قصيدة زينب.. للشاعر التونسي محمد البقلوطي
تحية لروح وذكرى الشاعر التونسي
قصيدته الرائعة ( زينب )
محمد البقلوطي( 1377 – 1415 هـ) ( 1957 – 1994 م)
سيرة الشاعر:محمد البقلوطي.
ولد في مدينة صفاقس (تونس)، وتوفي في صفاقس.
عاش في تونس.تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة الإسعاد بصفاقس، وتعليمه الثانوي في معهد طريق العين، وتخرج فيه حاصلاً على شهادة البكالوريا (1977).
التحق بكلية الآداب في الجامعة التونسية، قسم التاريخ والجغرافيا، ثم بمعهد ترشيح المعلمين، وحصل على شهادة ختم الدروس الترشيحية منه.
عمل معلمًا بالمدارس التونسية.كان عضو اتحاد الكتّاب التونسيين، وشارك في المهرجانات الشعرية بتونس.
( زينب )
زينب الظل والماء والدالية
زينبُ الآنَ تمضي بعيدًا
تعيدُ بناء الفصولِ التي لا تعودْ
زينبُ الآن تُشرقُ في كل خَطْوٍ، وخطوٍ
وتورقُ تورقُ في كلِّ عودْ
ْ
ثم حين يعود الخطافُ
تعود الحبيبةُ زينبُ شمسًا وماء
كلما رقْرقَ الدمعُ في مقلتيَّ
تفوحِينَ في المقلتينْ
كلما شرَّدتْني خُطايَ
أفرُّ إليكِ
وها جئتُ يا زينبُ اشْتقتُ للماءِ في راحَتيكِ
فمدّي يديكِ
ولـمِّي شتاتي ولمّي
أيا طيفَ أمّي
ويا حضنَ أمّي
ويا «بوسةَ الخالِ» في خدِّ أمي
ْ
أفرُّ إليكِ
أفرُّ إليكِ
وأنت التي تصطفيكِ الطيورُ الجريحةُ
تغفو لديكِ العنادلُ
تأنسُ للحلمِ، للبَوْحِ، للهسْهَسة
أنتِ يا أنتِ
أنت خلاصةُ كلِّ الكلامِ الجميلِ
خلاصةُ كلِّ النساءْ
ْ
زينبُ الآن تمضي بعيدًا
تُعيد بناءَ الفصولْ
والفتى
حين صاحَ الفتى:
زينبُ
زينبُ
كنت يا زينبَ القلبِ
للقلبِ
حفنةَ شمسٍ
وباقةَ دِفْءٍ
وغيمًا، وماءْ
وفتَّحتِ صدرَكِ للطِّفلِ
للبلبلِ المتعبِ
فارتمى غائمًا في رُؤاهْ
ْ
ثم ضمَّك للقلبِ
ضمَّكِ بالدمعِ
ضمَّكِ حتى تداعتْ خُطاهْ
من قصيدة: دهشتي رَجْعُ صَداك
للبحرِ أحلامُ الصِّبا
للبحر تغريدُ السنابلِ للرُّبا
للبحر رقصةُ عاشقٍ طفلٍ تعلَّقَ بالمدى
وأنا
أنا لي دهشتي
لي طيفُك العُصفورُ، لي رَجْعُ الصدى
إلا أنا
ْ
عينايَ عصفوران قد حطّا على عُودِ شَجَرْ
يتطلَّعانِ إلى الرَّحيلِ ويحلمانِ
يسائلانِ البحرْ
يا بحرْ
يا بحرُ قل لي كيفَ يبتدئُ السَّفَرْ
يا بحرْ
يا بحرُ قل لحبيبتي
حُلِّي ضفائرَكِ الجميلةَ للقمرْ
يا بحرُ قل لحبيبتي
فحبيبتي
ضحَّاكة النهدينِ، سمراءُ الجبينِ
حمامةٌ، نغمٌ، مطرْ
مَطرٌ، مَطَرْ
ْ
من قصيدة: يظفرُ الليل.. يوهمُ الغيم
وحدَكَ الآنَ ملتحفًا بالغَسَقْ
تظفرُ الليلَ
أو توهمُ الغيمَ
أو ترتقُ الذكرياتْ
وحدكَ الآنَ
تغزلُ من تَعَبِ العمر أجنحةً وسماءْ
ربّما
ما أفقتَ هنا
مثلما قد أفقتُ أنا
إنْ على برقِ سوسنةٍ تحترقْ
أو على فَيْحِ سنبلةٍ من شذا
تذْرفُ العشقَ
ْ
وتحضنُ جمرَ هواجِسها في تمامِ الذهولْ
وتقول: أنا شهرزادْ
إنها شهرزادُ
وأطيارُها من نبيذٍ وثلجْ
والصَّبايا لديها
يفاتِحْنها بالنشيد
يُنادينَ:
يا أيها الوقتُ عانقْ فضاءاتِها
واتَّحِدْ بِبلابِلها