بقلم العالم الموسوعي د محمد حسن كامل رئيس اتحاد الكتاب والمثقفين العرب
6 بولفار سوشيه باريس 75016
هذا كان عنوان إقامتي فور وصولي إلى باريس
بولفار سوشيه من أجمل شوارع باريس في الدائرة السادسة عشر .
تنقسم باريس إلى 20 دائرة
ولكل دائرة لها محافظ يتولى رعاية مصالحها رعاية كاملة
وكل المحافظين للدوائر يحمل تحت رقابة عمدة باريس
ومن أشهر العُمد الذي تولى منصب العمدة هو الرئيس السابق جاك شيراك
الذي إلتقيت معه مرات عديدة خاصة في الإحتفال بعيد ثورة 23 يوليو والذي يحرص مشاركة السفارة المصرية في هذا الإحتفال .
كل صباح كنت أستقل مترو الأنفاق من محطة (( لاميت )) إلى محطة لوكسمبورج أو سان ميشيل حيث جامعتي (( السوربون ))
أتذكر هذا البناء الشامخ , وتلك الابواب العتيقة , والأعمدة التاريخية , والحوائط التي تزخر بروائع فناني فرنسا وتاريخها العريق .
تملكني الخوف حينما دفعت تلك الأبواب لأسافر عبر تاريخ الجامعة العريقة .
كنت أحاول أن أحتفظ بالإنفعال اللحظي الذي كان يزيدني رهبة .
وكأن أرواح عمالقة الأدب والفكر والفن والقانون والفلسفة تبتسم لي من بين ثنايا الجدران العتيقة , عالم أخر , سفر في شِعاب التاريخ , لقاء مع فيكتور هوجو , الفونس دوتيه , بلزاك , لافونتين , فولتير وغيرهم أصحاب النهضة الحضارية في فرنسا .
قدمت أوراقي للموظفة المختصة , فطلبت منى 4 صور مع الدوسيه
سألت عن أقرب استوديو قالوا لي هناك ماكينة تضع فيها 4 فرنكات تصورك 4 صور في الحال , هذه الماكينة في ممرات محطة المترو في سان ميشيل .
وصلت إلى كابينة التصوير , وقرأت المعلومات وطريقة التنفيذ , ووضعت النقود التي ابتلعتها الماكينة واخرجت لي صوراً لا تشبهني لا من قريب ولا من بعيد .
رجعت إلى موظفة الإلتحاق وقدمت لها الصور .
فضحكت وقالت هل هذاهو انتَ….؟
فقلت لها تلك هي الماكينة يمكن سؤالها , أو ابحث مع الشرطة …..!!!
واتمت لي التسجيل وأخيراً حصلت على بطاقة جامعة السربون التي كنت استخدمها في دخول مكتبات الجامعة وبالطبع مطاعم الجامعة ذات الثمن المخفض للطلبة .
تلك البطاقة التي عثرت عليها وانا أبحث عن بعض الأوراق الخاصة بي
عشت فرحة اللقاء مع تلك الذكريات السوربونية فأردت أن نعيشها سوياً .
مازلت اتذكر شارع المدارس بباريس الدائرة الخامسة الذي يقع في هذا البناء التاريخي
لجامعة السوربون (بالفرنسية: Sorbonne) حينما وطئت قدماي هذا البناء العريق طالباً لدراسة التاريخ والحضارة الفرنسية ثم الادب المقارن وكان ذلك في يوم 26 يناير عام 1983 , وجامعة السربون جامعة باريسية رفيعة المستوى، وهي من أعرق وأرقى الجامعات في العالم. وتوجد في الحي اللاتيني للعاصمة الفرنسية باريس. تأسست قبل 750 سنة في العام 1253 للميلاد وذلك في القرون الوسطى بجهود روبير دي سوربون (Robert de Sorbon) المرشد الروحي للملك لويس التاسع ملك فرنسا. وتعتبر من أقدم جامعات العالم . وقد استمدت بعض علومها من الحضارة الإسلامية العربية في {الاندلس} ‘وهي أول جامعة تقدم شهادة الدكتوراة. كما أن الجامعة تمتاز في تخصصات التاريخ والشؤون الدولية والاداب والعلوم الاجتماعية , قسمت جامعة باريس سنة 1970 إلى 13 جامعة. وهناك اليوم من الثلاثة عشر جامعة المستقلة حاليا، اربعة لها وجود في مبنى السوربون التاريخي وهي جامعة باريس الأولى (بانتيون-سربون)، وجامعة باريس الثالثة – السوربون الجديدة، وجامعة باريس الرابعة (باريس-سربون) وجامعة باريس الخامسة (باريس ديكارت). ولجميعها مقار في البنايات القديمة للسوربون. وتشمل ثلاث منها كلمة “السوربون” في أسمائها. وتعد شهادتها مفتاحًا للمناصب العليا الرفيعة وللشهرة. بين جدران هذا البناء الشامخ كتبت أجمل يوميات سميتها (( يوميات مهاجر في بلاد الجن والملائكة )) بدأت في نشرها في اتحاد الكتاب والمثقفين العرب وهي تحكي قصة زيجة ثقافية بين الشرق والغرب في يوميات رائعة.
على بُعد خطوات معدودة تكون حدائق لوكسمبورج , تلك الحدائق التي كنت أستريح فيها في وقت الراحة , وهي ثاني حديقة في باريس من حيث المساحة .
تبلغ مساحة الحديقة 224500 متر مربع وتقع في باريس الدائرة السادسة , وهي حديقة مجلس الشيوخ الفرنسي .
الجو الرومانسي وتماثيل ملكات فرنسا وبعض القديسيين جعل للحديقة صبغة فنية تاريخية أدبية رائعة .
تلك الحدائق التي إستقبلت رائعة فيكتور هوجو (( البؤساء )) 1815
كنت أنتظر زميلتي الفرنسية الأنسة (( G L )) تلك الحروف الأولى إختصاراً لأسمها
كانت فتاة جميلة تعرفت عليها في حادثة لا تُنسى
كنا في الشتاء وتحولت باريس إلى مدينة بيضاء في كل شئ من الثلوج .
اسطح المنازل الشوارع العربات الأرصفة
كل شئ أبيض في أبيض
وبما أني جاهل في التعامل مع الجليد والمشي على الجليد
اختل توازني ووقعت على الأرض
مستلقيا على ظهري
فجأة وجدت ملاكاً قادماً من السماء
يتدلى شعرها الاصفر على وجهي
وإبتسامة دافئة
وتسألني هل أصابني ضرر ؟
هل أطلب الإسعاف ؟
وأخذت بيدي على كتفيها ووصلت بي إلى اقرب مقهى
وتم التعارف بيننا
وكم كانت سعادتي حينما عرفت أنها تدرس الأدب اللاتيني في جامعة السربون
ومن هنا كان طريقنا واحد .
كنا نلتقي في وقت الفراغ بين المحاضرات في تلك الحديقة .
حديقة لوكسمبورج
وكنا نقرأ سوياً شعر لامارتين من كتاب أحتفظ به في مكتبتي حتى الان وعليه إهداء منها
بدأت أسجل تلك اللحظات الرائعة في يوميات مهاجر في بلاد الجن والملائكة
حصرياً في اتحاد الكتاب والمثقفين العرب