بقلم الباحثة ميادة عبدالعال
أن هُنَاك ثوابت نَحنُ نَتمسك بها، وهناك متغيرات يَجِبُ أَنْ تَتَغَيَّر، والخطير في الأمر هو أن هناك سَعْيًا حَثِيثًا جدًّا إلى تقليص الثَّوابت وجعلها مُجَردَات عقلية فقط، وتوسيع دوائر المتغيرات حتى تَحوَّل الأمرإلى أشياء متنوعة أصوليَّة وعقدِيَّة ومنهجيَّة,إِنَّ دِينَ الله عز وجل مصدره الأساس (كتاب الله) عز وجل، وسُنَّة النَّبِي صلى الله عليه وسلم، ويُلْحَق بِهِمَا مَا أَجْمَعَت عَلَيهِ الأمة.وبشيء من الإجمال نستطيع أن نقول: إن الثوابت في الإسلام هي ما أبانه الله لخلقه نصاً وجاء بصيغة قاطعة لا مجال للاجتهاد فيه، فهو لا يتغير بتغير الزمان ولا المكان ولا الأشخاص ولا البيئات.
وهذه أحكام “جاءت تفصيلية ولا مجال فيها للجدل، ببنائها على أسباب لا تختلف باختلاف الأزمنة كآيات وجوب الصلاة، والزكاة، والصوم، والمواريث التي حددت أنصبة الوارثين، وتحريم الفواحش ما ظهر منها وما بطن كحرمة الزنا، والقذف، والخمر، وأكل أموال الناس بالباطل، والقتل بغير حق، وأكل الميتة، ولحم الخنزير، وما إلى ذلك من أصول العقائد ومسائل الإيمان.
وكذلك وجوب العمل بما أنزل الله، ووجوب العمل بالحديث الصحيح، ومن عظمة الإسلام، فقد جمع بين أمرين ظاهرهما التناقض وحقيقتهما التكامل، وكلاهما سر خلود الإسلام وصلاحيته للتعامل مع كل الأزمان والبلاد وشتى الأعراف والبيئات، فثوابت الشريعة الإسلامية هى بمثابة الأعمدة التى يقوم عليها الإسلام، وتحفظه من الانهيار، وتحول بين تغيير أصوله أو ذوبان أركانه الأساسية مع تقادم الأزمان .فالثوابت والمتغيرات هما سر خلود الشريعة وبقائها، فالشريعة تفصل فيما لا يتغير، وتجمل فيما يتغير، بل قد تسكت عنه تماما.
لقد أودع الله فى الشريعة الإسلامية عنصرى الثبات والتغير فى الوقت ذاته، فالثبات على الأهداف والغايات العظمى للإسلام، والمرونة فى الوسائل والأساليب، والثبات على الأصول والكليات، والمرونة فى الفروع والجزئيات، والثبات على الأخلاق والعقائد، والمرونة فى أمور الدنيا .جعل الله فيه من الخصائص والميزات ما يجعله صالحا مصلحا شاملا لكل ما يحتاجه الناس إلى قيام الساعة. هذا من الثوابت. ولذلك يجب علينا أن نعلم أن هذا هو الدين الذي ارتضاه الله لنا.
وكما قالت يهود لعمر ابن الخطاب: (آية في كتابكم لو علينا معشر يهود نزلت؛ لاتخذنا ذلك اليوم عيدا قال عمر وأية آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]..
فهو دين خاتم لا يجوز أن يدَّعى فيه أنه لا يقبل أو لا يناسب الأحوال والعصر. من الأمور التي تعتبر من الثوابت ما يتعلق بالعبادات كلها. ما يتعلق بأحوال الأسرة، والفضيلة، الحجاب، الحشمة، الحياء. ما يتعلق أيضا بعلاقة الإنسان مع ربه. بعلاقة الإنسان مع مجتمعه ، فهذا كله من الأحكام والثوابت.