كان الرجل الفقير ماكثا بجوار نعجته , النعجة الطيبة التي يُربيها ليحلبها ويشرب لبنها عندما يظمأ كلما جلس حارسا لأحدى الأراضي وكلما طلع عليه نهارا حارا يتسبب في ظمأهُ ..
وذات لليل، أقتحم ثلاث رجال مكان عمل هذا الحارس وقاموا بالتعدي عليه وبضربه بلا أسباب واضحة لدى الحارس المسكين ( الغفير )، ثم قاموا بأخذ نعجتهُ عنوُة وهذا هو الظلم كعادته يجور على حقك ولا تجد من يُجيرك منه او من يقف بجانبك في مواجهة الظالم وجورهُ عليك وعلى حقوقك . مثلما هي ايضا عادة المظلوم يصرخ ويستغيث ( ولا يجد مُغيث ) , ويستنجد ( ولا يجد من يُنجدهُ ).. قام الحارس المسن وهو يحاول الحركة بقوة وفعل ( حلاوة الروح ) بالصراخ وطلب النجده وباء ذلك بالفشل , ليقوم بعد ذلك بإبلاغ الشرطة عن حدوث الأعتداء عليه وسرقة نعجتهُ من قبل ثلاث رجال غير ملثمين ذكر أوصافهم في بلاغهُ , وعلى الفور قامت الشرطة مشكورة باستدعاء اللصوص ومعهم النعجة موضوع النزاع لينكروا الاعتداء على الحارس وفي مفاجئة , قاموا بالأعتراف بأخذ النعجة بالفعل معهم ولكن , قالوا ” انهم قد اشتروها منهُ وبمحض رغبته وإرادتهُ هذه النعجة ولم يسرقوها منه كما يدعي.
صرخ الحارس مستنكرا ” ” ويحكُم ! انتم تكذبون ! أقسم أيها الشرطي أنني لم أبيعُ نعجتي قط , بل هم من أخذوها رغما عني بعدما طرحوني أرضا وضربونني ضربا مبرحا , ثم رفع يديه الى السماء ” اللهي أسألك ربي أن تجعل الحق ينطق بلسان الخرس ( الأبكم ) الصوت الصامت صوت الحق .
لتحدث المعجزة ولتصرخ النعجة بعد ذلك ناطقة بالحقيقة كلها وبحزافيرها وبكل تفاصيل الواقعة التي وقعت بصاحبها , في موقف أدهش الجميع حتى انه أدهش اللصوص انفسهم , كيف ينطق الحيوان الأخرس؟!,..
فقط هي ارادة الله حوت ورعت مصلحة هذا الفقير الضعيف فقد نطقت بالحق لتُزهقُ الباطل
( إن الباطل كان زهوقا ) , وبذلك يعود الحق لصاحبه , وليواجه اللصوص مصيرهم المحتوم .
ويبق السؤال .. الى متى ننتظر أن تنطق النعجة بالحق لتُعط الحق لصاحب الحق الحقيقي ؟؟؟!!..
فلولا أن نطقت النعجة بحقها لتُثبت حق الحارس فيها لكان الحق قد ضاع واندثر وذهب الى من لا يستحق , لماذا لا نقم بإعطاء الحق لصاحب الحق من أنفسنا بدافع من ضمائرنا ومن دون أن ننتظر نطق الحق ذاته بأحقية صاحب الحق فيه ؟ !.. الحق ليس صامت بل نحن من قمنا بقطع للسانهُ.
بقلم / محمد العايدي.