بقلم. المخترع. د. رضا عفيفي
كشفت الدراسات أن القمامة ذات قيمة اقتصادية ومصدر للموارد لاينتهي ، يمكنها أن تحل كثيرا من مشكلاتنا الاقتصادية ، وتفتح المجال للتوسع الصناعي والزراعي .
ولكن القضية ليست رفع شعار ، ولكنها ترتبط بثقافة النظافة لدي المواطن ، لذا يجب توعية المواطن بأخطارها ، فالقمامة والنفايات المتخلفة عن المباني المنزلية والتجارية والهدم والمحاصيل الزراعية والحيوانية ، ونفايات المصانع والمعامل والمستشفيات ، ذات كميات هائلة ، فالقضية ليست هنا مجرد نقل لهذه الكميات لتمثل عبئا علي مكان آخر ، دون أن تكون هناك رؤية للإفادة القصوي منها وما بها من معادن وبلاستيك وأخشاب ، وعلف جيد للحيوان فالقضية هنا هي مدي فهم المواطن والمسئولين ، في أن القمامة والنفايات نعمة ونحولها إلي نقمة ، تكون مصدر لتبوير الأرض وانتشار الأمراض وتلوث البيئة ، مما أضر بحياتنا ، ونحن جميعا للأسف ندفع ثمن هذه الفوضي البيئيه .
القمامة والمخلفات هي مصدر الأمراض وانتشارها بما لا يقل عن 90% في البيئة المصرية إذ تنشر نحو 42 مرضا كلها خطيرة ، حيث قدرت أجهزة البيئة والأمم المتحدة أن التلوث الناتج عنها يكلف مصر نحو 24 مليار جنيه ثلثيها تنفق علي العلاج والدواء والثلث الباقي بسبب تدهور الثروات الطبيعية ، بطريقة مباشرة ، حيث أثبتت البحوث وجود علاقة مباشرة ، إن النفايات والقمامة لها دور أساسي في الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السرطان والفشل الكبدي والكلوي والاجهاض وتشوه الاجنة ، وأمراض الجهاز التنفسي والتحجر الرئوي وفقر الدم والإصابة بالطفيليات ، فضلا عن تقرير الأمم المتحدة عن أن بيئة القمامة تولد مجموعة من الأمراض الاجتماعية مثل الارهاب والتوتر وسوء معاملة الزوجات والأطفال والاغتصاب فهي مسئولة عن ارتفاع نسبة وفيات الأطفال .
كما أن المعالجة الحالية للتخلص من القمامة بالحرق في العراء ، تولد غازات خانقة حول الانسان والكرة الأرضية ، وهي سبب أساسي في التأثير علي طبقة الأوزون ورفع درجة حرارة الأرض التي يحقق فيها نحو 25 بليون طن ثاني أكسيد الكربون ، والميثان الذي يماثل 25 ضعفا لثاني أكسيد الكربون ، وغاز النيتروز الذي يماثل 230 ضعفا والكلور الذي يعادل 150 ألف ضعف ثاني أكسيد الكربون ، أي أن الكرة الأرضية تختنق بالفعل ، فهناك مثلا بالقاهرة وحدها مصانع تفرز نحو 5 آلاف طن ثاني أكسيد الكربون إضافة لثاني أكسيد الكبريت والنيتروجين وعشرات الغازات التي لا تحصي وهي جميعا خانقة ، فضلا عن نحو مائة مصنع طوب و750 مسبكا ومحارق للفخار والحجارة والقمامة بما يعادل حرق نحو مائة طن سولار علي الأقل يوميا ، فإذا أضفنا إليها ألفي أتوبيس تستهلك 160 مليون لتر سولار سنويا .
وضعفها من سيارات النقل الخاص والملاكي بما يفوق افراز 3 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون والكبريت والغازات السامة الضاره بالأنسان والبيئه .
القيمة الأقتصادية :-
الحجم الحقيقي للنفايات المنزلية والقمامة في مصر ، يبلغ 31 مليون طن سنويا ، وترتبط الكمية الصادرة عن الفرد بمستواه الاجتماعي والاقتصادي ، ويكون نصيب الفرد نصف كيلو قمامة يوميا إذا كان في مجتمع فقير ، وكيلو واحد للطبقة المتوسطة ، وتصل إلي 1.5 كيلو في المجتمعات الغنية .
