أن الدور الاقتصادي للدولة قد أصبح في غاية الأهمية بعد الحرب العالمية الثانية وذلك في جميع بلدان العالم على اختلاف أنظمتها الاقتصادية والاجتماعية وتفاوت درجات تطورها وفى بلدان العالم العربي – خصوصا بعد نيل استقلالها –
وسعت الدول العربية خاصة بلدنا دائرة نفوذها وصلاحيتها وقد تضافرت عوامل عدة في تعزيز دورها ومن هذه العوامل حرص النخبة السياسية التي وصلت إلى السلطة بعد الاستقلال على توسيع قاعدتها الاجتماعية وعلى تدعيم الاستقلال السياسي لبناء قاعدة اقتصادية قوية حيث إن مصر – شأنها شأن بلدان نامية أخرى في أمريكا اللاتينية وآسيا- كانت على اقتناع راسخ في الخمسينيات – أي مع نهاية المرحلة الاستعمارية –
بأن الدولة هي المعنية بقيادة عملية التنمية الاقتصادية وتنسيقها وتعبئة الموارد ورأس المال البشري ولكن عقد السبعينات أخذ يشهد بداية تحول تجسدت في الثمانينيات في حركة ناشطة عالميا للعودة إلى الليبرالية بمفهومها الأصلي التقليدي المرتكز على مبدأ الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وإطلاق قوى السوق لتعمل بحركة كاملة على جميع المستويات
ونلاحظ أن الخصخصة قد ظهرت إلى الوجود في رحم حركة التحول هذه لتدعو الدولة إلى التخلي – على وجه التحديد- عن الأداة الرئيسة التي استخدمتها في تدخلها في النشاط الاقتصادي طبعا القطاع العام ليأخذ القطاع الخاص مكانه وحيث إن العديد من دول العالم واجهت صعوبات اقتصادية حقيقية نتيجة للركود الاقتصادي العالمي الذي ساد خلال الثمانينيات وفى أوائل العقد الماضي ونتيجة لاستمرار مصروفات القطاع العام فقد أدى هذا الأمر إلى ظهور ظاهرة العجز في الموازنات المالية وتناقص حجم الفائض في الموازنات العامة في العديد من هذه الدول وتراكم الديون الخارجية لمجموعة كبيرة من الدول النامية ومنها مصر
ومن هنا ظهرت الخصخصة كأحد الحلول المطروحة لعلاج أوجه الخلل في الهيكل الاقتصادي وللارتقاء بمستويات الكفاءة والأداء وواقع الأمر أن فكرة الخصخصة ليست بالأمر المستحدث في المجال الاقتصادي حيث إنها اتبعت في كثير من دول العالم على اختلاف مستوى تقدمها الاقتصادي وتفاوت النظم المتبعة لديها ومما لا شك أن الدافع وراء تبني هذه العملية قد اختلف من دولة إلى أخرى
ومن البديهي أن تختلف طرق وأساليب الخصخصة في كل دولة من واقع قدرات الاقتصاد المحلي غير أنه لا يوجد خلاف في أن عملية الخصخصة ليست بالأمر السهل ولا يمكن إنجازها في سرعة مهما بلغ مستوى التقدم الاقتصادي أو التطور الإداري وقد تزامنت الدعوة للخصخصة مع اضمحلال الدول الاشتراكية بانهيار الاتحاد السوفيتي وتدهور اقتصاديات دول العالم الثالث وتوسع أزمتها الاقتصادية والاجتماعية وقد أدى هذا إلى تبنى الدول الغربية لهذه الدعوة لهذا فإن أهدافها لا تتوافق بالضرورة مع أهداف وظروف الدول النامية حيث يلعب القطاع العام دورا مهما في بناء اقتصادياتها الأمر الذي يتطلب الدراسة المتأنية لبرامج الخصخصة والتحقق من كفاءتها وملامتها للاقتصاديات النامية وتعتبر عملية الخصخصة عملية معقدة ذات أبعاد وآثار سياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية
لهذا نؤكد أهمية أخذ الظروف والعوامل المحلية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية بعين الاعتبار عند رسم استراتيجيات الخصخصة وتنفيذها حيث إن هناك شبه اقتناع عالمي بأن تجارب الخصخصة لا يمكن نقلها بحذافيرها من دولة إلى أخرى وشرح أساليبها وأهدافها ومراحلها وتوضيح دور صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في هذه العملية ووصف لبعض تجارب الدول المتقدمة والنامية
وفي ظل الأنظمة الديموقراطية في الغرب اتسمت عملية الخصخصة بوضوح أبعادها ومجرياتها وهو ما يعرف الآن باسم الشفافية.. كما أنها لم تؤثر بالسلب على مجال السياسة والديموقراطية والحريات والفكر.
