ما أروعك أيها الوطن ! وما أجمل حناياك جلست أطل عبر نافذة المركز الثقافى المصرى فهالنى ذلك الجمال المطل عبر تلك اللوحة الإلهية التى أبدعنها قدرة الخالق وبديع صنعه لتنطلق ألوانها عبرخيوط من الجمال والبهاء والخضرة مغلفة بألحان إنفرد بعزفها النيل منفردا فتمايلت لها الأشجار والأغصان على شاطئيه لتقدم ملحمة مصرية تتحدث عن روعة الزمان والمكان لتعلن ” هنا مصر ”
حينها كانت جلستى قبل دقائق من انطلاق ندوة ملتقى السرد لمناقشة ديوان “الدور الخامس ” للشاعر والأديب القاضى المستشار محمد شعبان
أعدت النظر مشدوها مأخوذا بهذا الجمال وتلك الروعة وأحسست وكأن النيل يخاطبنى :
أأنت أحد ثمار هذى الأرض الطيبة ؟ فأجبته نعم أيها المنساب عبر شرايين المصرىين نعم يا من شكلت ثرى هذه الأرض لنحيا بين أحضانها توقف النيل عن الكلام وكأنه لا يريد هتك تأملاتى
تابعت النأمل عبر شاطئيه فلاحت منى نظرة لذلك البليغ الصامت ” برج القاهرة ” فشعرت وكانه عبر شموخه ودونما أن يتفوه أحسست وكأنه قد أومأ للنيل المنساب من بعيد فتدبرت همسه وفهمت مراده
فإذا بصوت النيل المنبعث عبر مياهه الصافية الرقراقة ينادينى أى بنى – هلا نظرت يمينا ماذا ترى ؟
قلت له : هذه منارة الإعلام المصرى وقبلته ” مبنى الإذاعة والتلفزيون ” فقاطعنى بقوله :
لم يابنى بات مهجورا فهذا أثيره يعانى الشيخوخة ، فتخلى وهجره محبوه فلم أعد اسمع له صوتا بعدما كان مؤنس الليل وسامره ورفيق النهار وجدتنى حتئرا أمام استفهامه حتى أننى لم استطع الرد
فلمح دمعة ترقرق عبر حدقتى فبادرنى قائلا :
ما بالكم أبنائى وقد تواريتم وتخلفتم عن ركب الحضارة الحديثة حتى إنطفأت شعلة ثقافتكم وخبا نورها
فقلت له أيها النيل المتدفق بالحياة عبر أجسادنا أنها سنة الكون تأرجحنا بين قمة وهاوية
فقاطعنى بأمواج هادرة بل هو استسلامكم وهوانكم على أنفسكم فلقد قبلتم أن تكونوا فى آخرالركب بعدما شغلتكم أنفسكم ولقمة العيش عن وطنكم ومجدكم حتى هانت عليكم أنفسكم فهان بهوانها وطنكم
لماذا سلمتم ريادتكم ومكانتكم لغيركم حتى استعبد إرادتكم فصدر إليكم مسوخا ظللتم لها عاكفين
لماذا تركتم أنصاف المتعلمين والتافهين يحتلون قمة المشهد – لماذا غفلتم عن أبنائكم حتى صار التافهون وأصحاب الحناجر القبيحة من مدعى الفن والغناء لآبنائكم قدوة ومثلا
قلت له والحزن يمزقنى أيها الوفى المتدفق بالخير، أجئت تبث نجواك وتسامرنى أم جئت تعنفنى
قال : لولا أنكم حماة مياهى لضننت بها عليكم لكنكم نبته مائى وثمرة جريانى ،
وإنى أنذركم هناك من يعبث بمنابعى فحذروا وخذوا أهبتكم وإلا ندمتم