مشكلتنا الحالية أننا مازلنا نفكر بعقلية القرن 19 في التخلص من النفايات بأنواعها ، مما جعل هذه المشكلة تتفاقم ، مما دفع بعض المحافظات أن تستعين بشركات أجنبية لمواجهتها ، ودفعت المليارات دون جدوي ، لذلك فليس أمامنا سوي تطبيق الأساليب العالمية لتحويل النفايات المنزلية إلي طاقة .
فالقمامة يمكنها أن تنتج 15 مليون طن سماد طبيعي يستصلح 2 مليون فدان زراعي جديد ويمكن زيادة امكاناتها لرفع خصوبتها ، كما تنتج القمامة 605 آلاف من الأطنان من الحديد يمكنها أن تدخل في صناعة حديد التسليح والمنتجات المعدبية ، وكذلك 5 ملايين طن ورق و600 طن زجاج و190 ألف طن بلاستيك و800 طن قماش .
المشروعات الاستثمارية في مجالات النفايات والقمامة يمكنها أن توفر نحو مليون فرصة عمل وإنشاء مئات من الصناعات التي تستوعب قوي بشرية بكل المستويات مدربة وغير مدربة .
الجميع يعلم أن القمامة ثروة ، تدر أرباح عالية جدا علي العاملين بهذه المهنه ، كما نعلم أن دول كثيرة أستفادت بطريقه مباشرة من هذه القمامة ، مثل دولة البرازيل ، وغيرها من الدول ، كانت سببا في تحسين أوضاعها الأقتصادية ، بل وأصبحت من الدول الغنية والتي تمتلك الفائض من الأموال ، بعد ما كانت من الدول الفقيرة ، بل كانت أكثر سوءا مما نحن فيه .
لذا يجب أن نتعامل مع القمامة ، بمفهومها الصحيح والحقيقي ، بأنها ليست ( مخلفات ) بل هي ( بدايات ) نعم ، فهي بدايات لصناعات كثيرة قائمه ، لكي نحولها من نقمة الي نعمة .
العمل لحل هذه المشكلة المدمرة لمواجهة أخطار النفايات والقمامة :-
1 – أنشاء شركة مساهمة مصرية بكل محافظة من محافظات مصر ، علي أن تكون كل شركة مختصه بالمحافظة التابعه لها فقط ، ولا يجوز أن تعمل الشركة خارج نطاق المحافظة ، وأن تكون شركة تقدم خدمة و تهدف الي تحقيق الربح .
2 – أن تحمل الشركة أسم المحافظة التي تعمل بها ، مثلا ( شركة القاهرة للخدمات البيئية ) وهكذا مع باقي المحافظات .
3 – علي أن يتم تأسيس هذه الشركات من رجال الأعمال وأبناء نفس كل محافظة ، وأيضا يعمل بها أبناء المحافظة فقط .
4 – أن تراعي الشركة منظومة الأجور للعاملين ، وذلك بألتزامها بتطبيق الحد الأدني للأجور وهي مبلغ 1200 جنيه شهريا للعامل .
5 – يكون دور المحافظة فقط هو المتابعه والرقابه وتنفيذ بنود العقد ، وأيضا توقيع العقوبات والجزاءات علي الشركة ، في حالة المخالفة لتنفيذ بنود العقد وشروط تقديم الخدمة المتفق عليها .
6 – تقوم المحافظة بتوفير أماكن للفرز والتجهيز لأعادة التدوير ، وذلك بمقابل مادي ، بمعني أن تقوم الشركة بدفع الأيجار الملأئم والمناسب للمحافظة ، مقابل هذه الأراضي ، وذلك حسب التقديرات الأيجاريه السائده بكل محافظة .
7 – تقوم الشركة بدفع الضرائب للدولة ، ولكن من الممكن أعفاء هذه الشركات من دفع الضرائب ، في أول عامين ، حتي يكتب لهذا المشروع النجاح .