لكن الأمر لم يخلو في هذه العملية وفي الغرب من أبعاد غير معلنة كانت تخرج عن الإطار الاقتصادي المحض المعلن – وهو ضمان كفاءة الأداء وجودة السلع وتناسب الأسعار – الى مجال آخر هو مجال الفكر والأيديولوجيا حيث كانت الخصخصة هي المركبة أو المدرعة التي امتطتها تيارات اليمين الدنيوي في أوروبا وإنجلترا بالذات –
وهو يمين مختلف عن اليمين الأصولي الأمريكي الشهير – لكي تدخل بها الى الساحة السياسية والفكرية والاجتماعية وتعيد تشكيلها وفق تصورها مستغلة بذلك ضعف اليسار الأوروبي قبل تهاويه وسقوطه واندثاره في التسعينيات وفي ظل الأنظمة الديموقراطية في الغرب اتسمت عملية الخصخصة بوضوح أبعادها ومجرياتها وهو ما يعرف الآن باسم الشفافية.
أن خطة الاصلاح المالي للشركات ارتكزت على سداد المديونيات اعتمادا على الأصول غير المستغلة التي تم حصرها، وتحديد ما يمكن استخدامه منها لتسوية مديونية الشركات تجاه الجهات الحكومية وما يمكن تخصيصه لتمويل التطوير المطلوب في الشركات.
حيث تم الاتفاق مع وزارتي البترول والكهرباء على تسوية مديونية تقدر قيمتها بحوالي 15 مليار جنيه. الى جانب اتفاقية التسوية التي تم توقيعها بين الشركة القابضة للغزل وبنك الاستثمار القومي بقيمة 8.5 مليار جنيه.
هذا بالإضافة الى العمل على تسوية مستحقات الشركة المصرية لتجارة الأدوية طرف وزارة الصحة، حتى تتمكن الشركة من القيام بدورها في توفير الدواء للمستهلك المصري.
أن هناك العديد من البدائل التي يجب اللجوء إليها لتطوير شركات قطاع الأعمال لتقود قاطرة التنمية، موضحة أن شركات قطاع الأعمال هي بمثابة صمام أمان للدولة في ضبط الأسواق، وتحقيق الاستقرار في الأسعار. أنه من البدائل التي من الممكن أن تكون حلولا لإعادة هيكلة الشركات، منها بيع الأصول غير المستغلة، وتحويلها إلى استثمار رأس مالي يرفع من انتاجيتها، وذلك بناء على دراسات جدوى اقتصادية، وكذلك عمل شراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، حيث يتم الإبقاء على الشركات تحت سيطرة الدولة، على أن يتم ضخ استثمارات من القطاع الخاص بالمشاركة،
أن هناك تجارب ناجحة في قطاع الأعمال العام على هذا الأمر، وذلك فضلا عن حسن استغلال الموارد البشرية الهائلة الموجودة بالشركات والتي تعتبر طاقة معطلة يجب توظيفها بما يحقق زيادة الانتاج. فيجب عدم إتاحة التصرف في أراضي الشركات من قبل مجالس إدارات الشركات التابعة، أو حتى الشركة القابضة، ولكن لابد أن يكون هناك آليات واضحة للتقييم، ومن الممكن ان تتم هذا العملية من خلال صندوق مصر السيادي، وأن تذهب عائد البيع للشركة القابضة عقب ذلك، تجنبًا للفساد.
وحول الخطط المطروحة للشراكة مع القطاع الخاص، طالب وكيل لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، بوجود دراسة متأنية قبل الشروع في تنفيذ هذه الخطوة، وتتضمن هذه الدراسة ما الذى ستقدمه هذه الخطوة من تطوير للشركات، أن كل الإجراءات متاحة طالما أنها ستتضمن الحفاظ على الملكية وحوكمة الإجراءات وأيضًا إدارة رشيدة.
أن تطوير شركات قطاع الاعمال من خلال “تجنيب ديون الشركات لدى بنك الاستثمار القومي ومعالجته خلال 3 سنوات وإعادة تقيم الفوائد مرة أخرى ولأصل الدين ومدى المساهمة التي يمكن أن تقدمها الدولة والقطاع المصرفي في هذا الأمر.
أن الخطوة التالية هي فتح خطوط ائتمان جديدة للمصانع لإعادة تدويرها، إضافة لتدريب المهندسين والفنيين والعاملين على خطوط الإنتاج خلال 3 أشهر عن طريق بروتوكول لمواكبة أحدث التطورات سواء تدريبهم في الداخل أو إرسالهم للخارج.
أن الخطوة الرابعة هي تحديث إدارة شركات القطاع العام لتطويرها، أنه يمكن إنجاز تطوير شركات قطاع الاعمال والنهوض بها من 12 إلى 24 شهرا بحد أقصى، أن أصول هذه الشركات لا تقل عن تريليون جنيه، وأن أقل عائد استثمار مجزٍ لا يقل عن 100 مليار جنيه سنويا.