تأليف عبدالله الأقصري
—————————–
كان عنتر قد عانى خلال يومه من انقطاع المياه والكهرباء .. لذلك قرر أن ينام دون عشاء .. فقد كاد التعب أن يقتله مما لاقاه في الليلة الماضية .. وأمه تجلس بجواره وتمسك بقارورةٍ فاضية .. ويبدوا على ملامح وجهها أنها غير راضية .. فهي تشفق على ابنها من كده وعناءه .. وهي لا تجد الماء كي تعد له طعامه أو تغسل له رداءه .. فنام عنتر وأمه على حالتهما .. ليأتي الصباح ويكملا مسيرتهما ..
كان لعنتر ابن حداد أخ له من أمه يُسمى شبشوب المسلوب .. وكان شبشوب يُقلب عيشه في البلاد ويجوب .. فتارة يعمل مزارع وينثر في الأرض الحبوب .. وتارة أخرى يعمل مع بنا ويلافي له الطوب .. ورغم امتهانه لهذه المهن إلا أن حلمه كان أكبر من ذلك .. ولم يكن لدى شبشوب أي معرفة بأمور الحدادة .. فكان حلمه أن يخالط الكبراء والسادة .. لذا فهو لم يعمل مع أخيه قط .. وكان ينتظر الفرص ويرسم أحلامه ويَخُط ..
لم ير شبشوب أخيه عنتر منذ أعوام .. فقط فرقتهم الأيام .. والسعي وراء الأحلام … وبينما شبشوب يعمل مع مقاول في تشييد بيت كبير .. إذا برجل يقدم عليهم يبدوا أنه مهندس أو خبير .. يصيح هذا الرجل بأعلى صوته .. يا معشر العمال والمقاولين .. من منكم لديه خبرة ثلاثة سنين .. في أمور الحدادة وصناعة الأبواب وتركيب ألأُكر والكوالين ؟ من يريد منكم أن يسافر فلدينا فيزا .. فليذهب بأوراقه إلى مكتبنا في الجيزا .. وليحضر معه مبلغاً من المال .. لزوم التأشيرة والتحاليل يا خال …
عندها خطر ببال شبشوب أن يعرض على أخيه الأمر فقال شبشوب : سأتصل بأبو العناتر .. كي يتقدم للحصول على التأشيرة ويسافر ، فأخرج هاتفه المحمول .. وأخذ يقلب بين الأرقام ويجول .. باحثاً عن رقم أخيه عنتر .. كي يبلغه بأمر التأشيرة ويتمنظر .. فشبشوب يحب أن يراه الناس مهم وذو سلطان .. لكنه في أصله كان في دماغه تعبان .. المهم ..
اتصل شبشوب بعنتر .. وبعد السلام وطول الكلام .. قال له : يا أخي هل تريد أن تسافر إلى بلد تجد بها ماء وكهرباء ؟ … رد عنتر : أجل .. فقد قلت لك يا أخى أني أعاني من هذه الأمور .. فأنا هنا أشعر أني مقهور وأريد أن أسافر قبل أن تنفجر مرارتي وأصاب بشللٍ أو باسور ..
فقال شبشوب : لكنهم يا أخي يريدون مبلغاً من المال ليس بقليل .. فهل لديك لجمع المال من سبيل ؟
عنتر : سأفعل ما بوسعي لأحصل على هذا المال .. حتي لو اضطررت لأصعب الأعمال .. فأنا لا أطيق البقاء .. فهم يصبرونا بالكلام وبالغناء .. في كل مناسبة تجدهم يغنون … إن انتصرنا فهم يغنون .. وإن هُزمنا يغنون .. ولأحوال الفقراء لا ينظرون .. فلديهم ما يشتهون .. ويجدون ما يطلبون .. أما نحن فالفقر أصبح صديقنا .. والهم والحزن حليفنا .. وصار الماء صعب المنال … لذا سأبحث عن طريقة لتحصيل المال .. كي أسافر فما أجمل الترحال … فإن صبري قد نفذ ..
وأثناء حديث عنترة مع أخيه إذا ببطارية هاتفه أيضاً تنفذ .. فجلس عنتر ليفكر فيما قاله شبشوب وكيف سيجمع المال المطلوب ..
هذا ما ستعرفه في الحلقات القادمة إن شاء الله