عادل عامر
المساعدة المالية من الصندوق يمكن أن تدعم موارد مصر المالية في الوقت الذي تعمل فيه السلطات على تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي بهدف استعادة الاستقرار المالي وتحقيق نمو قوي وغني بفرص العمل. وبعبارة أخرى، يمكن أن توفر هذه المساعدة هامشا من الحماية المالية بينما تُجري مصر التغييرات اللازمة لمساعدة الاقتصاد على النمو من جديد وتحقيق الرخاء للجميع. ويمكن أيضا أن تشكل هذه المساعدة حافزا للدعم المالي من شركاء التنمية الآخرين وتسهل وصول مصر إلى أسواق رأس المال الدولية. قروض الصندوق تساعد البلدان على تحمل مشكلات السيولة الآنية – وهو ما يحدث، مثلاً
إن قرض صندوق النقد الدولي الذي ستحصل عليه مصر ويبلغ 12 مليار دولار على 3 سنوات هو فرصة جيدة لإعادة الثقة للاقتصاد المصري ، وأيضا تحسين صورة صندوق النقد الدولي خاصة والعلاقة بين مصر وصندوق النقد السنوات الماضية كانت موفقة وطالما كانت وعرة، أن إحداث عام 1977 وقت حكم السادات عندا قامت مصر بتخفيض دعم الغذاء في مقابل الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي ، واندلعت الاحتجاجات في المدن الكبرى مما أسفر عن وفاة 80 شخصا، وإصابة المئات، وتم إلغاء الاتفاق وأعيد الدعم. حين تنقطع السبل أمامها للاستعانة بالأسواق المالية أو تكون استعانتها بهذه الأسواق ممكنة ولكنها باهظة التكلفة. وبالإضافة إلى ذلك، يقدم الصندوق قروضه بأسعار فائدة أقل بشكل عام من الأسعار المعتادة التي تدفعها الحكومات حين تقترض من الأسواق المالية المحلية أو الدولية. وتجدر الإشارة إلى أن كثرة الاقتراض الحكومي من المصادر المحلية يقلِّص الموارد المالية المتاحة للقطاع الخاص.
شروط صندوق النقد الدولي لمنح القرض
– خفض العجز بموازنة الدولة، علي رأس شروط بنك النقد الدولي وهو ما بدأته الحكومة بتبنى برنامج لتخفيض دعم الطاقة منذ أغسطس ٢٠١٤.
– خفض أو إلغاء دعم المياه والكهرباء خلال السنوات القادمة وهو ما حدث بالفعل بالنسبة للكهرباء في شهر أغسطس 2016 .
– خفض فاتورة أجور موظفي الحكومة إلى ٧.٥٪ من الناتج المحلى ، وهو ما تسعي له الحكومة من خلال إقرار قانون الخدمة المدنية.
– زيادة إيرادات الدولة عبر تطبيق قانون القيمة المضافة، الذي من المتوقع أن يساهم في زيادة حصيلة الموازنة بنحو ٣٠ مليار جنيه.
– تخفيض الدين العام المصري على المستوى المتوسط بالتعاون مع وزارة المالية.
– تطبيق برنامج للحماية الاجتماعية يهدف لدعم الغذاء والطاقة وحماية الفئات الأكثر احتياجًا.
– إن يتبني البنك المركزي سياسة مصرف مرنة بمعني تخفيض قيمة الجنيه إمام الدولار سواء عن طريق تعويم الجنيه وترك السوق ليحدد سعره أو خفض الجنيه علي دفعات بداية من شهر سبتمبر 2016.
ولذلك فإن قروض الصندوق – كشكل من أشكال الاقتراض الخارجي – لها ميزة إضافية تتمثل في إتاحة مجال أكبر أمام البنوك المحلية لإقراض القطاع الخاص، ولا سيما المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر عاملا أساسيا لخلق فرص العمل وتشجيع النمو الاحتوائي.
يشجع الصندوق الحوكمة الرشيدة والشفافية عند إقراض أي بلد عضو لدعم برنامجه الاقتصادي. ونظرا لأن ضعف الحوكمة قد يضر بالنشاط والرخاء الاقتصاديين، يمكن معالجة هذا الضعف باتخاذ إجراءات محددة في إطار برنامج اقتصادي، إذا دعت الحاجة.