8 – تقوم الشركة بأستلام القمامة من المنازل ، ولايتم وضعها بالشارع ، لأي أسباب .
9 – الشركة أيضا مسئولة عن نظافة الشوارع .
10 – علي أن تقدم الشركة الخدمة مقابل ( 5 جنيهات ) شهريا يدفعها المواطن ، وهو ما تحصله الدولة حاليا بالفعل علي فواتير الكهرباء ، وذلك دون زيادة .
11 – بالنسبة لعمال النظافة الموجودين حاليا بكل محافظات الجمهورية ، التابعين للوحدات المحلية ، سوف يكون طبيعة عملهم هو زرع وتشجير وتجميل جميع شوارع وميادين مصر .
الدراسة التفصيلية للمشروع :-
1 – كل عامل مسئول عن أستلام القمامة من منزل عدد ( 500 مشترك ) .
( 500 مشترك x 5 جنيهات قيمة الأشتراك = 2500 جنيه شهريا ) .
2 – عدد فريق العمل لكل منطقة مكون من ( 10 عمال ) مسئولين عن أستلام القمامة يوميا من منزل المشترك .
( قيمة ما يحصله فريق العمل = 2500 جنيه x 10 عامل = 25000 جنيه شهريا ) .
3 – مساحة منطقة العمل ، غالبا ما تكون في محيط ( نصف كيلو متر مربع ) وهو ما يكون في نطاق عدد ( 5000 مشترك ) المسئول عنهم فريق العمل .
4 – في كل منطقة عمل يوجد عدد ( 5 عمال ) مسئولين عن نظافة الشوارع في نطاق منطقة العمل .
5 -يوجد في كل منطقة عمل سائق ( فرد واحد ) يقوم بنقل المخلفات من مكان فريق العمل الي المكان المخصص لفرز وفصل المخلفات .
6 – يوجد في كل منطقة عمل مشرف منطقة ( فرد واحد ) وهو مسئول عن أدارة ومراقبة ومتابعة فريق العمل ، المكون من ( 16 عامل ) ( 10 عمال أستلام القمامة من المنازل + 5عمال نظافة الشوارع في هذه المنطقة + واحد فرد سائق مسئول عن نقل القمامة من منطقة فريق العمل الي المكان المخصص للفرز ) .
7 – يوجد في المكان المخصص للفرز والفصل ( عدد 3 عمال ) مسئولين عن فرز وفصل مخلفات عدد ( 5000 مشترك ) .
* تغطي قيمة أشتراكات ( 5000 مشترك بقيمة 5 جنيهات للمشترك الواحد ) مرتبات فريق العمل المكون من ( 20 عامل ) ( مع مراعاة تطبيق الحد الأدني للأجور ) .
( 20 عامل x 1200 جنيه = 24000 جنيه )
* يوجد فائض أموال يحول أرباح للشركة وهو مبلغ ( 1000 جنيه ) من كل فريق عمل واحد ( علما بأن سوف توجد في كل محافظة أكثر من 100 فريق عمل ) .
* بما أن الشركة تهدف الي تحقيق أرباح ، وتوجد عليها أعباء والتزامات مثل :-
1 – السيارات والمعدات .
2 – دفع أيجار المقرات الأدارية وأماكن الفرز وأعادة تدوير المخلفات .
3 – الزي الموحد للعاملين بالشركة .
4 – دفع أشتراكات التأمينات الأجتماعية علي العاملين بالشركة .
5 – توفير التأمين الصحي الملأئم لرعاية العاملين بالشركة .
6 – دفع الضرائب للدولة ( ولكني أفضل أن تعفي هذه الشركات في أول عامين من بداية المشروع ) .
7 – تحقيق ربح يرضي المساهمين في رأس مال الشركة .
* كل ذلك سوف يتم وأكثر من ذلك ، في المرحلة الثانية لهذا المشروع ، وهو أعادة التدوير ، بأسلوب علمي ، حيث كما ذكرنا سابقا ، هذه ليست مخلفات .. بل هي بدايات ومدخلات لمشروعات قائمه ، حيث تتكون هذه القمامة الي نوعين وهما :-
* المواد الصلبه وهي عبارة عن :-
1 – الورق والكرتون .
