تبدأ منظمة العمل الدولية اليوم الثلاثاء، استكمال القمة العالمية الافتراضية رفيعة المستوى بشأن كوفيد-19 وعالم العمل وذلك علي مدي ثلاثى أيام حتي بعد غد الخميس من خلال تقنية الفيديو كونفرانس بجنيف مدينة المؤتمرات بسويسرا ، وتعتبر هذه القمة الأوسع بين العمال وأصحاب العمل والحكومات، والتي ستكون بمثابة مؤتمر العمل الدولي الذي تم أرجائه دورته 109 التي كان مقرر عقدها خلال الفترة من 25 مايو إلي 4 يونيو الماضي في جنيف إلي يونيو 2021 وذلك بسبب انتشار فيروس كورونا (كوفيد – 19).
وكانت المنظمة قد عقدت قمتين مصغرتين يومي الأول والثاني من يوليو الجاري علي المستوي العربي والإفريقي والتي كانت الأخيرة أمس والتي شاركت فيها مصر ممثلة في وزير القوي العاملة محمد سعفان، فضلا عن وزراء العمل وقادة عماليون وأصحاب عمل من القارة.
ومن المقرر أن يتطرق النقاش في القمة الرئيسية في الأسبوع المقبل كيفية معالجة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للوباء الذي كشف الضعف الشديد لملايين العاملين والمنشآت الاقتصادية، كما يناقش المشاركون كيف يمكن لعالم العمل إعـادة البناء على نحو أفضل بعد التعافي من الأزمة.
كما تناقش القمة العالمية مجموعة من القضايا تتمثل في كيفية تعزيز الوظائف الكاملة والمنتجة في هذه البيئة الجديدة، والخطوات المطلوبة لمعالجة نقاط الضعف الهائلة التي كشفتها الجائحة في عالم العمل، ومن هم العاملون الذين يحتاجون إلى دعم واهتمام خاصين، وكيف نضع أهداف الحد من الفقر والقضاء عليه في صلب عملية التعافي، وكيف يمكن للمجتمع الدولي التوافق على هدف مشترك حقيقي ويعيد تكريس نفسه لتنفيذ أجندة التنمية المستدامة 2030.
وسوف تتناول القمة العالمية خلال مناقشتها أحدث تحليل صادر عن المنظمة بشأن آثار كوفيد-19 على سوق العمل والذي كان تأثيره على عالم العمل أشد من التوقعات الأولية، ويقدم ثلاثة سيناريوهات للنصف الثاني من عام 2020.
وتقول منظمة العمل الدولية إن الخسارة في عدد ساعات العمل في العالم خلال النصف الأول من عام 2020 أسوأ بكثير من التقديرات السابقة، وتحذر بأن الانتعاش غير المؤكد نهائياً في النصف الثاني من العام لن يكون كافياً للعودة إلى أوضاع ما قبل الوباء حتى في أفضل السيناريوهات، مما يهدد باستمرار فقدان الوظائف على نطاق واسع.
فبحسب الإصدار الخامس من تقرير منظمة العمل الدولية: كوفيد-19 وعالم العمل ، انخفضت ساعات العمل العالمية بنسبة 14% خلال الربع الثاني من عام 2020، أي ما يعادل خسارة 400 مليون وظيفة بدوام كامل (على أساس أسبوع عمل مدته 48 ساعة)، وهذا أعلى بكثير من تقديرات الإصدار السابق من المرصد الصادر في 27 مايو، البالغة 10.7% ، أي 305 مليون وظيفة .
وتظهر الأرقام الجديدة الوضع المتدهور في العديد من المناطق طوال الأسابيع الماضية، وخاصة في الاقتصادات النامية، وعلى صعيد المناطق، بلغت خسائر ساعات العمل في الربع الثاني كما يلي:
أمريكا الشمالية والجنوبية (18.3%)، أوروبا وآسيا الوسطى (13.9%)، آسيا والمحيط الهادئ (13.5%)، الدول العربية (13.2%)، أفريقيا (12.1%).
ولا تزال الغالبية العظمى من عمال العالم 93% تعيش في بلدان تطبق درجة من الإغلاق في مكان العمل، مع وجود أكبر القيود في أمريكا الشمالية والجنوبية.
النصف الثاني من عام 2020
ويقدم الإصدار الجديد ثلاثة سيناريوهات للتعافي في النصف الثاني من عام 2020: سيناريو خط الأساس ، والسيناريو المتشائم، والسيناريو المتفائل. ويؤكد أن النتائج في المدى البعيد ستتوقف على المسار المستقبلي للجائحة وعلى سياسات الحكومات.
