عجيب أمر بعض القنوات الفضائية وما تقدمع من برامج ومسابقات أنفقت عليها ملايين الدولارات واسلمت زمام الأمر إلى بعض المنسبين للثقافة دونما وجه حق فقد كان وقع الأمر صادما حد الذهول مما وصل إليه حال بعض القائمين على الأمر فالمفترض أنهم يتربعون على قمة السلم الثقافى ويشغلون أعلى المناصب فما حدث من لجنة التحكيم أثناء عرض حلقة من برنامج المسابقات ” أمير الشعراء ” أمر تشيب له الولدان وتقشعر منه الأبدان
تبدأ فصول المآساة حينما قام الدكتور علي بن تميم (دكتور في النقد الأدبي، أستاذ جامعي، رئيس مركز اللغة العربية ، عضو لجنة تحكيم مسابقة “أمير الشعراء” بالتعليق على أحد أبيات الشاعرالليبى عبد السلام أبو حجر والذى فيه قوله :
” يعجبني في الذكريات سخاؤها” فتوقف التميم وطالب وبإصرار من المتسابق مراجعة البيت وتصويبه ليصبح ” يعجبنى فى الذكريات سخاءها ” واجتهد اجتهاد الفاشل فى تبرير رأيه بأن كلمة ” سخاؤها ” فى موضعها تعرب ” مفعول به ” و” ياء المتكلم ” فى محل نصب فاعل
المدهش أن ابنتى الصغرى كانت تجلس إلى جوارى فقامت منتفضة ثائرة قائلة :
” أبى ماذا يقول هذا الحكم – لقد درست طوال عمرى أن ياء المتكلم إذا ما اتصلت بفعل فهى فى محل نصب ” يعجبنى – يدهشنى – يروقنى ” كلها مفعول به وأردفت قائلة ” أبتاه
رغم أنف لجنة التحكيم أصاب الشاعر عبد السلام أبو حجر وأخطأ المحكم علي بن تميم
أما ما أفزعنى حد الانزعاج والشعور بالطامة الكبرى أن أحد أعضاء لجنة التحكيم كانت الدكتورة المصرية أماني فؤاد (دكتورة، أستاذة النقد الأدبي الحديث، كاتبة، عضو لجنة تحكيم مسابقة “أمير الشعراء”) والتى وكما يقال ” زادت الطين بلة ” بكسر باء بلة حيث زادت الأمر سوءا على سوء فأدلت بدلوها وقالت الصواب هو ” سخائها ” لانها فى موضعها تعرب ” مضاف إليه
فياالعجب لهذا النحوالجديد والذى ابتدعته لجنة تم اختيارها اعتمادا على المجاملات وأشعر لو أن سيبويه كان على قيد الحياة لصيب بالشلل الرباعى أو فقد القدرة على النطق لما سمع ما سمع
والمحزن أن أمثال هؤلاء المحكمين فى دولنا العربية كثر وفي مصرنا أكثر وأكثر
فاللهم ارحم لغة كتابك من المدعين والمنسبين إليها الذين تولوا زمام أمرها دونما وجه حق
فالطف اللهم بوعاء كتابك العزيز وقيد للغة كتابك جنودا وحماة من أهلها الجديرين بحمايتها والزود عنها
فما أروع ما قاله المتنبى فى حب اللغة العربية :
لا تلمنى فى هواها — أنا لا أهوى سواها
لست وحدى افتديها — كلنا اليوم فداها
وما أبدع حافظ حين قال على لسان اللغة العربية :
فإما حياة تبعث الميت فى البلى – وتنبت فى تلك الرموس رفاتى
وإما ممات لاقيامة بعده — ممات لعمرى لم يقس بممات