2 – البلاستيك بأنواعة .
3 – المعادن بأنواعها ( مثل الحديد ومتمثل في علب المعلبات وأيضا الألمونيوم ومتمثل في علب العصائر والمشروبات الغازية ) .
4 – الزجاج .
* علما بأن كل هذه المواد السابق ذكرها تتحول الي أموال ، حيث أثبتت الدراسة العلمية ، بأن المخلفات الصلبه لكل وحدة سكنية ، تتحول الي مبلغ يتراوح ما بين (20 جنيها الي 50 جنيها ) شهريا .
* وهذه النسبة تختلف من مكان الي أخر ، حسب الظروف المعيشية والأقتصادية .
تنوية : –
* سعر بيع كيلو زجاجات المياة (4 جنيهات ) حيث يتم أعادة تصنيعها لتحويلها فيبر ، لتباع من 15 جنيها الي 17 جنيها للكيلو .
* سعر بيع كيلو علب الكانز( 8 جنيهات ) علما بأن ( عدد 76 علبة كانز تزن كيلو جرام ) .
* سعر بيع كيلو زجاجات زيت التموين ( 4 جنيهات ) علما بأن ( عدد 45 زجاجة تزن كيلو جرام ) .
* سعر بيع كيلو الصفيح ( 2.5جنيها )
* المواد العضوية :-
وهي المواد التي تتحول الي طاقة ، وذلك لسد العجز المتزايد في مصادر الطاقة ، وايضا أنتاج السماد العضوي ، من أجل منتجات زراعية نظيفة ، بالأضافة الي ذلك يساعد السماد العضوي في زيادة خصوبة الأراضي الزراعية ، وقد سبقتنا دول كثيرة منذ عقود طويلة ، في هذا المجال وأصبح لديهم التقنيات المتعارف عليها مثل .
1 – أنتاج السماد العضوي :-
تتوفر النفايات المنزلية علي نسبة كبيرة من المواد العضوية أكثر من 60% ، مما يسهل عملية معالجتها بيولوجيا ، بأستعمال ( بكتريا وفطريات ) وحيوانات دقيقة ( ديدان الأرض وبعض الحشرات ) حيث تخضع لتفسخ هوائي ، نتيجة تحليل البروتينات ، والسيليلوز والمواد العضوية الأخري ، لتحويلها الي سماد عضوي .
2 – أنتاج البيوجاز :-
يتم معالجة المواد العضوية بيولوجيا في وسط لا هوائي ، بواسطة بكتريا لا هوائية ، فينتج عن ذلك تكون غاز ( الميثان ) يمكن أستعمالة كمصدر للطاقة في ( الأنارة ، والتسخين ، الطهي ، الي أخره ) .
* نتيجة هذه المعالجة تبقي حثالة عضوية ، يمكن أستعمالها كسماد عضوي .
3 – كما توجد طرق أخري كثيرة :- مثل حرق النفايات داخل أفران تحت درجة تقارب 1000C5 ، لتسخين الماء داخل أنابيب خاصة ، فينتج عنه بخار ماء ، يشغل محول لتوليد طاقة كهربائية تقدر ( 258 Kw ) لكل طن من المحروقات .
* علما بأن خلال هذه العملية تتم معالجة الأدخنه قبل طرحها في الهواء ، عن طريق ترشيحها من الغبار والمعادن الثقيلة .
* نتيجة هذه المعالجة تبقي حثالة ، يتم أرسالها الي محطات خاصة ( بالكمر ) تحترم شروط السلامة البيئية .
( معا من أجل بيئة خضراء ونظيفة )
د . رضــا عـفـيـفـي
مخترع و باحث في مجال الطاقة النظيفة المتجدده و المستدامه
عضو مجلس علماء مصر
عضو نقابة المخترعين المصريين
عضو الجمعية العلمية للعلماء المخترعين
عضو جمعية المخترعين والمبتكرين المصرية
عضو منظمة جرين لحماية كوكب الارض بالمملكه المتحده
مسجل باحث في مركز لوكس لأبحاث الطاقه الامريكي