ثورة : مصدر ثارَ
والفعل ثار لا يقترن إلا ضد كل ألوان الظلم والإستبداد
الثورة بركان ضد الضغط والقهر
تتشابه الثورات ويتجاذب الثوار
مهما كانت اللغات أو المسافات أو اللهجات أو الألوان
الثورة حق شرعي للإنسان وأيضاً للحيوان
حتى الحيوانات تثور
الظلم ظلمات سبب كل الثورات
الثّورة كمصطلحٍ سياسيّ تعني الخروج عن الوضع الرّاهن وتغييره – سواء إلى وضعٍ أفضل أو اسوأ – باندفاعٍ يحرّكه عدم الرّضا، والتطلّع إلى الأفضل أو حتّى الغضب.
وصف الفيلسوف الإغريقي أرسطو شكلين من الثّورات في سياقات سياسيّة وهي: التغيير الكامل من دستور لآخر، والتعديل على دستور موجود، وكما أنّه يوجد كثير من التّعريفات المعجمية تتلخص بتعريفين ومفهومين: التّعريف التقليدي القديم الّذي وضع مع انطلاق الشرارة الأولى للثورة الفرنسية وهو قيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقّفيه لتغيير نظام الحكم بالقوّة. وقد طوّر الماركسيّون هذا المفهوم بتعريفهم للنّخب والطّلائع المثقّفة بطبقة قيادات العمال الّتي أسموها البروليتاريا. أمّا التّعريف أو الفهم المعاصر والأكثر حداثةً هو التغيير الذي يحدثه الشّعب من خلال أدواته “كالقوّات المسلحة” أو من خلال شخصيّاتٍ تاريخيّة؛ لتحقيق طموحاته، وتغيير نظام الحكم العاجز عن تلبية هذه الطموحات، ولتنفيذ برنامج من المنجزات الثّوريّة غير الاعتياديّة. والمفهوم الدّارج أو الشعبي للثّورة هو أنّها تعني الانتفاض ضد الحكم الظّالم.
سقوط الباستيل وإشتعال الثورة الفرنسية
تقول الموسوعات العلمية العالمية :
صبيحة اليوم الرابع عشر من يوليو عام 1789م, كانت مدينة باريس في حالة من الذعر. وكان قد اقتحم المتظاهرون في وقت سابق (( ليزانفاليد )) بالقرب من المدرسة الحربية لجمع الأسلحة (29000 – 32000 بندقية من طراز قديم لكن دون مسحوق البارود أو طلقات). وكانوا يسعون بشكل أساسي إلى الاستيلاء على الأسلحة والذخائر المخزنة في سجن الباستل – كان يوجد أكثر من 13600 كيلو غرام من البارود مخزنة هنالك في الرابع عشر من يوليو 1789
في هذه الفترة كان سجن الباستيل فارغَا تقريبَا من السجناء؛ فيه فقط سبعة: أربعة مزورون, ومجنونان, ومنحرف أرستقراطي واحد .
الحصول على البارود كان السبب الأول لإقتحام سجن الباستيل رمز الإستبداد .
قائمة المدافعين عن سجن الباستيل تشمل حوالي 600 اسمًا, و مجموع الحشود كان تقريبا أقل من 1000. احتشدت الجماهير في الخارج في منتصف الصباح مطالبين بإعلان السجن للاستسلام وإزالة البنادق وإخراج الأسلحة والباروددُُعي اثنين من ممثلي الجماهير للدخول إلى داخل الحصن, وبدأت بعدها المفاوضات؛ وفي الظهيرة سمح لآخر بالدخول حاملاً مطالب محددة.طالت المفاوضات طويلا بينما ازداد عدد الحشود ونفد صبرهم.تدفقت الحشود حوالي الساعة الواحدة والنصف نحو الفناء الخارجي غير المحمي, وقطعوا سلاسل الجسر المتحرك المؤدي إلى الفناء الداخلي والذي أدى إلى سحق أحد المدافعين سيء الحظ. تقريبا في هذا الوقت بدأ إطلاق النار, رغم أن معرفة أي الفريقين بدأ إطلاق النار أولا لن يتم التوصل إليها أبدا بشكل قاطع. ويبدو أن الحشود شعرت نفسها قد وقعت في فخ وأصبح القتال أكثر عنفًا وشدة, و تجاهل المهاجمون محاولات النواب للتوصل إلى وقف إطلاق النار.
