كتبت هدى الصياد
الرسم فن يخرجه الفنان على لوحته هو محنة شاقة و لكنه في الوقت ذاته روح تأبى الإستسلام لذا علينا أن نتجه قليلا للفنون وموهوبيها حتى تنتعش الروح بهذه الصور المبهجة .. و في هذا المجال حاورنا الفنان التشكيلي الإماراتي المنشأ والعالمي الصيت والشهرة “محمد الأستاد” الفنان المبدع بفطرته فهو ابن” النوخذة “، تفتّحت عيناه على الزرقة الجذابة والصفاء والطبيعة الخلابة ، فعبّر بالخطوط عن ارتباطه بها منذ حداثة سنه واستطاع بشهادة الكثيرين بناء عالمه الفني الخاص بعد انخراطه في الحياة المهنية.. كما ابتكر فن”قبور الشواطئ” ، فكان سبابا في انطلاقته نحو العالمية .
بدأ الإماراتي العالمي “محمد الأستاد” حواره معنا قائلا : نشأت في عائلة بسيطة في” خور ” كنت أعشق الرسم منذ صغري ، وكانت أول لوحة رسمتها وأنا في الخامسة من عمري وكانت عبارة عن سفينة، واستطعت بها أن أكسب ثقة والدي الذي كان المعجب الأول برسوماتي ، فأخذ تلك اللوحة وعلقها على الحائط، وكان ذلك بالنسبة لي أكبر دافع للإستمرار والنجاح .
استكمل ” الأستاد ” مسيرته وواجه كثيراً من الصعوبات خلال دراسته، من أجل تحقيق حلمه، حيث كان يريد الإلتحاق بدراسة “فن التصميم والفنون الجميلة” في الولايات المتحدة ، ولكن صعوبة الثانوية العامة حالت عائقاً أمامه، وبعدها التحق بجامعة الإمارات لكنه توقف فجأة، بعد أن قرر الاعتكاف في مرسم الفنون التشكيلية، ساعياً لأن يكون فناناً تشكيلياً إماراتياً.
برع “الأستاد” في رسم صورة للشيخ نهيان بن مبارك ، وأخرى للأميرة الراحلة ” ديانا “، فطلب منه أن يقابل الأميرة بنفسه كفنان إماراتي ويقدم لها لوحتها ، كما تفنن في رسم صورة لسمو الشيخ محمد بن زايد آل مكتوم أخرج فيها جل إبداعه وبراعته ؛ حبا منه في فضيلة الشيخ محمد بن زايد فهو بمثابة القدوة الحسنة والأب الروحي بالنسبة له، ولكن الجدير بالذكر أن تكلفة تلك اللوحة بلغت 10 مليون درهم الأمر الذي من شأنه إثارة ذهول الكثيرين لكن إن دل هذا علي شئ فلا يدل قط إلا علي مدي عشق الأستاد لسمو الشيخ محمد بن زايد آل مكتوم ” حفظه الله ورعاه “
وعن الداعم الكبير الذي ساعد الفنان المبدع “محمد الأستاد” على تحقيق حلمه ومتابعة الدراسة في الولايات المتحدة قال : “وصلت سمعتي كفنان تشكيلي إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وما كان منه إلا أن أرسلني لدراسة فن التصميم، وحصلت على بكالوريوس تصميم الجرافيك للحاسب الآلي من الجامعة الأمريكية في واشنطن، وبعدها عملت مشرفاً تقنياً في مجلة القوات المسلحة، وعضو جمعية الإمارات للفنون التشكيلية”.
أما عن الإبتكار المبهر الذي قدمه “الأستاد” وجعله حديث الساحة الفنية الخليجية فكان “فن قبور الشواطئ”، فيقول : “ذهبت إلى شواطئ مدينتي خور فكان لأحفر تلك الحفر الشبيهة بالقبور وأفرش قماش الكانفاس فيها، وأضع عليها أشكالاً مختلفة من قطع الحديد، بالإضافة إلى الأشكال التي رسمتها على لوح الحديد من صور في تكوين مدروس، ثم دفنتها تاركاً إياها للطبيعة وجبروتها في تحليل الحديد لينتشر صداه على خامة الكانفس، آخذاً بعين الاعتبار الأشكال التي أريد، ولكن على هوى الطبيعة وعشوائية انتشار اللون وتكون الأشكال”، مشيراً إلى أن فترة الدفن تصل إلى ثلاثة أسابيع، وبعدها يقوم بنبش “القبر” لاستخراج اللوحات التي تحتوي الرسم والطباعة والحفر.
وعن الشئ الذي دفع الفنان التشكيلي البارع “محمد الأستاد” لإبتكار فن قبور الشواطئ أجابنا قائلا : هو فن جاء تلبيةً لنداء داخلي بضرورة ترك بصمة عربية في عالم التجريد والفن الحديث، والتميز في التفكير والأسلوب والطرح المبتكر، فهو فن يجمع بين قوى الطبيعة وفكر الإنسان المتمثل في شخصي”.
ورغبة منه في رد الجميل لوطنه الحبيب “الإمارات” .. قرر “الأستاد” بعد عودته من الولايات المتحدة الأمريكية أن يقيم مركز محمد الأستاد للإبداع الفني”، الذي أصبح اسمه “معهد الظفرة الفني” في العاصمة أبوظبي، لتدريس الفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي والتصميم الطباعي والخط العربي ؛ ليظل اسمه باقيا ويظل فنه قائما مادامت الحياة ويبقي علمه وإبداعه خيرا ينتفع به وتتوراثه الأجيال الإماراتية بل والعربية علي مر العصور .