الصمت في كل المواقف خير ،” اصمت تسلم تغنم…فالصمت وقت الفوز ثقة، والصمت وقت الغضب قوة، والصمت وقت العمل إبداع، والصمت وقت الإساءة حكمة، والصمت وقت السخرية ترفع وتنزه، ووقت الاستفزاز انتصار، والصمت وقت نصيحة الناس أدب ووقار، والصمت وقت الاحتياج عزة نفس وإيمان بقدرة القادر المتعال، والصمت وقت الحزن شكوى لله وحده، وهو مذهب يعقوبي قال عنه الله تعالى في القرآن: (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله)”.
كم مرة غضبت وندمت؟ وكم مرة غضبت ثم تبيّن أنك تغضب في الاتجاه الخاطئ؟ الصمت وسيلة لمعرفة الحقيقة، والحكمة سر ما أن يلامسه الفكر حتى يتوارى . المرء كما قيل يحتاج إلى سنتين تقريبا ليتعلم الكلام , ولكنه يحتاج إلى سنين ليتعلم لغة الصمت , فالصمت فن , فاذا أتقنته أصبحت مبدعاً في كلامك . فتأمل كيف تنمو الأشجار والأزهار والأعشاب في صمت ! وكيف يتحرك القمر والشمس والنجوم في صمت ! عندها ستدرك إلى أي مدى نحتاج إلى الصمت كي نكون مؤثرين.
فالصمت حكمة وقليل فاعلها , فهو يمنحك طاقة قوية للتفكير بعمق: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ألا أخبركم بأيسر العبادة وأهونها على البدن ؟قالوا بلى يا رسول اله , قال : الصمت وحسن الخلق” , وفي هذا السياق يقول الحكماء ” ان جرح اللسان أنكى من جرح السنان ” , أي أن جرح اللسان أشد تأثيراً من جرح كل من السنان والسكين والسيف والسلاح الأبيض , لكن جرح اللسان أشد ألما وأكثر إيلاماً وأشد تأثيراً , والحكيم العربي يقول : “جراحات السنان لها التئام ولا يلتئم جرح اللسان”.
الصمت هو العلم الأصعب من علم الكلام , يصعب أحياناً تفسيره وهو أفضل جواب لكل سؤال, وقد قيل عنه قديما أن الصمت إجابة رائعة لا يتقنها الآخرون , وقد قال عنه الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ” إذا تم العقل نقص الكلام , وبكثرة الصمت تكون الهيبة ” ,فالصمت كما يقال أبلغ من الكلام أحيانا , فالنظرة في الشخص الذي أمامك في لحظة صمت قوية ,قد تعيد لك ما لم يستطيع الكلام على إعادته أو توصيله . والانفعال يولد الندم على تصرفات لا تأتي عن قناعة ما بدر من الشخص , ويمكن ردع الخصم إذا كان ممن لا ينفع معه إلا استخدام أسلوب الكلام .
فأحيانا يفعل الصمت ما تعجز الحروف عن القيام به , فعندما نجلس لنبحث وسط الحروف عن كلمات تعطي الحق لصاحبها , نخاف أن لا نعطيه حقه وأن تصبح الكلمات عاجزة عن التعبير عما يدور بداخلنا اتجاهه , وأحيانا بالصمت نخسر كل شيء من حولنا , فلا ينفع الصمت عند تناولنا للقضايا الحساسة المصيرية ,وإبداء الرأي واجب شرعي وقانوني لتلافي الخطر الذي سينشأ عن صمتنا , و إذا لم يصل الحوار إلى حل فالسكوت أفضل لدرء الشر , وخير الكلام ما قل ودل .ليس مهماً أن تعلم متى تتحدث ولكن الأهم أن تعلم متى تصمت . فالصمت تقرير نفسي يعبر لك عنك، لذلك فلتنجُ بنفسك من منعطفات الحياة، تكلم قليلاً، واصمت كثيراً