استمر إطلاق النار. وفي الساعة الثالثة, دعم متمردو الحرس الفرنسي وغيرهم من الفارين من القوات النظامية ومعهم مدفعين المهاجمين.ولم تتدخل قوات الجيش الملكية ذات القوة الكبيرة المعسكرة في ساحة دي مارس المجاورة.ومع وجود احتمالية وقوع مجزرة مشتركة بين الطرفين, ظهر محافظ السجن دي لوني فجأة وأمر بإيقاف إطلاق النار في الساعة الخامسة. وتم تسليم رسالة يعرض فيها شروطه للمحاصِرين في الخارج عبر فتحة في البوابة الداخلية.وعلى الرغم من رفضهم لطلباته, إلا أن دي لوني استسلم مدركًا أن قواته لن تقوَ على الصمود أكثر من ذلك, وفتح الأبواب المؤدية إلى الفناء الداخلي فاندفع المتظاهرون للداخل محررين الحصن الساعة الخامسة والنصف.
ذهب ضحية القتال ثمانية وتسعون مهاجمًا و ومدافع واحد. وأُلقي القبض على دي لوني وسُحب إلى دار بلدية باريس وسط وابل من الشتائم. وبدأ نقاش حول مصيره خارج دار البلدية.وصاح المهزوم دي لوني: “كفى! دعوني أمت!”وركل طاهي فطائر اسمه دواليت على فخذه, فطعنوه عدة مرات حتى سقط, ونشروا رأسه وثبتوه على رمح ليجوبوا به الشوارع.وقتل الحشود أيضا الضباط الثلاثة لحامية الباستيل الدائمة, وقد نقل الجنود الناجون تفاصيل جراحهم وألبستهم.وأعدم اثنين من المحاربين القدامى التابعين للحامية, وقام الحرس الفرنسي بحماية جميع السويسريين النظاميين التابعين لفرقة ساليس ساماد عدا اثنين, وتم تحريرهم تدريجيا ليعودوا إلى فرقتهم. وكتب ضابطهم ليتنانت لويس دي فلو , والذي نجا, تقريرًا مفصّلاً حول دفاعهم عن سجن الباتستيل والذي أُدرج في سجل أداء الفرقة. إن موت الماركيز دي لوني.
أسباب الثورة الفرنسية معقدة ومازالت محل جدل بين المؤرخين. بعد حرب السنوات السبع وحرب الاستقلال الأمريكية، كانت الحكومة الفرنسية غارقة في الديون وحاولت استعادة وضعها المالي من خلال خطط ضرائب لم تحظ بشعبية بين العامة. أيضأ سنوات من القحط سبقت الثورة أثارت استياء شعبي على الامتيازات التي يتمتع بها رجال الدين والطبقة الأرستقراطية. صيغت مطالب التغيير من خلال أفكار تنويرية وساهمت في انعقاد مؤتمر الجمعية العامة في مايو 1789 السنة الأولى من الثورة رأت سيطرة الجمعية العامة واقتحام سجن الباستيل في يوليو وإمرار إعلان حقوق الإنسان والمواطن في أغسطس ومسيرة النساء إلى قصر فرساي التي أجبرت البلاط الملكي على الرجوع إلى باريس في أكتوبر. أهم حدث في المرحلة الأولى من الثورة حصل في أغسطس 1789 حيث إلغي نظام الإقطاع والقواعد والامتيازات القديمة التي خلفها حكم أترافي. خلال السنوات القليلة التالية ظهرت صراعات سياسية بين مختلف التجمعات الليبرالية وأنصار الجناح اليميني الموالي للنظام الملكي الذين حاولوا إحباط إصلاحات رئيسية. تم الإعلان عن قيام الجمهورية في سبتمبر 1792 بعد الإنتصار الفرنسي في معركة فالمي. في حدث تاريخي أدى إلى إدانة دولية له، تم إعدام لويس السادس عشر في يناير 1793.
