلهي بالتكوين بين خلقين خلق تقدير وخلق إيجاد فمتعلق الأمر خلق الإيجاد، ومتعلق خلق التقدير تعيين الوقت لإظهار عين الممكن فيتوقف الأمر عليه. وقوله: ﴿ فَاعْبُدُوهُ ﴾ [الأنعام: 102] فإنه أمر بالعبادة، ولا يأمر بالعبادة إلا من هو موصوف بالوجود، وجعل الوجود للرب، فجعل ذلك الاسم بين الله وبين التهليل، وجعله مضافا إلينا إضافة خاصة إلى الرب، فهي إضافة خصوص، لنوحده في سيادته ومجده وفي وجوب وجوده، فلا يقبل العدم كما يقبله الممكن، فإنه الثابت وجوده لنفسه، ويوحد أيضا في ملكه بإقرارنا بالرق له، ولنوحده توحيد المنعم لما أنعم به علينا، من تغذيته إيانا في ظلم الأرحام وفي الحياة الدنيا، ونوحده أيضا فيما أوجده من المصالح التي بها قوامنا، من إقامة النواميس ووضع الموازين ومبايعة الأئمة القائمة بالدين، وهذه الفصول كلها أعطاها الاسم الرب، فوحدناه ونفينا ربوبية ما سواه. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.