كذلك يتم التركيز على تحسين الحوكمة في عدد كبير من الإصلاحات الهيكلية ضمن البرامج التي يدعمها الصندوق في مختلف بلدان العالم، وهو ما يتحقق بطرق منها تحسين مراقبة مصروفات المالية العامة، ونشر الحسابات المدققة للأجهزة الحكومية ومؤسسات الدولة، وترشيد إدارة الإيرادات والحد مما تسببه من تشوهات وتحسين إنفاذ الرقابة المصرفية. وبالإضافة إلى ذلك، يشجع الصندوق الحوكمة الرشيدة من خلال تعزيز الشفافية في نشر الوثائق، بما في ذلك نشر كافة التقارير التي يعدها خبراؤه، فضلا عن الالتزام بمعايير الشفافية الدولية. ويقوم الصندوق أيضا بتقييم أطر الحوكمة والشفافية في البنوك المركزية للبلدان التي يقدم لها القروض. وفي سياق هذه التقييمات، يشجع الصندوق جودة الإشراف، والرقابة الداخلية، وتدقيق الحسابات
وآليات إعداد تقارير المالية العامة في هذه المؤسسات المالية التي تتسم بأهميتها البالغة. وفي حالة مصر، سيتم تعزيز الإدارة المالية وشفافية المالية العامة لتحسين الحوكمة وتقديم الخدمات العامة، وتعزيز المساءلة في صنع السياسات، ومكافحة الفساد. أن اقتصاد مصر يعانى وتضرر نتيجة لعدد من الصدمات الاقتصادية وغير الاقتصادية في السنوات الأخيرة، وأدت المخاوف الأمنية، على خلفية سقوط الطائرة الروسية في سيناء العام الماضي إلى تراجع حاد في السياحة، أحد مصادر الدخل الهامة، بينما تتداعى تحويلات المصريين العاملين بالخارج بسبب تراجع أسعار النفط، وتراجعت إيرادات قناة السويس بسبب تباطؤ النمو العالمي والتجارة الدولية، وتراجعت الاستثمارات المباشرة في انتظار توضيح الإصلاحات التي تعتزم الحكومة القيام بها.
1-برنامج اقتصادي مخطط له بعناية يتوافق مع الوضع المحلى ويمثل الحقائق الاقتصادية للبلاد.
2- التركيز على معالجة التحديات الاجتماعية التي ربما تنشأ، لاسيما حماية الفئات الأكثر ضعفا من السكان.
3-الالتزام السياسة القوى والمستمر لضمان التنفيذ السليم للبرنامج.
4- تمويل خارجي كافي وفى الوقت المناسب.
5- التواصل الشفاف وفى الوقت المناسب، ليس فقط بين الصندوق والمسئولين المحليين، لكن أيضا مع الجهات المعنية الأخرى، ولاسيما المواطنين.
6- الثقة حتى لو لم تمضى الأمور كما هو مخطط له، فإن الأطراف الأمنية يمكن أن تعمل معا بشكل فعال بإجراء التعديلات اللازمة.
وبشكل مبسط، تحتاج مصر لحوالي 60 مليار دولار لوارداتها السلعية السنوية، بخلاف احتياجات السفر للخارج سواء للسياحة أو للعلاج أو للدراسة، وحوالي 8 مليار دولار لأقساط وفوائد ديونها الخارجية خلال عام، والجهاز المصرفي لديه عجز في النقد الأجنبي لأكثر من 9 مليار دولار حتى مايو الماضي، وعجز الموازنة يزيد عن 36 مليار دولار للعام الحالي.. فماذا ستفعل المليارات الأربعة المتوقعة من صندوق النقد الدولي إزاء تلك الاحتياجات من النقد الأجنبي؟ سيقول إعلام النظام إن هناك سندات سيتم طرحها يمكن أن تجلب 3 مليار دولار، وقرض للبنك الدولي بحوالي 1 مليار دولار، وقرض من بنك التنمية الأفريقي بنحو نصف مليار دولار.
وها هو صندوق النقد قد دعا شركاء مصر لمساعدتها، وهو ما يمكن ترجمته بودائع أو قروض من السعودية والإمارات بنحو مليار دولار من كلا منهما، وهكذا يمكن أن تصل الحصيلة السنوية لكل ما سبق – في حالة تحققه – 9.5 مليار دولار، أي ما يوازى احتياجات الاستيراد السلعي لشهر ونصف فقط.
وحتى لا تأخذنا نشوة الاتفاق على قرض الصندوق الذي مازال يتطلب موافقة مجلس مديري الصندوق عليه، علينا تذكر أن نفس الهوجة الإعلامية قد تمت عند موافقة مجلس إدارة البنك الدولي على إقراض مصر في ديسمبر الماضي، وصدور قرار جمهوري بالموافقة على القرض، وتصريح وزيرة التعاون الدولي وقتها بوصول جزء منه، إلا أن الحقيقة أنه لم يصل منه شيء حتى كتابة هذه السطور.
والأهم من قيمة قرض الصندوق المشروط.. ماذا سنفعل به؟، الأغلب أنه سيتوجه لخفض عجز الموازنة حسبما أفاد خبراء الصندوق والرسميون المصريون، وليس لأغراض استثمارية مما يقلل من الاستفادة المجتمعية منه.
والرهان على قرض الصندوق بأنه يوفر تمويل ويتيح الحصول على شهادة ثقة دولية، يترتب عليها توافد الاستثمار الأجنبي غير المباشر لشراء أذون وسندات الخزانة المصرية، بما يتيح مليارات الدولارات التي يتم إضافتها للاحتياطي من العملات الاجنبيه