على الأراضي السورية، رسمت رحى حرب خفية بين إسرائيل وإيران، قادها على وجه التحديد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ورئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي غادي إيزنكوت، إذ تحدث الأخير لصحيفتي “نيويورك تايمز” و”صنداي تايمز” عن “حرب في الظل” بين تل أبيب وطهران.
وعلى مدار العامين الماضيين، خطط إيزنكوت وأدار عددا من العمليات السرية ضد القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها في سوريا، قائلا: “لقد نفذنا الآلاف من الهجمات دون إعلان المسؤولية عنها”.
وأضاف: “في عام ٢٠١٨ وحده، أسقطت إسرائيل ٢٠٠٠ قنبلة على أهداف إيرانية في سوريا”.
وبحلول عام ٢٠١٦، بحسب تقديرات إيزنكوت، قام قاسم سليماني بنشر 3 آلاف شخص من رجاله في سوريا، إلى جانب ٨ آلاف من ميليشيات حزب الله، ١١ ألفا من القوات الشيعية الأجنبية.
وبلغت الأموال الإيرانية المتدفقة على سوريا لدعم العمليات الحربية على مدار ٧ سنوات ١٦ مليار دولار أميركي.
وفي يناير ٢٠١٧، حصل إيزنكوت على موافقة الحكومة بالإجماع على تغيير قواعد اللعبة مع إيران على الأراضي السورية، إذ أصبحت الهجمات الإسرائيلية شبه يومية.
وفي مايو ٢٠١٨، حاول سليماني الانتقام من خلال إطلاق “أكثر من ٣٠ صاروخا باتجاه إسرائيل” لم تبلغ أهدافها، فردت إسرائيل بهجوم غاضب أصاب ٨٠ هدفا.
ويقول إيزنكوت إن سليماني، الذي يقدم نفسه على أنه “مهندس الجهد الحربي” لإيران في العراق واليمن وغزة ولبنان، “لديه مزيج من الثقة المفرطة استنادا إلى نجاح إيران في إنقاذ نظام الأسد من الانهيار، والتقليل من عزم إسرائيل على منعه، استنادا إلى تاريخ الغرب في التغاضي عن استفزازات طهران”.
وتابع: “لقد أخطأ (سليماني) في اختيار الملعب. سوريا ملعب ضعيف نسبيا، لدينا تفوق استخباراتي كامل في هذا المجال. نحن نتمتع بالتفوق الجوي الكامل. لدينا ردع قوي ولدينا كل المبررات للتحرك”. وتابع بازدراء: “القوة التي واجهناها على مدى العامين الماضيين كانت نابعة من تصميم، لكن لا تأثير لها في قدراتنا”.
وقال إيزنكوت، البالغ من العمر ٥٨ عاما، الذي يتقاعد هذا الأسبوع، إن العدو الرئيسي لإسرائيل في هذه الحرب الخفية كان الحرس الثوري الإيراني، خصوصا “فيلق القدس”.
وأوضح إيزنكوت أنه عندما بدأت الحرب في سوريا في عام ٢٠١١، اكتفت إسرائيل بتنفيذ غارات جوية ضد قوافل الأسلحة التي تسيرها إيران إلى سوريا وميليشيات حزب الله في لبنان.
وفي نهاية عام ٢٠١٦، بعد انتهاء الحرب تقريبا ضد داعش، قال إيزنكوت إن إيران كانت تخطط لاستخدام الفراغ الناشئ بعد سقوط التنظيم لتحقيق “الهيمنة الإقليمية”.
وتابع: “لقد حددنا الاستراتيجية الإيرانية. لقد خططوا بحلول نهاية عام ٢٠١٨ للوصول إلى ١٠٠ ألف مقاتل في سوريا. كانوا ينقلونهم من باكستان والعراق وأفغانستان. قاموا ببناء قواعد استخباراتية في هضبة الجولان (على طول حدود إسرائيل)، وفي نفس الوقت بنوا أجنحة في جميع القواعد الجوية السورية”.
وكانت معظم الهجمات الإسرائيلية على أهداف إيرانية في سوريا بغارات جوية، لكنها تضمنت أيضا قذائف أرضية. وبينما كانت الانفجارات يسمع صداها في جميع وسائل الإعلام السورية والعالمية، كانت تلتزم إسرائيل الصمت.