انتخاب الجمعية الوطنية :
كانت الجمعية الوطنية تمثل السلطة التنفيذية في فرنسا، وتقسم إلى ثلاث فئات، حسب طبقات المجتمع: طبقة رجال الدين، وطبقة النبلاء، وطبقة عموم الشعب.نظام التصويت داخل الجمعية يلحظ أنه في حال اعترضت مجموعتين من المجموعات الثلاث على قانون ما، يعتبر لاغيًا. قبيل الانتخابات، طالب الكثير من الفرنسيين تعديل النظام الداخلي للجمعية؛ كما تمت المطالبة بمضاعفة أعداد ممثلي الطبقة الثالثة. غير أن الطبقات الأكثر ثراءً، اعترضت على أي تعديل في نظام التصويت، فحسب رأيها يجب أن يلحظ موقع خاص “لمن لديهم سيادة”؛ رغم هذه المعارضة مرر الملك اقتراح تعديل نظام التصويت في 27 ديسمبر، وترك قضية مضاعفة عدد ممثلي الطبقة الثالثة للأمين العام للجمعية.
أجريت انتخابات الجمعية الوطنية في ربيع 1789، وفق نظام الانتخاب الذي يحصر حق التصويت بالفرنسيين الذكور والذين تجاوزوا الخامسة والعشرين من العمر، مع شرطي الإقامة في فرنسا ودفع الضرائب على الأملاك – أي لا يمنح حق التصويت من لا أملاك له -. كانت نسبة الإقبال قوية، وبلغ عدد المنتخبين في الجمعية 1201 عضو، 291 من النبلاء، 300 من رجال الدين، و610 من أعضاء الطبقة الثالثة. تم تجميع كافة مشاكل فرنسا المالية، ووضعها في جدول أعمال لتقوم الجمعية بمناقشتها، كما وضعت مقترحات جديدة مثل استحداث منصب لجباية الضرائب العامة، وتنوير المدن الفرنسية. تزامنًا عرفت الصحافة الفرنسية مرحلة من الازدهار والحرية بعد رفع الرقابة الحكومية المسبقة عن الصحافة، وهو ما ساهم في صدور مقالات وتقارير عن الوضع الاجتماعي والمطالبة بالعدالة، مثل كتيب “ما هي الطبقة الثالثة؟” الذي نشر في يناير 1789، من تأليف الكاهن الكاثوليكي إيمانويل سييس، وجاء مختصر جوابه: “الطبقة الثالثة هي كل شيء لم يتم تمثيله في النظام السياسي القائم، أتريد أن تكون شيئًا؟”. عقدت الجمعية اجتماعها الأول في قصر ساليس سابقًا في فرساي يوم 5 مايو 1789، وافتتحت بكلمة دامت ثلاث ساعات من قبل نيكر.
في بيان برونزيك، هددت الإمبراطورية البروسية سكان فرنسا، بالتدخل العسكري لإعادة النظام الملكي؛ هذا البيان إلى جانب أمور أخرى أقل أهمية جعلت لويس يبدو بمظهر المتآمر مع أعداء فرنسا. في 17 يناير 1793، أدين لويس السادس عشر بتهمة “التآمر ضد الحرية، والسلامة العامة” وحكم عليه بالإعدام بأغلبية 361 صوت مؤيد، و288 صوت معارض، و72 صوت موافق مع تأجيل التنفيذ. أعدم الملك السابق لويس السادس عشر، والذي دعي بعد خلعه ببساطة المواطن لويس كابيت، بالمقصلة يوم 21 يناير 1793 في ساحة الثورة – ساحة الكونكورد حاليًا .
تعتبر الثورة الفرنسية إلهاماً للثورات العالمية التي حدثت لاحقاً
تلك نبذة عن أعظم ثورات التاريخ الإنساني المعاصر الثورة الفرنسية حتى يعيش الشعب في ظل الحرية والعدالة والإخاء والمساواة وتلك هي مبادئ ومكاسب الثورة الفرنسية .
محمد حسن كامل