أصبحت ظاهرة نقل المحافظين وتبديلهم من محافظة إلى أخرى في العامين الماضيين ظاهرة ملفتة للنظر وملغزة بصورة تستدعي الوقوف على تلك الأسباب التي تجعل تدوير مقاعد المحافظين بهذه الطريقة السريعة أمرا لا يساعد على استقرار المحافظات ولا يخدمها إداريا أو فنيا، فكل محافظ له فريق عمله وله أسلوب إدارة وله وجهة نظره فيما يخص المحافظة التي يعين عليها وبالتالي فإن أمورا إدارية ومشروعات تنموية وقرارات سياسية قد تتعطل أو تلغى أو تستبدل بفعل هذه التغيرات.
قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير إبان حكم مبارك كان المحافظ يجثم على صدر المحافظة سنوات طوال تتعدى في بعض الأحيان أصابع الكفين ولعل نموذج عادلي حسين محافظ القليوبية الأسبق يعد الأبرز على مستوى المحافظين. ذلك بأن الرجل قد مكث طويلا بهذا المنصب فأخطأ وأصاب وفشل في أشياء ونجح في أخرى لكن أحدا لم يستطيع تعتعته من على كرسي المحافظة طيلة قرابة عقد من الزمن وهذا الأمر كان يعد من السلبيات السياسية للنظام لتكوين المسؤول الذي يمكث في مكان لفترة طويلة كهذه لتربيطات ومصالح مع رجال أعمال ومراكز قوى تساعد على تخصيص مصالح وجلب منافع تعم عليهم دون غيرهم، لكن بعد ثورة يناير وأحداثها تقلبت الأمور بطريقة سريعة وانعكست بشكل ملفت وأصبح المحافظ يجلس على الكرسي وينزع من عليه قبل أن تعرض عليه كل مشكلات المحافظة التي تولاها وقبل أن يكون قرار أو يبت في أمور مصيرية تؤجل لمحافظ تلو الأخر بسبب صعوبة اتخاذ قرارات فيها. ولعل محافظ القليوبية السابق اللواء/ عمرو عبد المنعم واحدا من الذين شملتهم حركة المحافظين الأخيرة بصورة محيرة وملغزة فالرجل ما لبث أن جاء إلى المنصب منذ بضعة شهور وأعتقد أنه لم يسعفه الحظ أن يمر على كل مراكز المحافظة أو يتابع احتياجاتها إلا أن أمرا وحيدا قد يلفت النظر في هذا التغيير السريع بعد أن تصادم عدد من نواب الشعب مع المحافظ السابق وصارت هناك حالة من الشد والجذب السياسي بينهم وبينه في فترة حكمه القصيرة.
فهل هناك مراكز قوى تتحكم في إدارات المحافظات وتعيين المحافظين؟! أم أن مجلس النواب أصبح له تأثير على السلطة التنفيذة بالصورة التي تحرك محافظ من منصبه بهذه الصورة العاجلة.