هى ” سارة ” العقاد ، و” زجاجة عطر ” الرافعى ، و” الأجنحة المتكسرة ” لجبران ، وغيرهم كثر ، إنها مى زيادة — التى هامت قلوب أدباء الشرق بحبها وهام قلبها بحب شاعر”المهجر”
فما أسمى وأنقى لوعة من أحبوها من كبار الشعراء والأدباء ، وما ألذها من متعة حين أسرت قلوبهم فكان إبداعاتهم الأدبى المتفرد ودررهم الفنية شاهدة على ذلك
– فمن هى ملهمة الشعراء ومحبوبة الأباء؟
مي زيادة أديبة وكاتبة فلسطينية – لبنانية، وُلدت فى الناصرية عام 1886
* نشأتها
هي ابنه وحيدة لأب لبناني وأم فلسطينية أرثوزكسية. تلقت دراستها الابتدائية قى الناصرية ، والثانوية فى عينطورة بلبنان ، ثم انتقلت مع أسرتها للإقامةفى القاهرة ودرست في كلية الآداب وأتقنت اللغة الفرنسية والإنكليزية والإيطالية والألمانية ولكن معرفتها بالفرنسية كانت عميقة جداً ولها بها شعر. ، عكفت على إتقان اللغة العربية وتجويد التعبير بها. ، نشرت مقالات أدبية ونقدية واجتماعية منذ صباها فلفتت الأنظار إليها.
كانت تعقد مجلسها الأدبي كل ثلاثاء من كل أسبوع وقد امتازت بسعة الأفق ودقة الشعور وجمال اللغة. نشرت مقالات وأبحاثاً في كبريات الصحف والمجلات المصرية
* صالونها الأدبى
كان صالونها الأدبي بالقاهرة شاهدًا على تعلّق قلوب الكثير من الشعراء والأدباء الذين احبوها واولعوا بها ، فكانت مصدر الإلهام لروائعهم ، فأحبها وهام فى هواها العقاد، و الرافعي، والمنفلوطى و أحمد لطفي السيد، و أحمد شوقي، وجبران خليل ،
* مى — بعيون الشاعروخواطر الأديب
” العقاد المحب الهائم ” والتى كتب رواية “سارة”، تخليدا لقصة الحب بينه وبين مي حيث كتب يقول :
( يحبها الحب الذي جعله ينتظر الرسالة أو حديث التليفون كما ينتظر العاشق موعد اللقاء، كانا أشبه بالشجرتين منهما بالإنسانين.. يتلاقيان وكلاهما على جذوره ويتلامان بأهداب الأغصان أو بنفحات النسيم العابر من هذه الأوراق إلى تلك الأوراق) ،ولم يستطع العقاد أن يخفى حبه لـ”مي” فقال في أحد اللقاءات :
” أنه لم يحب في حياته سوى “سارة”، الفتاة المجهولة التي أحبها في بداية حياته والتي رآها في أسوان حيث ولد أو في الزقازيق أو الفيوم حين انتقل فيهما للعمل
“مي” التي أعطته السعادة، والتي اعترف بحبه لها في أكثر من مناسبة فقال فيها أبياته الشعرية التي أرسلها لها في رسائل حين سافرت إلى ألمانيا 1952،
كذلك كتب فيها أبياتًا لم تخرج للنور إلا بعد وفاته حين فاض به الوجد والشوق فوجد فى الشعر المتنفس للوعته :
“عشتِ يا ميّ هاجرًا أو عطوفًا.. أنتِ مرموقة على الحالتينِ..
عذّبيني أعرف مكانكِ عندي.. وألذّ العذاب لو فيه حيني..
وأُهنْ فيك كبرياء عزيز.. لم يكن قبل أن يراكِ بِهَيْن!”.
والمتابع لقصائده في ديوانه يجدها كاشفة عن تعلقه بها، ومن جميل ما كتب أنه ذات يوم كتب:
“أنتى معبودتي يا مي”، فكتبت له مرة في إحدى رسائلها تقول :
لماذا تكتب لي (أنتي)، وليس (أنتِ) بكسر التاء؟
فأجابها: يعزّ عليَّ كسرك حتى في اللغة.
* ترى هل كان العقاد وحده المتيم والهائم شوقا – الجواب – لم يكن العقاد وحده الذى وقع فى أسر مى بل هذا متيم آخرإنه
* الأديب مصطفى صادق الرافعي والذى أصبحت ( مى ) مصدر الإلهام له، فكتب وهو يهديها زجاجة العطر قائلا :
“يا زجاجة العطر.. اذهبي إليها وتعطري بمس يديها وكوني رسالة قلبي لديها.. ، وها أنا ذا أنثر القبلات على جوانبك، ، فمتى لمستك فضعي قبلتي على بنانها، وألقيها خفية ظاهرة في مثل حنو نظرتها وحنانها ، والمسيها من تلك القبلات معاني أفراحها في قلبي ومعاني أشجانها.. ،وها أنا ذا أصافحك فمتى أخذتك في يدها فكوني لمسة الأشواق.. ، وها أنا ذا أضمك إلى قلبي فمتى فتحتك فانثري عليها في معاني العطر لمسات العناق”. )
ولكن يا — لوعة المحب فهذى علاقة الحب ذات الطرف الواحد تنتهى في صمت كما بدأت،
وعن نهاية قصة حبه يحكى في مرة، ” أنه راح الرافعي يوما إلى ميعاده (في الصالون الأدبي) وكان في مجلسها شاعر جلست إليه تحدثه، ودخل الرافعي فوقفت له حتى جلس، ثم عادت إلى شاعرها لتتم حديث بدأته، وجلس الرافعي يثقل عليه أن تكون لغيره، وحدث نفسه قائلا:
” ما أنت هنا، وهي لا توليك من عنايتها بعض ما تولي للضيف، فوقف واتخذ طريقه إلى الباب ولم يعد مرة أخرى، وكتب بعدها (رسائل الأحزان)”
* أنطون الجميل.. العاشق الذي مات أعزبا
إنه الكاتب اللبنانى أنطون الجميل الذى أحب مي زيادة، في صمت وبكبرياء، فقد تطورت صداقته إلى العشق، وكان يعتقد أنها تحبه وتبادله المشاعر مثلما يحبها. ويقول واسيني الأعرج في مقال كتبه بجريدة المدينة، أغسطس 2017، عن أنطون الجميل بعنوان ” “العاشق الذي مات أعزب”، :
” إنه كتب لـ “مي” أول رسالة حب في عام 1912، مبديًا إعجابه الكبير بها وحبه لها، كما كان أول من يحضر الصالون الأدبي وآخر من يرحل.”
وأضاف “الأعرج”، أن أنطون الجميل ظل وفيا لحبه لمي حتى النهاية، حيث رفض الزواج وعاش أعزبا حتى النهاية، حبًا في مي، بلا ندم ولا ضجر.