كتب لزهر دخان
عَبر النهر ووصل من ضفته الشمالية إلى ضفته الجنوبية . لم يكن خائفاً من الغرق بقدر ما كان يخشى عدم الوصول . ولذا فاز عن الخوف الثاني، وهزم الخوف الأول بكل شجاعة . ضرب لنفسه خيمة بجوار النهر “خيمة طرزان” ونام بداخلها بمجرد ما أغمض عينه . بدأ يحلم بما قام به في يومه الذي إنتهت شمسه وحل وقت إتقاد نجومه . بدأ يرى في أحلامه نفس الحركات التي قطع بها النهر . لا شيء ينقص ولا حركة تضاف . حتى السمك الذي قابله في منتصف النهر يعيش بمئات الألاف تذكره. وتذكر أنه رأى قاربين فارغين تحت سطح الماء . وما لا يقل عن 12 جثة للبشر . ومئات الجثث للحيوانات المسكينة . وأخيرا تذكر أنه فور وصوله إلى جنوب النهر .عثر على خيمة قديمة قليلة المُزق كاملة الأركان . فأقامها وسماها خيمة طرزان ونام .
الصياد الذي كان يطارده ببندقيته ليصطاده ويبيعه في السوق الهندية. هو الذي لم يره نهائيا . وتصور مكانه فتاة أحلامه . الأنسة طرزانة الهندية. التي ترتدي ثوب زفاف محتشم . وجد نفسه في هذا الحلم أيضا يصل إليها من جديد ويخطبها من أهلها ويتزوجها . رغم أنه ليس حيا تماما فهو بدون لسان ولا يحسن اللغة الهندية ،أو أي لغة أخرى. ومع هذا سيتزوج الفتاة بشجاعته . إنه لا يزال نائما . لهذا صدره مرتاح من ضرباته المتتالية التي تعود على إرهاب الأعداء بها.
كان دائما في منامه يرى أنه سيعبر النهر ويبدأ رحلة الحياة بعيدا عن الصياد المُسلح . وها قد حقق الحلم ، هذه أول نومة بدون فشل . إنه على الضفة الجنوبية وعندما يستيقض سيبحث عن الجميلة زوجته.
لقد غضب النهر وبدأت أمواجه تصل إلى خيمة طرزان . لا لم يغضب فهذا جزء الحُلم الجديد . بل غضب ،لا لم يغضب . لم يغب ،بل غضب . لا حل أخر بالنسبة إليه سوى فتح عيناه كي يتأكد من أن الله في صفه ، وأن النهر ساكن الماء قليل الريح . يعرف أن ضيفه طرزان يستحق الرحمة وذلك سيساعده وسيغرق الصياد المسلح إذا فكر في مطاردته خلف النهر.
بعد بعض المحاولات فتح طرزان عينه اليسرى . إبتهج بمنظر غزالات جميلات يتنطنط جواره. تأكد من أن النهر فعلا قد غضب . ولكن هذا لم يغضبه فهو يعرف أنه لم يغضب إلا ليُغرق الصياد . وسيشاهد عندما ينام مجددا كيف سيموت الصياد .
تجول طرزان في جوار خيمتهِ معتمداً على عصى غليظة قطعها من شجرة كثيفة الأغصان . ولم يسعد بشيء غير خلو المكان من أثار البشر . وتوفره على كم هائل من أنواع الحيوانات . وكان معتمداً على شجاعته وهو يجول ببصره في كل أرجاء المكان . فربما تظهر فتاته على ظهر الفيل . ويبدأ معركته من أجل الزواج بها .
حل الظلام ولم تزر الفيلة المكان . إلا وظهورها خالية من البشر . لم يغضب طرزان أبدا لآنه يعرف أنه سينام في خيمته . دخلها بشغف شديد إلى النوم الذي يذهب إليه متحمسا كما يتحمس العاقلين لدور السينما أو شاشات التلفزيون. نام بهدوء شديد وبدأ يحلم . لم يكن المكان إلا كما كان . وكذلك جولة طرزان فيه كانت صورة طبق الأصل . وهو نائم ويشاهد كيف سيطلع على المستقبل من خلال الحلم . ها قد ظهر الفيل ، مُحاطا بسبعة من العبيد . لا يقل إرتفاع ظهره على الأرض على 12متر . لهذا هو يبدو خائفاً جدا على فتاته وعروسه . فقد تسقط فجأة ويحدث لها أي مكروه.
يبقى الأن عليه إستيعاب الحُلم والإستيقاظ من أجل تحقيقه . هذه مهمة سهلة بالنسبة له . فقد أصبح عاشقاً والعاشق لا يسهل عليه شيء أكثر من الإقتراب من حبيبه .
حل صباح يوم أخر وفي نية طرزان التوغل قليلا في وسط الغابة . بعدما فر قليلا رفع صوته عاليا مبتهجاً بصرخة الفرح بالنجاة من الصياد . لقد رئاه مرة أخرى وقد جرفه الموج في قلب نهر لا يعبره إلا الفرسان الشجعان . لقد كان يتخيله ويراه في منامه يأسره ويضعه في قفص ويعرضه في سرك نيودلهي .
مرت الأيام وتمكن طرزان من العثور على فتاته فوق الفيل . كانت تصرخ في الغابة وتطلب النجدة والوحوش تحيط براحلتها من كل جانب . دافع عنها الفيل بخرطومه ولم يتمكن من صد الجميع . وهي تكاد تسقط من أعلاه على الأرض. بينما كان الوحوش قد تخلصوا من أربعة من حُراسها العبيد الأوفياء .وبقي ثلاثة منهم على قيد الحياة ويقاومون.
قاد طرزان الفيل إلى حيث تقيم عائلة الفتاة وقبيلتها . بعدما إستخدم خبرته وعلاقته بأصدقائه الحيونات. وهدأ الوحوش التي أطاعته وإبتعدت عن المكان تلبية لرغبة صديقها .
أقام طرزان في قبيلة حبيبته التي أغرمت به من اليوم الأول . وفي نهاية عامه الأول كان والدها قد وافق على طلبها . وسمح لها بالزواج من طرزان . الذي ساعده على ترويض الأسود والفيلة والنمور . التي تم بيعها بثروة طائلة جعلت من والد الفتاة يعجب هو أيضا بطرزان .