د. محمد مأمون ليله
نواصل في هذا المقال بيان بعض قواعد التعامل مع التصوف وأهله ومنها:
ينبغي أن يُتعامل مع الصوفية كتجارب وليس تجربة واحدة، ومدارس وليست مدرسة واحدة، وأن بعض من تكلم عنهم ظلمهم، فلم يميز المتكلم بين البدع والأخطاء، والعقائد والفقهيات، والصغائر والكبار، والمتفق عليه والمختلف فيه، ولم يقدم لهم العذر في كثير من المسائل التي يختلف معهم فيها، فلعل لهم أدلة وإن كانت ضعيفة عنده، حتى وصل به الأمر إلى تكفيرهم وتبديعهم، وهناك مسألة حديثية كبيرة سأكشف عنها يوما ما لعلها تجمع الأمة، وتحل هذه المشكلة الكبيرة بين الفرق والجماعات.
– ويجب أن لا يخضع الصوفية لإغراء السياسيين والحزبيين، فيتم استغلالهم لتمشية بعض المصالح السياسية والحزبية؛ فإن هذا أقصر الطرق لهدم التصوف على المدى البعيد.
– ويبقى المنهج الصوفي بتفاصيله وجزئياته لا يصلح لكل البشر؛ لأن فيه أمورا لا تجري على القياس والنظر، ومنه ما يُتلقى قلبا، أو يتحقق ذوقا، أو يُلتمس بإضعاف الشهوة النفسية؛ لتستيقظ الروح العلوية.
فكلام القلب عندهم لا يقال له: كيف، ولا لماذا؟ ولكن يُمرّ كما جاء؛ ومن ثم قالوا: لا تعترض، فمن اعترض انطرد!
ولا ينبغي للإنسان أن يتسرع بالإنكار، حتى يفهم المعنى المراد، فإن القلب إذا صفى، صار مهبطا لعلوم السما؛ فيكون حدس قلبه أكثر صوابا من عقله، وظنه كيقين غيره.
ولكن لا ينبغي له أن يُخبر بما في كل قلبه أمام العوام، حتى يحفظ قلب العاميّ والمعاند، وليكتم أمره حتى لا يفاجأ بالحرمان، ويُبتلي بالسلب والنقصان، ولعل الناس لا تفهم كلامه حقا، فيظنون به الظنون.