ويتوقع سيناريو خط الأساس – الذي يفترض حدوث انتعاش في النشاط الاقتصادي ينسجم مع التوقعات الحالية، ورفع القيود المفروضة على مكان العمل وتعافي الاستهلاك والاستثمار – انخفاض ساعات العمل بنسبة 4.9% (أي 140 مليون وظيفة بدوام كامل) عن الربع الرابع من عام 2019.
ويفترض السيناريو المتشائم حدوث موجة ثانية للوباء والعودة إلى القيود بطريقة ستؤخر التعافي لزمن طويل، وستكون النتيجة تراجع ساعات العمل بنسبة 11.9% (340 مليون وظيفة بدوام كامل).
أما السيناريو المتفائل فيفترض استئناف أنشطة العاملين بسرعة، مما يعزز الطلب الكلي ويزيد الوظائف بشكل كبير، وحدوث هذا التعافي السريع جداً، تنخفض خسارة ساعات العمل في العالم إلى 1.2% (34 مليون وظيفة بدوام كامل).
الأثر على النساء
يبين المرصد أيضاً أن العاملات تضررن من الوباء أكثر من غيرهن، مما يعني خطر ضياع بعض التقدم المتواضع الذي تحقق في المساواة بين الجنسين في العقود الأخيرة، وتفاقم اللامساواة بين الجنسين في العمل.
ويعود تأثير كوفيد-19 الشديد على العاملات إلى ارتفاع نسبتها في بعض القطاعات الاقتصادية الأكثر تضرراً من الأزمة، السكن والغذاء والمبيعات والتصنيع، فعلى الصعيد العالمي، يعمل قرابة 510 مليون امرأة (أو 40% من جميع العاملات) في القطاعات الأربعة الأكثر تضرراً، مقابل 36.6% للرجال.
كما تهيمن النساء على العمل المنزلي و قطاعي الرعاية الصحية والعمل الاجتماعي، حيث يكنّ أكثر عرضة لفقدان الدخل والتعرض للعدوى، فضلاً عن تقل احتمالات حصولهم على الحماية الاجتماعية، كما أن التوزيع غير المتكافئ لأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر الموجود أصلاً قبل الوباء، يتفاقم أثناء الأزمة بسبب إغلاق المدارس وخدمات الرعاية.
رايدر : التحديات الرئيسية في المستقبل
في الوقت الذي تطبق البلدان فيه سياسات غير مسبوقة من حيث السرعة والاتساع، يسلط المرصد الضوء على بعض التحديات الرئيسية المقبلة:
* إيجاد التوازن والتسلسل الصحيحين للتدخلات الصحية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتحقيق أفضل النتائج المستدامة في سوق العمل.
* تنفيذ واستدامة السياسات ضمن النطاق الضروري عندما تكون الموارد قليلة ومرشحة للتناقص باستمرار.
* حماية وتعزيز أوضاع الفئات الضعيفة والمحرومة والمتضررة بشدة لجعل أسواق العمل أكثر عدالة وإنصاف.
* تأمين التضامن والدعم الدوليين وخاصة للدول الناشئة والنامية.
* تعزيز الحوار الاجتماعي واحترام الحقوق.
يقول غاي رايدر، المدير العام لمنظمة العمل الدولية: “إن أثر القرارات التي نتخذها اليوم سيتواصل لسنوات مقبلة وحتى بعد عام 2030، ورغم أن البلدان تمر بمراحل مختلفة من الجائحة وتم عمل الكثير، فإننا بحاجة إلى مضاعفة جهودنا إذا أردنا الخروج من هذه الأزمة إلى وضع أفضل مما كنا عليه عندما بدأت”.
ويضيف: “في الأسبوع المقبل، ستعقد منظمة العمل الدولية قمة عالمية افتراضية رفيعة المستوى بشأن كوفيد-19 وعالم العمل، آمل أن تغتنم الحكومات والعمال وأصحاب العمل هذه الفرصة لتقديم أفكار مبتكرة والاستماع إليها ومناقشة الدروس المستفادة والخروج بخطط ملموسة للعمل معاً لتحقيق تعافي غني بالوظائف وتشاركي ومنصف ومستدام. علينا جميعا أن نواجه التحدي المتمثل في بناء مستقبل أفضل للعمل”.