إعداد/ محمد مأمون ليله
أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ»”.
فعورة الرجل مع الرجل، وعورة المرأة مع المرأة من المسائل المختلف فيها بين العلماء، فأما الرجل مع الرجل فعورته ما بين السرة والركبة على قول جمهور أهل العلم؛ لوجود المجانسة وانعدام الشهوة غالبا ، وقيل العورة السوأتان فقط، وقيل ما يظهر منها غالبا كأماكن الوضوء والنحر والشعر، وهذا كله ما لم يكن هناك فساد وفتنة، فإن وجد ذلك منع النظر الذي يؤدي إليه، والستر في كل الحالات أولى بلا شك، وتستثنى العورات المغلظة في حالة الضرورة كاطلاع طبيبة لعلاجها، والضرورة تقدر بقدرها.
ومسائل الفروع الفقهية كلها كهذه المسألة، إذا لم يكن فيها إجماع، ولم يكن الخلاف فيها خلافا شاذا، فهي من المسائل التي يسع فيها الخلاف، ولا ينبغي ان ينكر على المخالف، ولا تحجير على عقل، ولا تضييق في متسع، والمجتهد يجتهد ويعمل بما أداه إليه اجتهاده، وله أن يقلد لظروف ما، والعامي يقلد مذهبا فقهيا، أو يسأل من يثق بدينه وعلمه من العلماء في بلدته أو في دور الإفتاء، ويلتزم بفتواه.
وإذا رأى الإنسان الحق في غير مذهبه في مسألة ما؛ لزمه الأخذ به، وأئمة المذاهب كانوا أورع وأعبد من أن يتركوا الحق الذي رأوه، أو يتركوا الحديث الصحيح دون معارض رأوه، فكلهم تكلم على أصول وقواعد بما رأى أنه الحق.
ومن هنا ويسعنا الخلاف، ويحترم كل منا رأي الآخر، ويُقضى على نسبة كبيرة جدا من المشاكل والفتن بين طوائف المسلمين، ويموت الإرهاب والغلو.